التقارير

"وول ستريت جورنال": تناقض في السياسة الخارجية للرئيس أوباما

2087 2015-01-26

مايكل سينغ

  في تطرّقه المقتضب للشؤون الدولية في إطار خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه يوم الثلاثاء، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشكل رئيسي عن أمرَين حول سياسته الخارجية: كونها غير تفاعلية، وغير أحادية البعد. إلا أن الخطاب كان عبارة عن نقد غير متعمد للذات أكثر من كونه دفاعاً عن الذات كما كانت نية الرئيس. ولا يمكن الإنكار أن المبدئين محقان، ولكن الإدارة الأمريكية لم تمارسهما؛ وللمفارقة، يشكل هذان المبدءان اثنين من العيوب الرئيسية في الطريقة التي تعاملت فيها الولايات المتحدة مؤخراً مع الشؤون الخارجية.

 وليس هناك إشارة أكثر وضوحاً حول الطبيعة التفاعلية للسياسة الخارجية الأمريكية أكثر من شبه غياب موضوع "إعادة التوازن" إلى آسيا عن الخطاب - وهو الموضوع الذي يشكل المحور المركزي المقصود من السياسة الخارجية للرئيس أوباما - أو شبه غياب أولويات أخرى ظهرت في بداية ولاية الرئيس مثل السلام الإسرائيلي الفلسطيني أو تحسين العلاقات مع روسيا.

 وعوضاً عن ذلك، كانت سياسات الإدارة الأمريكية في الخارج تمليها الأحداث، حيث فشلت الإدارة في توقعها أو اختارت تجاهلها. على سبيل المثال، جاءت الانتفاضات العربية في أعقاب التخفيف من حملات الإصلاح الاقتصادي والسياسي كأولويات بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ كما أن الأزمة الأوكرانية تلت تقييماً غير واقعياً للأولويات والنوايا الروسية؛ أما انتشار تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») والإجراءات اللاحقة التي اتخذتها الولايات المتحدة لوقفه فقد أتت بعد سنوات من عدم التحرك في سوريا والإجهاد في العراق.

 ويقيناً، أنها ليست عبارة عن علاقات سبب وتأثير، ولكنها مع ذلك تعكس نقصاً في التخطيط الاستراتيجي وميلاً متزايداً إلى النظر إلى الشؤون الخارجية أولاً من خلال عدسة السياسة الداخلية الأمريكية بدلاً من تحليل الحقائق وكيفية تأثيرها على المصالح الأمريكية. لذا يشكل التركيز بشكل أكبر على استباق الصراعات والأزمات ومنعها - بدلاً من التخبط للتخفيف منها بمجرد بدئها - أمراً بالغ الأهمية إذا أرادت واشنطن التخطيط لمسار أكثر ثباتاً وتجنب سياسة خارجية تفاعلية حقاً.

 لقد فشلت الولايات المتحدة أيضاً فيما يتعلق بنشر عناصر متعددة من القوة من أجل دعم استراتيجيات وأهداف واضحة. ففي سوريا، وبعد عدة سنوات من التردد في استخدام القوة العسكرية لاستكمال الدبلوماسية الغربية تركز السياسة الأمريكية حالياً، فقط على تنفيذ ضربات جوية ضد «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى. ولم تكن هذه الحملة ناجحة على وجه الخصوص، ويعود ذلك جزئياً إلى عدم ارتباطها باستراتيجية أوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار في سوريا وإنهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأرواح وأدت إلى تشريد الملايين.

 أما حول الموضوع الإيراني، فقد ركزت الولايات المتحدة على القضية النووية إلى حدّ استبعاد المخاوف الأخرى التي أثارتها أعمال طهران، وأهملت عملية استكمال التعاطي بانتهاج تكتيكات أخرى. وبدلاً من مجرد الأمل بأن يحقق الاتفاق النووي فوائد إضافية ثانوية للعلاقات الثنائية، يحتاج صانعو السياسة الأمريكية إلى التحضير بشكل واقعي للتعامل مع طهران التي تتمتع بالقوة ومع الحلفاء الساخطين في أعقاب الاتفاق. وكما هو الحال مع كوبا، يبرز فرق كبير ما بين استخدام التعاطي لدعم سياسة ما، وما بين الخلط ما بين التعاطي والسياسة.

 لقد تولى الرئيس أوباما منصبه وهو يدعو إلى اتباع سياسة التعاطي، إلا أن التصور السائد حول العالم هو عدم التزام الولايات المتحدة بهذه السياسة. أما الآن، فبعد أن وضع الرئيس الأمريكي جدول أعمال يقوم على التبادل، فالأسئلة التي تطرح نفسها هي، هل سيستخدم أوباما نفوذه لحشد الدعم لجدول أعماله، لا سيما داخل حزبه؟ وبعد أن واجه روسيا، هل سيستخدم القيادة الأمريكية لمساعدة أوكرانيا وتقوية "حلف الناتو"؟ وبعد أن هدد باستخدام حق النقض ضد فرض عقوبات جديدة، هل سيعمل مع الكونغرس لصياغة سياسة تجاه إيران تعكس مخاوف الحزبين؟ سيتم تقييم إرث الرئيس بناءً على إنجازاته على صعيد السياسة الخارجية، وليس فقط بالاستناد على الأخطاء التي يَعتقد أنه قد تجنبها.

مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة "لين- سويغ" والمدير الإداري في معهد واشنطن. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الانكليزية من على مدونة "ثينك تانك" على موقع الـ "وول ستريت جورنال".

18/5/150126

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك