التقارير

مقاطعة المسلمين للبضائع الفرنسية توجع الاقتصاد الفرنسي

3004 2020-12-04

 

متابعة ـ عمار الجادر ||

 

وجد الاقتصاد الفرنسي نفسه سنة 2020 أمام تحديات كبيرة، فبالإضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا تعرضت السلع الفرنسية إلى حملة مقاطعة كبيرة، خرجت من العالم الافتراضي إلى الواقع، بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الداعمة لرسوم مجلة “شارلي إيبدو” المسيئة للنبي محمد(ص).

 

ويُعول الاقتصاد الفرنسي على الاستثمارات الخارجية، إذ إن فرنسا هي خامس مُصدر للسلع في السوق العالمي، وتصل نسبة صادراتها إلى 3.1% من الإنتاج الداخلي، كما أنها الأولى أوروبياً، والسابعة عالمياً في الاستثمار الخارجي المباشر، وذلك لضبط توازن ميزانها التجاري وسد العجز ومنع الخلل.

 

وتصدر فرنسا، حسب موقع وزارة الاقتصاد والمالية كل ما يتعلق بصناعة الطيران، والمستلزمات الطبية، والنسيج والملابس، ومواد العطور والتجميل، بالإضافة إلى الأزياء، والإلكترونيات، والسيارات، والمشروبات.

 

وتعرضت المنتجات الفرنسية إلى حملة مقاطعة كبيرة في عدد من الدول العربية والإسلامية، منها تركيا، التي تبنَّى رئيسها رجب طيب أردوغان بشكل مباشر حملة المقاطعة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد الفرنسي، خصوصاً أن عدداً من الشركات الفرنسية تُصدر نسبة مهمة من أرباحها في الخارج، وتركيا تعد أول بلد إسلامي قبل الجزائر والمغرب المستوردة للسلع الفرنسية.

 

في السياق ذاته، أعلن اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بالكويت مقاطعة المنتجات الفرنسية، بسبب الإساءة الفرنسية للنبي محمد (ص)، كما أن السعودية وهي أكبر اقتصاد عربي، انتشر فيها وسم يدعو لمقاطعة سلسلة متاجر “كارفور” الفرنسية.

 

وشملت حملة المقاطعة منتجات الاستهلاك اليومي، خاصة المواد الغذائية ومواد التجميل، رغم أن فرنسا تعتمد بشكل كبير على التصدير غير المباشر، وذلك بـ”الصنع المحلي” في البلدان الخارجية، نظراً لتوفر اليد العاملة بأثمان رخيصة عكس اليد العاملة الفرنسية.

 

وكشف علي العمراني، باحث اقتصادي مغربي في تصريح لـ”عربي بوست”، أن “حملة المقاطعة التي تخضع لها السلع الفرنسية لم تنتهِ بعد، وهناك بعض الدول التي تطبقها بشكل فعلي، كالكويت مثلاً وقطر، مقابل ذلك هناك مواطنون اتخذوا قرار عدم شراء السلع الفرنسية، وهذا الأمر ليس بالهين”.

 

وأضاف المتحدث أن “حملة المقاطعة للسلع الفرنسية لن يكون لها تأثير آني، ولكن سيكون على المدى القريب أو المتوسط، خصوصاً أن هناك سوقاً تنافسية كبيرة في السلع الموجهة للاستهلاك اليومي والسيارات أيضاً، نظراً لوجود سوق بديل، محلياً أو إقليمياً”.

 

ورغم مرور شهر كامل على إطلاق حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية على مواقع التواصل، فإنه مازال وسم (مقاطعة المنتجات الفرنسية) يعتلي قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في عدد من الدول العربية التي أعلن فيها عن انطلاق الحملة.

 

وأمام حملة المقاطعة هذه اختارت فرنسا أن تتجه إلى خطاب التصعيد بإعلانها عدم التراجع، كما أن حملات المقاطعة والتظاهر في البلدان هي قادمة من “أقلية راديكالية” فقط، ولا ينهجها الجميع.

 

وكان الرئيس الفرنسي قد كتب تغريدة على حسابه في تويتر في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020، قال فيها باللغة العربية “لا شيء يجعلنا نتراجع أبداً، نحترم كل أوجه الاختلاف بروح السلام، لا نقبل أبداً خطاب الحقد وندافع عن النقاش العقلاني، سنقف دوماً إلى جانب كرامة الإنسان والقيم العالمية”.

