التقارير

ايران..احتجاجات المياه !


 

محمد صالح صدقيان ||

 

ليست هذه المرة الاولی الذي يحتج فيها المواطنون في محافظة خوزستان الايرانية ذات الغالبية العربية علی السياسة المائية في منطقتهم ؛ لكنها المرة الاولی التي سمعت ايران بأكملها معاناة محافظة ترقد علی بحيرة من النفط ومن حولها المياه الغذبة بيد ان 700 مدينة وقرية في المحافظة تفتقد لمياه الشرب والسقي في ظل درجات حرارة تجاوزت الخمسين درجة .

اسباب متعددة تقف وراء هذه الظاهرة التي اعطت المواطنين الحق في الاحتجاج من اجل تحسين الاوضاع الخدمية السيئة التي تمر بها المحافظة وهي بطبيعة الحال ليست وليدة الساعة ولا تخص حكومة دون غيرها .

هذه المحافظة كانت قد احٌتل قسم كبير منها من قبل النظام الصدامي ابان الحرب على ايران ؛ ووقفت تقاوم المحتل الذي احرق مدنها وبساتينها وعاث فيها الفساد حتی ان نخيلها لم يسلم من الاعتداء ؛ ناهيك عن القتل والتهجير والاضطهاد الذي مارسه مع اهلها ؛ لكنها بقيت صامدة تحت نير الصواريخ وأزيز الطائرات والقذائف لثماني سنوات عجاف ؛ ولازالت العديد من مناطقها تعاني من تداعيات تلك الحرب المجنونة العبثية الظالمة .

صيحة الخوزستانيين هذه المرة وصلت بوضوح للعاصمة طهران ولأصحاب القرار الذين اعترفوا بسوء ادارة واهمال اصاب هذه المحافظة علی الرغم من تاكيد القيادة الايرانية ضرورة وضع البرامج الكفيلة لانجاز مشاريع المياه والمجاري واعادة صياغة نظم الخدمات المتهالكة للمواطنين .

علينا ان لا نستبعد دور المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة علی ايران والتي اثرت علی الكثير من المشارع والخطط التنموية في جميع المحافظات الايرانية لكن يبدو ان حصة محافظة خوزستان كان لها حصة الاسد من هذه العقوبات . عقوبات امريكية واخری حكومية وثالثة نابعة من اهاليها !.

العقوبات الامريكية اثرت علی مفاصل مهمة من مفاصل الحياة العامة وحرمت المواطنين من ايرادات النفط وبالتالي انعكست هذه الحالة علی جميع القطاعات المالية والخدمية . الحكومة تقول "وهو حق يراد به باطل" عدم وجود تخصيصات مالية وبذلك تم ايقاف جميع المشاريع في البلاد بسبب نقص الموارد المالية بما في ذلك مشاريع المياه في خوزستان . اما اهالي المحافظة فاعتقد انهم يتحملون قسطا كبيرا من الوضع الذي تشهده المحافظة التي تملك 18 مندوبا منتخبا في البرلمان الايراني ومجلس خبراء القيادة اضافة الی جيش من اعضاء مجالس البلديات في مدن وقری المحافظة ؛ ناهيك عن ائمة الجمعة والجماعة الذين لهم مكانة عند العشائر وعند الحكومة . هؤلاء جزء من مأساة المحافظة . لا تسمع لهم صوت .. خائفون .. مهزمون .. يتنفسون بصوت خافت لا تكاد تسمع لهم صوت ؛ يختبؤون وراء ظلهم حفاظا علی ما حصلوا عليهم من منصب او مال لا يسمن ولا يغني من جوع .

المرشد الايراني الاعلی اية الله علي الخامنئي زار المحافظة عدة مرات كان اخرها عام 2014 وتم الاتفاق علی تخصيص الموارد المالية الكافية لاستكمال مشاريع المجاري والمياه في المحافظة بعدما وقف علی حقيقة الاوضاع ؛ لكنها بقيت ادراج مكاتب الحكومة دون اي متابعة من المنتخبين من نواب المحافظة الذين يتحملون الوزر الاكبر للمأساة التي تشهدها المحافظة حاليا .

البعض من ابناء المحافظة يعتقد انه يستطيع ان يرقص علی جراح المحافظة وازماتها منسجما مع اصوات خارجية تدعو للوقوف امام النظام السياسي لتحقيق اهداف انفصالية او امنية يعارضها عموم ابناء المحافظة .

السيد الخامنئي الذي وصف الخوزستانيين ب " الاوفياء " قال انه لا يستطيع ان يعتب علی احتجاجات المواطنين الذين يعانون من شحة المياة لكنه ألقی باللائمة " وهو محق " علی التلكؤ الذي حصل في تنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق عليها .

ان ايجاد حل جذري لمشكلة المياه ووضع سياسة مائية وخدمية صحيحة ومستدامة في محافظة خوزستان كفيل بسد حاجات المواطنين وغلق باب كل من تسول له نفسه استغلال هذه المشكلة لاغراض سياسية او امنية .

U2saleh@gmail.com

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك