لم تصدق تقوى عباس عينيها وهي تطالع قرار وزارة التربية عدّها راسبة "بسبب الغش" في مادة الأحياء، وهي التي أجلت تلك المادة رسمياً ولم تشارك بامتحانها، لأسباب صحية.
صرخت تقوى، والدموع تنهمر من عينيها، وسط تصاعد عويل والدتها وباقي أفراد عائلتها، "هل هذا معقول؟ ما هذا الظلم؟ هل يريدون قتل طموحنا مثلما فعل الإرهاب مع أهلنا؟".
وتقوى عباس، واحدة من سبعة آلاف طالب وطالبة في جانب الكرخ من بغداد، اعتبرتهم وزارة التربية "راسبين بسبب الغش" في قرار أثار الكثير من الجدل والاستغراب، من المشمولين وأولياء أمورهم في آن معاً، ما دفع أكثر من ألف منهم إلى التظاهر، اليوم الخميس، أمام مبنى مديرية تربية الكرخ الثانية، في منطقة البياع جنوبي بغداد.
ومع حشد المحتجين وقفت الطالبة تقوى، من إعدادية المصطفى، برفقة العشرات من زميلاتها تهتف "كلا كلا للظلم.. لن نسكت على قراراتكم الجائرة".
وتقول الطالبة تقوى عباس، في حديث إلى (المدى برس)، إن "قرار وزارة التربية سيحطم جيلاً كاملاً من الطلاب"، وتعد أن "قرار التربية يشكل محاولة لقتل أحلام الطلبة وطموحاتهم، ولا يختلف كثيراً عن الإرهاب الذي سلب حرية العراقيين ونغص حياتهم".
وتضيف عباس، "لم اذق طعم النوم والراحة وكذلك والدتي استعداداً للامتحانات الوزارية"، وتبيّن لقد "فضلت إعادة السنة الماضية لتحسين معدلي وتحقيق طموحاتي، بعد أن حصلت على 73 بالمئة نتيجة ظروف طارئة حينها".
وتتساءل الطالبة التي اختنق صوتها من البكاء والصراخ، مستغربة "بالله عليكم كيف تقرر وزارة التربية اعتباري راسبة بسبب الغش في مادة الأحياء، برغم أني أجلتها رسمياً ولم أذهب لأداء امتحانها لأسباب صحية"، وتواصل والدهشة تعلو محياها "أيّ ظلم هذا كيف تعدني الوزارة غشاشة وأنا لم أشارك في الامتحان أساساً؟".
ام تقوى: ماذنب ابنتي ليدمروا مستقبلها
من جانبها تقول والدة تقوى، التي لم تتوقف عن النحيب والصراخ، "ما ذنب ابنتي، ليدمروا مستقبلها بسبب قراراتهم الجائرة التي تعكس مدى فسادهم وظلمهم واستخفافهم بالآخرين".
ووسط حشود المتظاهرين، كان الطالب محمود حسن، من إعدادية المحمودية، جنوبي بغداد، يواصل الصراخ محتجاً على "القرار الجائر".
ويقول حسن، في حديث إلى (المدى برس)، وقد أعياه التعب وحرارة الجو، إن "الوزارة لم تصحح دفاترنا الامتحانية واعتبرت طلاب المركز الامتحاني كافة في المحمودية، راسبين بسبب الغش"، ويتساءل "لو كان خمسة أو عشرة من الطلبة قد غشوا في الامتحان فعلاً، ما ذنب المئات من أقرانهم لتضيع عليهم سنة كاملة" أين العدل في قرار التربية؟".
ممثل للطلبة: نطالب باعتماد النتائج بعد تصحيح الدفاتر
إلى ذلك يقول مسؤول شؤون الطلبة في منطقة أبو دشير، جنوبي بغداد، حامد الربيعي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "وزارة التربية طلبت التفاوض معنا ومجموعة من الطلاب المحتجين إلا اننا رفضنا بسبب غالبية المتظاهرين ذلك".
وأكد الربيعي، أن "الطلبة المتظاهرين رفضوا أداء امتحان الدور الثاني وطالبوا باعتماد نتائجهم بعد تصحيح الدفاتر"، ويبيّن أن "المتظاهرين سينظمون اعتصاماً مفتوحاً أمام مبنى وزارة التربية في حال عدم تلبية مطالب الطلاب المتضررين من ذلك القرار".
ولم يستبعد مسؤول شؤون الطلبة في اعدادية أبو دشير، أن يكون ذلك القرار ناجماً عن دوافع سياسية وطائفية"، ويرى أن "الأطراف التي أسهمت في اسقاط الموصل بيد داعش تريد اليوم اسقاط بغداد أيضاً من خلال تأجيج الطلاب ضد الحكومة من خلال اتخاذ قرارات جائرة"، بحسب رأيه.
التربية: الطلبة المتظاهرون لهم الحق في اداء امتحانات الدور الثاني
من جانبه قال مدير الامتحانات والتقويم في وزارة التربية شاكر نعمة عبد عون في حديث إلى (المدى برس)، إن "وزارة التربية لديها نظام الإعادة الذي يعطي الحق لكل طلاب السادس الإعدادي الراسبين بجميع الدروس بإعادة الامتحانات في الدور الثاني".
وأضاف عبد عون أن "الطلبة الذين تظاهروا اليوم أمام مبنى مديرية الكرخ الثاني تنديداً بقرار الوزارة باعتبارهم راسبين بسبب الغش، مبيناً أن "مجلس الوزراء وجّه بالسماح لهم في أداء امتحانات الدور الثاني والأمر متعلق بالطالب إذا رغب بأداء الامتحانات او لم يرغب".
وكان المئات من طلبة السادس الاعدادي وأولياء أمورهم تظاهروا في بغداد، اليوم، احتجاجاً على قرار "الغش الجماعي" الذي أعلنته وزارة التربية، أمس الأربعاء،(التاسع من تموز 2014 الحالي)، وطالبوا بـ"إلغاء القرار"، وفيما هددوا بـ"التحول إلى إرهابيين" في حال عدم تلبية مطالبهم، أتهم أولياء أمور الطلبة وزارة التربية بـ"حماية الفساد والمفسدين".
وكانت وزارة التربية العراقية أعلنت، أمس الاربعاء، نتائج الامتحانات الوزارية للسادس الاعدادي والثالث المتوسط، للعام الدراسي 2013/ 2014، وحملت بعض المراكز الامتحانية التابعة لمديرية تربية الكرخ الثانية، عبارة (غش) بمعنى اعتبار جميع طلبة المركز المعني "راسبين بالغش".
وقام عشرات من طلبة الصف السادس الإعدادي، بمهاجمة منزل مدير قسم الشهادات في تربية الكرخ الثانية في منطقة البياع، احتجاجا على اعتبار عدة مراكز امتحانية راسبة بالغش في الامتحانات الوزارية، في حين فرقت القوات الأمنية الطلبة بإطلاق العيارات النارية واعتقلت مجموعة منهم.
يذكر أن وزارة التربية أجرت، في الأول والثاني من حزيران الماضي، الامتحانات الوزارية للمرحلتين المتوسطة والإعدادية في عموم المحافظات.
https://telegram.me/buratha