 

من جهتها أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً تقول فيه إن “الدعوات إلى المقاطعة عبثية ويجب أن تتوقف فوراً، وكذلك كل الهجمات التي تتعرض لها بلادنا والتي تقف وراءها أقلية راديكالية”.

 

وأضافت الخارجية الفرنسية “في العديد من دول الشرق الأوسط برزت في الأيام الأخيرة دعوات إلى مقاطعة السلع الفرنسية، وخصوصاً الزراعية والغذائية، إضافة إلى دعوات أكثر شمولاً للتظاهر ضد فرنسا، في عبارات تنطوي أحياناً على كراهية نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي”.

 

وتتخوف فرنسا من السيناريو الدنماركي بعد حملة المقاطعة للسلع الدنماركية، التي خسرت في وقتها، وبحسب إحصاءات نشرتها الحكومة الدنماركية أكثر من 170 مليون دولار، وتراجع حركة الصادرات نحو 15%، إضافة لفقدان نحو 11 ألفاً لوظائفهم.

 

وتعود أزمة الدنمارك إلى سنة 2005، إذ نشرت جريدة دنماركية صغيرة تسمى “يلاندس-بوستن” صورة مسيئة للنبي محمد(ص)، الأمر الذي أثر على الاقتصاد الدنماركي بشكل كبير، بسبب حملة المقاطعة التي مست كل المنتجات الدنماركية في العالم الإسلامي.

 

يقول علي العمراني في حديثه مع “عربي بوست” إن “حملة المقاطعة أثرت ولو بشكل متوسط على الاقتصاد الفرنسي، خصوصاً أن العالم بأكمله يمر الآن بأزمات اقتصادية بسبب انتشار وباء كورونا، كما أن حكومة فرنسية، سواء الحالية أو القادمة، في عهد ماكرون أو غيره، ستضطر للاعتذار الرسمي عن الإساءات للمسلمين”.

 

واعتبر العمراني أن “الاقتصاد الفرنسي تربطه علاقة دائماً مع دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط والخليج، وهي الدول نفسها التي انطلقت منها نداءات المقاطعة، سواء من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أو من طرف شخصيات إسلامية بنفسها، أرادت الضغط على فرنسا بالشق الاقتصادي”.

 

وأضاف المتحدث أن “اعتذار فرنسا عن تصريحات ماكرون قادم، والمؤشر عليه تصريح وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، التي دعت إلى “التهدئة”، موضحة أن “فرنسا لا تعادي مسلمي فرنسا، بل تحارب الإسلام المتطرف والإرهاب فقط”.

 

وأشار المتحدث أن “الرئيس الفرنسي اعتذر بشكل غير مباشر عن تصريحاته، وقال في تصريح حصري لموقع الجزيرة إن كلماته حُرفت وأُخرجت عن معناها الحقيقي، وأنه لا مشكلة لديه مع الإسلام، ومقاطعة منتجات بلده أمر غير لائق”.

 

وكشف تقرير رسمي لوزارة الاقتصاد الفرنسية أن “سوق السيارات الفرنسي يتجه للانخفاض إلى أدنى مستوى له منذ عام 1975″، كما أن تسويق مواد التجميل تراجع بنسبة كبيرة مقارنة بسنة 2019، وأرجعت الأمر إلى انتشار فيروس كورونا.

 

وبلغت صادرات فرنسا إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 41 مليار يورو سنة 2019، أي ما يعادل 7.4% من إجمالي صادراتها، واحتلت فيها تركيا المرتبة الأولى بنسبة 6.7% من إجمالي الصادرات، بعدها الجزائر والمغرب وقطر ثم تونس، والسعودية، والإمارات، ومصر.

 

يقول الدكتور أحمد زادي، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء “إن حملة المقاطعة لا يمكن أن تظهر أرقامها الآن، لكن بالتأكيد أن الاقتصاد الفرنسي سيتضرر ولن يعترف بذلك، وسيختار أن يعلق شماعة التراجع على وباء كورونا”.

 

وفسر الباحث الاقتصادي في حديثه مع “عربي بوست” أن “الدول الغربية أصبحت تتخذ مسافة من التصريحات التي من شأنها أن تُشعل فتيل الجدل بين الغرب والمسلمين، تفادياً لأي مشاكل اقتصادية، ويجب الاعتراف اليوم أن المقاطعات ليست بالسهلة، وإذا تطور الأمر مثلما حصل مع الدنمارك فإن فرنسا يقيناً ستتضرر”.

 

“عربي بوست”

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك