التقارير

موسكو وطهران لحماية سوريا حتى ولو ادى ذلك الى الحرب العالمية الثالثة

2682 2014-07-04

نبيه البرجي

آنذاك كتب احد انصار مارين لوبن على صفحة التواصل الاجتماعي عن «ذاك البدوي الذي يريد ان يشتري الموناليزا لينقلها الى غرفة نومه».

الرجل ويدعى جاك فيرو حذر من ان يحدث هذا لان البدوي اياه يرغب في اغتصاب الموناليزا. الملاحظة فظة دون شك، وكان فيرو يعترض على بيع موجودات اللوفر ومقتنيات المتاحف والقصور حتى انه سأل ما اذا كان اهل البادية يودون شراء الاليزيه بمن فيه.

الآن، من يصدق ان نيكولا ساركوزي اوقف لان معمر القذافي اشتراه . الزعيم الليبي الراحل سأل محمد حسنين هيكل ذات يوم عن الطريقة التي يشتري بها الكونغرس بعدما علم ان الصحافي المصري الكبير صديق شخصي لهنري كيسنجر الذي يمكن ان يلعب دور الوسيط (الوسيط اليهودي) في الصفقة.

قد يكون القضاء الفرنسي مثالياً او لا يكون. ولكن ان يتم توقيف رئيس جمهورية سابق بتلك الطريقة المهينة لا بد ان تكون وراء ذلك قوى معينة وتريد تحطيم الرجل الذي يخطط لاعادة تفعيل حزبه «الاتحاد من اجل الحركة الشعبية». دائماً لنبحث عن الاشباح في تلك القضايا المثيرة، ثمة مافيات سياسية واقتصادية وتلعب في الجانب الخلفي من المسرح.

لا مجال لكي ننسى فضيحة دومينيك ستراوس - كان في ذلك الفندق النيويوركي. من دفع الخادمة الزنجية الى تعرية المدير السابق لصندوق النقد الدولي؟ كان الرجل يعدّ نفسه للدخول الى الاليزيه، فلماذا اتصل رئيس وزراء اللوكسمبورغ بساركوزي لترشيح ستراوس - كان للمنصب بعدما كان الرئيس يتجه لترشيح لوران فابيوس بغية اقصائه عن السباق الرئاسي؟

آنذاك كتب احد معلقي الـ«لوموند» عن اللعبة العنكبوتية او عن لعبة العنكبوت. لا سبيل للشفافية في السياسة. احياناً يطبخ الساسة في طنجرة المردة، اي في الوعاء الذي يطبخ فيه القراصنة اشياءهم القذرة، ولطالما سأل ريجيس دوبريه «قديسون ام قراصنة؟».

يا جماعة معمر القذافي الذي كانت فيه كل مواصفات البدواة اشترى رئيس جمهورية فرنسا. الزعيم الليبي نصب خيمته في باحة الاليزيه. المهم ان الرجل يمسك بمئات مليارات دولارات وينفقها حيناً كما شهريار وحيناً كما جنكيزخان. في كلتا الحالتين الاغبياء يتقيأون الذهب. المعلق اياه كتب ايضاً «رؤساء في خدمة الاغبياء».

هل لنا ان ندرك لماذا كل ذلك الاحساس الملائكي لدى لوران فابيوس حيال سوريا، وهو الصديق الايديولوجي والاستراتيجي لبرنارد - هنري ليفي؟ ايضاً لماذا كل تلك الضغينة، وهو الذي يفترض به ان يتحلى بالحد الادنى من اللغة الديبلوماسية، حيال ايران؟

انه المنطق اياه. لا لغة سوى لغة المصالح، اذ ثمة من يعتقد ان فرنسا تتضاءل. قد تصبح مثل اسبانيا او البرتغال او الدانمرك التي نلاحظ كيف تحطم فيها التاريخ على ذلك النحو الدراماتيكي. اذاً، لا بد من الذهاب في الزبائنية الى حدودها القصوى. ما الفارق هنا ان تباع الدولة للتاريخ او ان تباع للشيطان. كم بدت مقاربة فابيوس للمسألتين السورية والايرانية كاريكاتورية! هي ثقافة الصفقات التي ادخلت ساركوزي الى النظارة. غداً دور من؟

ولكن متى لعب او لاعب الغرب المنطقة اخلاقياً؟ اليس هو من حمى ويحمي الانظمة العاتية والتي قد لا يكون لها مثيل في التاريخ؟ اليس هو الذي استنزف حتى الهواء في المنطقة، فيما كان يتغنى بالديمقراطية وبالازدهار وبالعقلانية في اسرائيل. عقلانية حائط المبكى التي اثارت حتى سخرية البرت اينشتاين الذي تحدث عام ( 1923) عن اولئك المعتوهين الذين يتراقصون امام الحائط.

الآن فصل آخر من فصول الغرب. شاخت اتفاقية سايكس-بيكو ولا بد من المطرقة مرة اخرى. من لا يعرف ان لعبة الدومينو بدأت هكذا: تفكيك سوريا ثم تفكيك العراق تمهيداً لاقامة الدولة البديلة في الضفة الشرقية من الاردن، وتحويل لبنان الى كانتونات او الى دويلات تستوعب الفلسطينيين الذين قد يلتحق بهم من تبقى من عرب الجليل...

هوذا الزلازال في اقصى اندفاعته. من يصدق ان مسعود برزاني يعلن اجراء الاستفتاء حول الاستقلال، وليس حول كركوك، في وقت قريب دون ضوء اخضر من واشنطن ودون تواطؤ مع انقرة التي تخطط لما هو ابعد من العائدات الاقتصادية الهائلة. اعادة وضع اليد على حلب والموصل.

اولئك العراقيون الذين افقدتهم جاذبية السلطة رشدهم. الشيعة لم يتقنوا ادارة السلطة بل بالغوا في التفرقة وفي الفساد. والسّنة الذين لم يتحملوا ان تفلت الكراسي والصلاحيات من ايديهم، فيما كان الكرد يقيمون دولتهم على انقاض العرب السنّة والعرب الشيعة. اكثر من مرة قلنا ان العرب يراقصون الحطام حتى وهم يراقصون شهرزاد.

ثمة محاكاة، وليست المحاكاة الافتراضية بأي حال، بين العراقيين الذين يقتلون العراق واللبنانيين الذين يقــتلون لبنان الذي كيف له ان يقف، عارياً هكذا، امام الاعصار، فيما الساسة مولغون في ذلك الجدل الذي تقشعر له الابدان. من قال انه لا توجد بيئة حاضنة لداعش في لبنان؟ فليسمح لنا صديقنا تمام بيك.

على الطريق الامبراطورية الداعشية. ابو بكر البغدادي دعا كل مسلمي الارض (كما كانت دعوة دافيد بن غوريون الى يهود الارض) للتوجه الى دولته، ولكن لا نعتقد انه يخفى على احد القرار الاستراتيجي المشترك الذي اتخذته موسكو وطهران بحماية سوريا حتى ولو ادى ذلك الى الحرب العالمية الثالثة.

لحظة البيغ بانغ في الشرق الاوسط. اي دول تذوي او تتفكك؟ اي دولة تتشكل؟

10/5/140704

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك