التقارير

كيف يحتفل سكان نابلس بالنصف من شعبان؟.."الشعبونية" عادة أصبحت تقليد !


 

 

الأصل اللغوي للشعبونية هو الشعبانية، نسبة إلى شهر شعبان، وهو الشهر الثامن في التقويم الهجري. إعتاد النابلسيون في هذا الشهر أن يستضيفوا بناتهم وأخواتهم وعماتهم وخالاتهم المتزوجات. في العادة كانت الشعبانية تستمر ثلاثة أيام وثلث اليوم، يستضاف خلالها الإناث وأطفالهن، وفي اليوم الأخير يستضاف الأزواج وأولادهم البالغون.

نظرا لعدم وجود تعريف متفق عليه للشعبونية، يمكن القول إنها عادة دأب عليها النابلسيون منذ عشرات العقود، تتمثل بأن يقوم "كبير العائلة" -أو من ينوب عنه من أبنائه- بدعوة أرحامه كأخواته وبناته وبنات أعمامه وبنات عماته المتزوجات، وفي كثير من المرات يدعو عموميته من النساء وخاصة المتزوجات لأصهار غرباء عن العائلة، برفقة الأطفال الصغار، إلى الإقامة في بيته مدة تتراوح من ثلاثة أيام إلى أسبوع تُعَدّ فيها الولائم -للمقتدرين طبعًا- وتقام السهرات الليلية والحفلات العائلية، وتعيش تلك الأسرة الكبيرة في هناء وسرور.

 

لم تكن الشعبانية تقتصر على إقامة الموائد على شرف "المُشعبنات"، فكانت فيما تعنيه "لمة" تضم الأهل والأحباب، ينجم عنها السهرات والغناء والرقص، كون هذه اللمة لا تجتمع في العادة إلا في هذه المناسبة من كل عام.

من أشهر أطعمة شهر شعبان أكلة الكوارع "الرؤوس والمقادم والكرش"، واللخنة الخضراء وأصناف الكبة واليخنة النابلسية والفسيخ والمفتول والمحاشي. تجلس النسوة من أصحاب البيت والمدعوات كل تشارك في جانب من جوانب إعداد الطبخة وهن مرحات مسرورات لفرصة الإجتماع بما لا يقل عن فرحتهن بالأطعمة النادرة التكرار.

وتتبع "التحلاية" وهي أما الكنافة النابلسية المشهورة، وأما القلاّز أو ما يسمى بالكلاج المحشو بالجبن النابلسي أو المكسرات كالجوز، أيضا البقلاوة وأنواع أخرى من الحلويات، تليها القهوة السادة لاعتقادهم أنها تساعد على الهضم.

في ساعات المساء والسهرة التي قد تمتد في الصيف إلى الفجر، تجتمع الأسرة والضيوف في ساحة المنزل بجوار نوافير الماء، يتحدثون عن يومهم، ثم يستمعون إلى الطرائف والنوادر من بعضهم البعض، كما أنهم يستمعون ويستمتعون بالعزف على العود والطبل بمصاحبة الأناشيد والأهازيج الشعبية.

لم يكن شهر شعبان يقتصر على الشعبونيات، فهناك عادة أخرى كان أهل المدينة يحتفلون بها سنويًّا، وهي "الشعلة" وتكون في ليلة الخامس عشر من الشهر الفضيل، وهي تصادف على رأي ذكرى تحول المسلمين عن قبلتهم الأولى في بيت المقدس إلى قبلة بيت الله الحرام في مكة المكرمة. كما تتوافق مع ولادة الإمام الثاني عشر للشيعة الأمامية "المهدي" المنتظر

كان أهل المدينة يحتفظون بالرماد الناجم عن وقود التدفئة، فيعبئونه بالعلب "كيل" ويصفون هذه العلب المعبأة بالرماد على حواف أسطح بيوتهم، ثم يصبون عليها قليلاً من الوقود السائل "الكاز" ويشعلونها.

وكان هناك نفر آخر من الأطفال والشبان يحملون هذه الشعلات ويطوفون في شوارع المدينة القديمة وأزقتها، وهم ينشدون أناشيد دينية خاصة في المناسبة ترافقهم في كثير من الأحيان "العدة"، وهي مجموعة من الشيوخ المنتمين إلى الزاوية الصوفية فيحملون الطبول والصاجات والسيوف والرايات ويطوفون في طرقات المدينة وقصباتها وهم يقرعون هذه الطبول والصاجات حتى ساعات متأخرة من الليل.

يقول المؤرخون عن ليلة الشعلة: "إن القدماء كانوا يروون عنها قصصًا، بأن الله يقسم أرزاق الناس وأعمارهم للسنة الجديدة في هذه الليلة. ويضيف أن هذا الإعتقاد جعل دائرة الأوقاف وقتها توظف أشخاصًا بمرتبات سنوية زهيدة عليهم أن يقوموا بدعاء ليلة النصف من شعبان، ويبتهلون للمسلمين بعد صلاة المغرب في المساجد، على أن يتغمدهم الله برحمته وتيسيره".

الشعبونية الحالية:

بالطبع فإن الشعبونية ليست فرضًا، ولكنها عادة أصبحت تقليدًا وما زالت نابلس تؤديها وإن تطورت حيثياتها وأشكالها، إذ إن هناك من العائلات من تقدم المال أو الهدايا لبناتها أو القريبات الأخريات عوضا عن الشعبونية.

ورغم طبيعة الحياة وتطورها وتسارعها، ما زال أهل نابلس متعلقين بهذه العادة، وما زال كثير من العائلات يدعون أقاربهم لتناول طعام الغداء في شعبان، لكنها اختلفت في كونها باتت تقتصر على يوم الجمعة، فبعد الصلاة يجتمعون في بيت الداعي يتناولون الأطعمة المقدمة وينتظرون الكنافة ولا تكاد الشمس تغرب حتى يعود الجميع إلى بيوتهم.

9/5/716

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك