التقارير

التحالف الدولي والخطوط والحمراء!

1614 2014-10-18

محمد محمود مرتضى

لقد بات واضحا أن الولايات المتحدة الاميركية لم تحرك ساكنا تجاه تمدد داعش في العراق بعد "غزوة الموصل" الا عندما وصل السيف الى إربيل عاصمة اقليم كردستان. كان واضحا منذ البداية ان الاستراتيجية الاميركية تعتمد بشكل اساس على ترسيخ حدود معينة في العراق، حدود بمثابة الخطوط الحمراء التي لا ينبغي لداعش تجاوزها وهذا أمر اصبح معلوما. الا ان ما هو غير معروف ان ثمة خطوطا حمراء وضعت للجيش العراقي ايضا لا ينبغي تجاوزها.

يمكن القول إن ما حصل في سوريا خلال السنة الماضية كان ماثلا امام الادارة الاميركية. فالتوسعات التي شهدتها الجماعات المسلحة كانت تقتصر على المراحل الاولى حيث كان الجيش السوري لا يزال في مرحلة استيعاب الصدمة. ولكنه فيما بعد استطاع وضع استراتيجيات جديدة تتلاءم وطبيعة المعركة ثم اخذ فيما بعد بالانطلاق الى مرحلة الهجوم واسترداد مناطق هامة.

بدا أن المشهد العراقي يقارب المشهد السوري الى حد كبير نسبيا، فالهجوم الداعشي استطاع تحقيق انجازاته من خلال الضربة الاولى، ومعظم الاراضي التي استولى عليها كانت في تلك الفترة تحديدا. وكان يمكن ان يصل داعش الى بغداد لولا ان الجيش العراقي اظهر تماسكا مقبولا ثم تدارك الفصائل المقاومة هناك ومؤازرة الجيش.

مع استيعاب الجيش العراقي للضربة الاولى وتشكيل تحصينات تبعد الخطر الداعشي عن العاصمة وتأمين مناطق الجنوب واخرى في الوسط لا سيما الاماكن المقدسة في سامراء، وهذه مرحلة كان لا بد منها قبل الانطلاق نحو اعمال عسكرية لاسترداد بعض المناطق التي خسرها الجيش العراقي، وجد داعش نفسه غير قادر على اختراق تلك التحصينات، لكنه وتحت نشوة النصر تحرك باتجاه اقليم كردستان، متجاوزا بذلك الخطوط التي تعتبرها الادارة الاميركية حمراء.

وفي نفس الوقت بدأ الجيش العراقي ومن معه يتحضرون للقيام بعمليات عسكرية واسعة لاستعادة التوازن وذلك بمؤازرة من معسكرات التدريب التي اقيمت للمتطوعين بعد موقف المرجعية الدينية.

في هذا الوقت بالذات بدأت الادارة الاميركية بالتدخل، تسعى من جهة لضبط ايقاع داعش باتجاه كردستان، وفي نفس الوقت ضبط ايقاع الجيش العراقي والحشد الشعبي لعرقلة قيامهم باعمال عسكرية قد تعيد الامور الى افضل مما كانت عليه بعد" غزوة الموصل".

لقد بدا واضحاً من خلال الغارات التي يشنها التحالف الغربي من خلال مواقعها واهدافها انها تسعى لرسم حدود جديدة للامر الواقع. فهي في الوقت الذي تركز غاراتها على مناطق الموصل بشكل اساسي داعمة البشمركة الكردية، تتجاهل مناطق اخرى في الوسط والغرب ما سمح لداعش بالتمدد هناك. والاخطر من ذلك كله ، وهو امر لا يعلمه الكثيرون، ان التحالف وضع قيودا على حركة الطائرات العسكرية العراقية. ويمكن للمتتبع ان يلحظ تراجع مشاركة الطائرات العراقية الحربية منذ انطلاق العمليات العسكرية للتحالف.

اذا غضضنا النظر عن "الغزوة الاولى" لداعش باتجاه الموصل والشمال العراقي، فاننا سنجد ان الفترة التي اعقبت اعلان التحالف بدء عمله كانت الاكثر نشاطا لداعش حيث استطاع احتلال قرى عين عرب في سوريا ومحافظة هيت وشنّ هجوما على الرمادي في العراق.

ان احتلال داعش لهذا الحجم من الاراضي بعد انطلاق التحالف بعملياته العسكرية يثير الكثير من علامات الاستفهام، ليس فقط حول جدوى الغارات الجوية وانما حول اهدافها وطبيعتها الحقيقية.

ان المعالم التي ترتسم الآن في سوريا والعراق هي معالم "دولة" يراد ترسيم حدودها وترسيخ وجودها. "دولة" تحكمها الآن داعش بانتظار تبلور الرؤية وتجهيز "جيش"وقوى بديلة تستلمها.

ان غارات التحالف ليست سوى غارات ترسم حدود الكيانات الجديدة كأمر واقع. انها غارات التقسيم.

25/5/141018

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك