التقارير

هل هو حقا حائط البراق للمسلمين أم حائط المبكى لليهود؟ 


 

محمد صادق الحسيني ||

 

-  أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين اندلعت ثورة البراق عام ١٩٢٩م ضد المستعمر البريطاني احتجاجا على تسهيلات قدمها الانجليز لليهود للوصول والصلاة عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى ، ولم تهدأ الثورة إلا بعد أن قبل الانجليز إحالة النزاع إلى محكمة دولية للبت هل الحائط هو حائط البراق الإسلامي أم هو حائط المبكى اليهودي ! 

- عين وزير المستعمرات البريطاني في ١٣ سبتمبر ١٩٢٩م  لجنة عرفت باسم لجنة شو ، للتحقيق في الأسباب المباشرة للانتفاضة ، ووضع التدابير لمنع تكرارها  ، وكان من توصيات  لتحديد الحقوق والادعاءات تجنباً لحدوث انتفاضات أخرى اقترحت الحكومة البريطانية على مجلس عصبة الأمم تشكيل لجنة لهذا الغرض ، حيث وافق مجلس العصبة في  ١٥ مايو  ١٩٣٠م على تشكيلها برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق في حكومة السويد رئيساً ، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف ، ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة ، وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق ، وعضو برلمان هولندا ، وهي لجنة دولية محايدة وعلى أعلى مستوى قضائي وتحكيمي . 

- وصلت اللجنة إلى القدس في ١٩ يونيو  ١٩٣٠م حيث أقامت شهراً كاملاً في فلسطين ، وكانت في كل يوم تعقد جلسة أو جلستين ، وأثناء الجلسات التي عقدتها اللجنة وعددها ٢٣ جلسة ، استمعت اللجنة إلى شهادة ٥٢  شاهداً من بينهم ٢١ من حاخامات اليهود و ٣٠  من علماء المسلمين ، وشاهد واحد بريطاني . 

قدم الطرفان إلى اللجنة ٦١ وثيقة ، منها خمس وثلاثون مقدمة من اليهود ، وست وعشرون وثيقة مقدمة من المسلمين . 

- تقاطرت الوفود من أنحاء العالم الإسلامي إلى القدس للدفاع عن القضية وإعلان تمسك المسلمين بملكية الحائط ، فقد سافر من مصر أحمد زكي ، ومحمد علي علوبة ، ومحمد الغنيمي التفتازاني ، ومن العراق مزاحم الباجهجي ، ومن لبنان صلاح الدين بينهم ، ومن إيران ميرزا مهدي ، ومن أفغانستان السيد عبد الغفور ، ومن أندونيسيا أبو بكر الأشعري وعبد القهار مذكر ، ومن الهند عبد الله بهائي والشيخ عبد العلي ، ومن بولونيا مفتيها الدكتور يعقوب شنكوفتش ، إضافة إلى عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة عوني عبد الهادي ، أمين التميمي ، أمين عبد الهادي ، جمال الحسيني ، محمد عزت دروزة ، راغب الدجاني ، والشيخ حسن أبو السعود ، إضافة إلى شخصيات أخرى شاركوا من مراكش والجزائر وطرابلس والمغرب وسوريا وشرقي الأردن . 

- ثبت للمحكمة الدولية أن حجة المسلمين كانت هي الغالبة ، إذ استطاع دفاعهم أن يثبت أن جميع المنطقة التي تحيط بالجدار وقف إسلامي ، بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية ، وأن نصوص القرآن وتقاليد الإسلام صريحة بقدسية المكان عندهم ، وأن زيارة اليهود للحائط ليس حقا لهم ، بل كانت  منحة محددة بموجب أوامر الدولة العثمانية ، وبموجب أوامر الحكم المصري للشام ، ولم تكن إلا استجابة للالتماسات المتكررة بزيارة المكان دون السماح لهم بإقامة شعائر الصلاة في هذا المكان ،  ويكتفى بالدعاء بلا صوت ولا إزعاج ولا أدوات جلوس أو ستائر . وكان ذلك منحة من الحكومات المسلمة كنوع من التسامح الديني وليس حقا تاريخيا ولا دينيا  ولا عقاريا !

- جاء قرار المحكمة بعد أكثر من خمسة أشهر من بدء جلسات اللجنة الدولية في القدس ، وبعد أن استمعت إلى ممثلي العرب المسلمين وممثلي اليهود ، واطلعت على كل الوثائق التي تقدم بها الطرفان ، وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين عقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من ٢٨ نوفمبر إلى ١  ديسمبر ١٩٣٠م ، حيث انتهت اللجنة بالإجماع إلى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية : للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف ، التي هي من أملاك الوقف ، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط ، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير . 

- إن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يجلبها اليهود ويضعونها بالقرب من الحائط لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له .

- وتضمن القرار عدداً من النقاط الأخرى أهمها منع جلب المقاعد والرموز والحصر والكراسي والستائر والحواجز والخيام ، وعدم السماح لليهود بنفخ البوق قرب الحائط ،  وقد وضعت أحكام هذا الأمر موضع التنفيذ اعتباراً من ٨ يونيو  ١٩٣١م ، وأصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الموضوع اعترف بملكية المسلمين للمكان وتصرفهم فيه .

- وقد حمل كل من الحكم الدولي والكتاب الأبيض اليهود على التزام حدودهم ، ولم يلبث صوت اليهود أن خفت ظاهريا بالنسبة لموضوع الحائط ، كما أصدر ملك بريطانيا على أساس ذلك المرسوم الملكي المعروف باسم مرسوم الحائط الغربي لسنة  ١٩٣١م الذي نشر في حينه في الجريدة الرسمية لفلسطين .

مركز المعلومات الوطني الفلسطيني

 

وعيك - بصيرتك

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك