لا تتوقف الحكومة التركية الأردوغانية الإخوانية عن إثارة الأزمات مع الأكراد في الداخل والخارج، بل وتعتبر بعد تصاعد نفوذها في الصراع السوري أن المناطق الكردية السورية خاضعة لوصيتها، لكنها تلقت ضربة موجعة من أكراد الداخل السوري عندما أعلنوا عن إدارة كردية في إقليم جديد أو "كانتون" في شمال البلاد، ويضم بلدة تل أبيض التي سيطرت عليها قوات حماية الشعب الكردية في يونيو 2015م بدعم من ضربات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، والذي يعد الرابع الذي تعلنه الإدارة الكردية بشمال سوريا.
![تنامي الصراع التركي](http://www.islamist-movements.com/upload/photo/parags/8/1/140.jpg)
هذا الأمر استفز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودفعه إلى القول بأن الوضع في مدينة تل أبيض بريف محافظة الرقة السورية، بات يشكل تهديداً لتركيا، بعد إعلانها منطقة إدارة ذاتية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، وأن
تركيا ستفعل ما يلزم، وأن على الجميع إدراك ذلك، فبعد أن كان تنظيم "داعش" يسيطر على تل أبيض، وبعد انسحابه دخلت قوات حزب الاتحاد، وهو ما يعد لعبة مشتركة واتهم الجماعات الكردية بمحاولة السيطرة على شمال سوريا، قائلا: "كل ما يريدونه هو السيطرة على شمال سوريا بأكمله، ولن نسمح بأن يصبح شمال سوريا ضحية لمشروعهم تحت أي ظرف؛ لأن هذا يمثل تهديدا لنا ومن المستحيل بالنسبة لنا
كتركيا أن نقول (نعم) لهذا التهديد."
![تنامي الصراع التركي](http://www.islamist-movements.com/upload/photo/parags/8/1/141.jpg)
وتتمثل خطورة تنامي نفوذ الأكراد على الجانب التركي فيما يلي:
1- أن المنطقة الحدودية بين
تركيا وسوريا والتي تمتد لأكثر من 820 كلم، واقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، وهو ما يجعل إمكانية النمو إلى الداخل التركي ممكنة على الأقل فكريا.
2- سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية على تل أبيض وإنشاؤها ثلاث مناطق أو "كانتونات" للإدارة الذاتية في شمال سوريا، أنها بذلك تكون قد ربطت منطقة كوباني التي يسيطر عليها بمنطقة أكبر هي الجزيرة التي تقع إلى شرقها وتجاور
العراق.
3- الخوف من أن يُشكل الحكم الذاتي في كوباني عاملًا ضاغطًا مساعدًا على إقامة حكم ذاتي مماثل في
تركيا؛ ولذلك فإن تركيا تسعى إلى القضاء على الحكم الذاتي للأكراد في كوباني، ومنع قيام مثيل له على أراضيها.
![تنامي الصراع التركي](http://www.islamist-movements.com/upload/photo/parags/8/1/142.jpg)
وقد قام الأكراد بعدة خطوات عملية لتوسيع نفوذهم تمثلت فيما يلي:
1- إطلاق الأكراد حراكهم الخاص المعارض للنظام السوري بالتوازي مع تطلعاتهم في دولتهم القادمة.
2- رفعوا سقف مطالبهم إلى "الإقرار بالحكم الذاتي" لما يسمونه بـ"المناطق الكردية".
3- تسويق مشروعهم السياسي بالدعوة إلى مشروعهم القومي حال الاندماج مع الدولة السورية في المستقبل، فطرحوا الفيدرالية أو "اللامركزية السياسية" لسوريا الجديدة من أجل فرض واقع كردي جديد على الأرض.
4- التوافق على النظام السوري حال فشل الثورة، من خلال إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المقرب من النظام السوري "الإدارة الذاتية.
لمناطق ذات غالبية كردية، وانسحب النظام منها وسلمها للحزب.
5- الاستفادة من حالة التعاطف مع "معركة كوباني" على أنها معركة كردية بامتياز ومصيرية بالنسبة لمشروعها القومي في سوريا ونجحت القوى الكردية في توظيف هذه المعركة، وتحقيق العديد من المكاسب السياسية والمعنوية من ورائها.
6- الانفتاح الكردي مع الأمريكي من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تصفه الإدارة الأمريكية بـ "المنظمة الإرهابية"؛ مما كسر الحاجز بينهما، بل وقدمت الولايات المتحدة السلاح للحزب لصد هجمات "داعش".
7- محاولة إسقاط "الفيتو" التركي على التعاون العسكري بين أكراد
العراق وأكراد سوريا، وهو ما تم بالفعل من خلال سماح الحكومة التركية لقوات البيشمركة العراقية بالمرور عبر أراضيها، ودخول كوباني لدعم مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي، وهذا يعني ضمان دخول البيشمركة إلى مناطق سورية أخرى، مستقبلاً للدفاع عن أكرادها إذا تطلب الأمر.
![تنامي الصراع التركي](http://www.islamist-movements.com/upload/photo/parags/8/1/144.jpg)
وتسعى
تركيا لاستمرار نفوذها من خلال ما يلي:
1- إقامة منطقة عازلة، لتوحي أنها تعمل ضد تنظيم داعش، ولكن هدفها الأساسي هو قطع الطريق على أكراد
تركيا للمطالبة بحكم ذاتي.
2- تحاول تركيا مخاطبة الأكراد على أرضها بأنها تعمل من أجل السلام معهم، بالرغم من أنها- ومنذ سنوات- لم تتخذ الخطوات الملموسة تجاه المفاوضات وما زالت تماطل فيها.
3- عدم جدية الدولة التركية في عملية المصالحة بين الحكومة التركية وحزب "العمال الكردستاني" المعارض، في محاولة منها للقضاء على طموحاتهم بالحكم الذات.
4- فصل شرق المنطقة الكردية عن غربها من خلال الاستيلاء على كوباني، وإقامة المنطقة العازلة على الحدود التركية، شمالاً، تمهيداً للسيطرة على الجزيرة الكردية.
![تنامي الصراع التركي](http://www.islamist-movements.com/upload/photo/parags/8/1/145.jpg)
ويضاف إلى ما سبق قلق
تركيا أيضًا هو تنامى النفوذ الروسي في سوريا بعد أن أكد أليكسي ميشكوف نائب وزير الخارجية الروسي، أن روسيا مستعدة للتعاون مع كل "القوى البناءة" في محاربة تنظيم "داعش" في سوريا- بمن فيهم الأكراد- على الرغم من أن روسيا لا تمد أكراد سوريا بالسلاح، وأن الوجود الروسي في سوريا هو بناء على دعوة من النظام السوري، وأن بلاده على استعداد للتعاون مع كل القوى البناءة المستعدة للمشاركة في قتال داعش".
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن هناك خطرًا حقيقيًّا على النفوذ التركي في المناطق السورية، وأن
تركيا تحاول التقليل من هذا التنامي من خلال طرح عدة صيغ للأزمة في سوريا، لا تلقي القبول الدولي لإنجاحها ليبقى النفوذ الكردي في النمو والخوف التركي في التزايد.