التقارير

التدخل الأميركي «الجوي» في شمال العراق: أسبابه وأهدافه وسقفه ومداه

1649 2014-08-12

للمرة الأولى منذ الانسحاب الأميركي من العراق قبل عامين ونصف العام في إطار استراتيجية الانكفاء عن الشرق الأوسط وطي صفحة التدخلات العسكرية والحملات البرية. يتدخل الرئيس باراك أوباما عسكريا في العراق ويضطر للعودة «جوا» الى هذا البلد من نافذة أربيل الضيقة وليس من باب بغداد الواسع.

وهذا التدخل الجوي لا يمكن الاعتداد به أو البناء عليه كمؤشر الى استراتيجية جديدة ومراجعة للحسابات والخطط، وإنما هو تدخل موضعي محدد في مكانه وزمانه وأهدافه.وفي شأنه يمكن تقديم الملاحظــات والاستنتاجــات التالية:

1- الرئيس أوباما ملتزم بتفادي أي تورط عسكري جديد ولاسيما في الشرق الأوسط. وهو لم يلتفت لمناشدات الحكومة العراقية ولنصائح مساعديه وانتقادات معارضيه بالتدخل وشن ضربات جوية بعدما اجتاح «داعش» شمال العراق. ولكنه اضطر الآن الى التدخل المحدود وعلى مضض بسبب التطورات الميدانية التي فاجأت الأميركيين ولم تكن محسوبة ومتوقعة لديهم، خصوصا ما يتعلق بالتقدم المفاجئ والسريع لـ«داعش» في شمال العراق وتحديدا في اتجاه إقليم كردستان حيث مصالح أميركية ديبلوماسية واستثمارية ونفطية.

2- التدخل الأميركي يقتصر حصرا على تدخل جوي وليس ما يشير الى أي استعداد أو نية بشأن تدخل بري ميداني والعودة العسكرية الى أرض العراق في مطلق الظروف. وهذا التدخل الجوي يأخذ وجهتين: الوجهة الأولى عسكرية بتوجيه ضربات ضد مراكز «داعش» وقواعدها الأساسية أفادت «البشمركة الكردية لإحراز تقدم ميداني، والوجهة الثانية إنسانية تمثلت في إلقاء حاويات ماء وآلاف الأطنان من المواد الغذائية للمدنيين الفارين والمهددين بالموت في جبل سنجار. وأما الهدف المباشر والمحدد رسميا لهذا التدخل فهو وقف تقدم المسلحين نحو العاصمة الكردية أربيل وحماية الأميركيين (الديبلوماسيون والخبراء والمستشارون العسكريون) والأقليات الدينية التي تلوذ بالفرار خوفا على حياتها.

3- النتائج المباشرة لهذا التدخل الجوي يتوقع أن تكون:

٭ وضع «خط أحمر» حول الإقليم الكردي وعاصمته أربيل.

٭ مساعدة الأكراد على كسر الحصار المضروب على جبل سنجار وإنقاذ العائلات.

٭ إيجاد «متنفس» يتيح إعادة تسليح القوات الكردية وللجيش العراقي بإعادة تنظيم صفوفه.

٭ أخذ إدارة أوباما مزيدا من الوقت والنفوذ للضغط في اتجاهين:

- الأول هو الضغط باتجاه حكومتي بغداد وأربيل لإعادة بناء الثقة وعلاقة التعاون والتنسيق بدءا من التعاون العسكري بين أربيل وبغداد ضد الخطر المشترك

- الثاني هو الضغط على قادة العراق المنقسمين لتشكيل حكومة متوازنة وشاملة تحول دونها عقبة أو عقدة نوري المالكي الشخصية المثيرة للانقسام، والذي لم يعد يتمتع بتأييد واشنطن.

4- الحملة الجوية المحددة في أهدافها ونطاقها لا تستند الى استراتيجية واضحة وطويلة المدى، وهي غير كافية لإحداث تغيير في ميزان القوى ولا تشكل تهديدا لـ «داعش» وخطرا عليها وإنما تدفعها الى تجميد خططها والانتظار الى ما بعد انتهاء الهجمات.

كما أنها لا تشكل مقدمة الى تدخل أوسع وتوجيه ضربة موجعة للمسلحين بما يؤدي الى إزاحة حكومة المالكي وتمكينها من استعادة زمام المبادرة.

فمثل هذا التدخل ليس واردا إلا بالشروط الأميركية وفي إطار تفاهمات مع إيران تشمل الملف النووي وإعادة ترتيب شؤون وملفات المنطقة ومعادلات النفوذ والصراع فيها.

الاهتمام الأميركي المفاجئ والاضطراري بالوضع في شمال العراق له ما يبرره سياسيا وأخلاقيا، ولكنه لا يندرج في إطار استراتيجية متكاملة وليس كافيا للرد على تساؤلات أهل المنطقة وحاجتهم الى سياسة أميركية أكثر تماسكا وحزما وأقل ترددا وغموضا.

17/5/140812

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك