التقارير

محاولات إعادة حكومة عادل عبد المهدي تستقطع مزيداً من الوقت وتزيد من حدّة الأزمة  


محمد كاظم خضير

 

أظهرت وقائع الأحداث المتواصلة منذ اندلاع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي رددت شعارات المطالبة بالتغيير في العراق ، انه لم يعد ممكناً الاستمرار في إدارة البلد بالتركيبة الحكومية تصريف الأعمال عادل عبد المهدي التي كانت تتولى ممارسة مهامها قبل التاريخ المذكور، بالرغم من كل محاولات بعض الكتل السياسية ، التشبث بهذه التركيبة ورفدها بما يمكن من عوامل الدعم الاصطناعي لإعادة تعويمها من جديد، لأنها في الواقع اصيبت بعطب كبير يتعذر ترميمه على هذا النحو، وبالتالي لن تستطيع الانطلاق بقوة واندفاع للقيام بالمهمات الجسام المنوطة بها وستواجه بنفس الاعتراضات والرفض وستتعثر وتسقط مجددا وبسرعة.

فهذه التركيبة الهجينة التي ولدت تحت عنوانين مختلفة وضمت في مكوناتها معظم الأطراف السياسيين منذ انتخاب فؤاد معصوم رئيساً للجمهورية، قبل ما يقارب الثلاث سنوات، وتم تكرار صيغتها معدّلة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، لم تستطع تنفيذ مطالب المواطنين الملحة والضرورية وإنجاز المشاريع التي تنغص حياتهم كالكهرباء والخدمات وغيرها وتحقيق النهوض الاقتصادي المرتجى، بالرغم من كل محاولات رئيسها عادل عبد المهدي الدؤوبة وسعة صدره لتجاوز التباينات بداخلها ومحاولات التعطيل والعرقلة المتواصلة التي مارسها أكثر من طرف من مكوناتها تارة تحت شعار «الاصلاح» المزيف وتارة أخرى تحت شعار تحقيق المشاركة كل الطوائف وما شابه، في حين كان الهدف الأساس من وراء كل ما يطرح محاولة الاستئثار، ما أدى بالنهاية إلى تعثر بالأداء الحكومي العام، وزاد من تذمر ونقمة المواطنين المستائين اصلاً من لهجة الخطاب السياسي الاستفزازي الذي انتهجه جهات سياسية من الأطراف السياسيين وتأجيج المشاعر الطائفية والمذهبية واستحضار مفردات الحرب الأهلية المشؤومة.

كل هذه العوامل والوقائع السلبية، تجعل من الصعوبة بمكان إعادة بث الروح من جديد في هذه التركيبة الحكومية التي سقطت بالممارسة وباعتراضات المتظاهرين والمحتجين، ما يستوجب استبدالها بتركيبة جديدة مختلفة، تأخذ بعين الاعتبار مقومات نجاحها وتجنب كل مسببات عرقلة الحكومة الحالية، في حين ستؤدي محاولات التشبث ببقاء التركيبة الحكومية الحالية تحت أي ذريعة كانت، إلى إضاعة مزيد من الوقت وتمديد الأزمة السياسية التي يتخبّط بها العراق حالياً إلى أمد غير معلوم وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات سلبية غير محسوبة، ليس على الصعيد السياسي فحسب وإنما على الصعد المالية والاقتصادية وقد تطال الوضع الأمني أيضاً.

لذلك، فإن محاولات إعاقة تسريع البت بحكومة جديدة، تارة بحجة الخوف من الفراغ وتارة أخرى عدم الانصياع لضغط جهات سياسية لئلا تتكرر هذه التجربة مرّة أخرى أو التمسك بإعادة تعويم الحكومة الحالية لاعتبارات مرتبطة بحسابات الاستفراد بالقرار السياسي أو التذرع بالخشية من منحى سياسي للحكومة العتيدة، لا يراعي أو يتعارض مع توجهات «الكتل السياسية وسياساته، ليست مقنعة وإنما هي بمثابة ذرائع لإبقاء القديم على قدمه واعاقة كل محاولات التغيير لاحداث نقلة نوعية في الممارسة وبت أمور النّاس، وتهدئة الشارع وارضاء المتظاهرين والمعترضين على أداء السلطة ككل. فاعتماد أسلوب الضغط والتخويف الذي يلوح به البعض علانية أو مواربة، من قبل جهات سياسية أو غيره، لاعاقة أو إطالة أمد تشكيل الكابينة الحكومي لأي سبب كان، سيؤدي إلى زيادة تعقيدات الأزمة الحكومية السائدة، ولن يُساعد في حلحلة الأوضاع، في حين ان المطلوب في هذا الظرف بالذات مقاربة حل المشكلة الناشئة عن التظاهرات الشارع بأسلوب مغاير، يقرب بين مختلف الأطراف ويساهم في الوصول الى تفاهم يُساعد في حل المشكلة وليس إلى تعقيدها لا سيما في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها المنطقة، في حين يلاحظ بوضوح ان من مسببات هذه الأزمة الحالية أساليب الضغط والاستقواء التي فرضتها الأحزاب قسراً على العراق في السابق وساهمت بقيام التركيب السياسية الحالية وهو ما يجب تجنبه لأنها أظهرت فشلها والتشبث باعتمادها لحسابات إقليمية يعني الدخول في دوّامة من الخلافات واطالة أمد الأزمة تكليف الحكومية على نحو غير محسوب، وهذا بالطبع لن يكون في صالح العراق والعراقيين.

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك