الشعر

هوامش الشجن في نواح (الأبوذية)...

2447 2020-12-18

 

نعمه العبادي|

 

يعد (الأبوذية) أحد اقدم وأهم اشكال الشعر الشعبي، ومع الاختلاف في سرديته التاريخية، فإنه يرتبط موطناً بجنوب العراق، وتحديدا بأهواره، ويرى البعض، ان جذوره الاولى تعود الى الشعر النسائي، وهو صورة وجدانية غارقة في الحزن والرهافة، ومترع بالمشاعر والاحاسيس، ويكفي ان اسمه يقترن ب (الاذى)، فهو كناية عن الالم الذي يعبر عنه، والشكل المعهود لهذا اللون الشعري، يتكون من اربعة اشطر، تنتهي الثلاثة الاولى منه بكلمة متشابهة في اللفظ ولكنها تستعمل بمعاني مختلفة في كل شطر، ثم الشطر الرابع وهو (القفل) وينتهي بحرف الهاء، لكي تستقيم موسيقاه، ويغنى بطريقة جميلة، واذكر احد ابيات الابوذية انموذج للتطبيق على ما تم توضيحه أعلاه:

صديج اللي يودنه مر علينه (أي زارنا من المرور)

لفه وألگه وكتنه مر علينه (من المرارة وهي كناية عن عسر الحال)

مره إلنه الليالي ومر علينه (أي تتناوب المرات فمرة يسر ومرة عسر)

يروحي لا تلوحچ مهضميه..

ويمثل الابوذية مادة الغناء الريفي، وهناك اطوار وألوان مختلفة لغنائه أشجاها الطور العلواني، والذي يغنيه ببراعة اهل الاهواز.

يعمد معظم مغني الابوذية لاضافة عبارات شعرية، والتي اسميتها بهوامش الشجن، والتي يذكرها (غناءاً) بين الاشطر او بين بيتين، وبحسب معرفتي، لا يوجد رصد بحثي لهذه الهوامش التي تمثل عبارات شعرية مضغوطة معبئة بدلالات حزينة ومؤثرة، ربما تفوق اثر الابوذية نفسه، ومعظمها تقال بلهجة شعبية يصعب فهمها على من ليس له احاطة بالكلام الشعبي المعتق، فمن هذه الهوامش (كاغد وجاسه الماي گلبي)، والكاغد هو الورقة، وهنا يصف حال قلبه، بأنه اشبه بورقة اصابها الماء، (كل البله منك يا عيني)، اي كل مصدر اذيتي من عيني، (جامه وسحگها الريل گلبي)، الجامة هي الزجاجة، والريل هو القطار، ولك ان تتصور كيف يصبح حال الزجاجة عندما يدوس عليها القطار، (جندوب أگولن بعد روحي)، اي الى متى اتوسل الاخرين في اموري، (يمرون ويشلعون گلبي)، وهو كناية عن تأثره من رؤية الاحبة، (أهلنا يا.. الضيعونه)، اي اهلنا هم الذين تسببوا في اوضاعنا، وهكذا، توجد عشرات الهوامش الوجدانية المؤثرة التي تمثل اقرب الى الضرورة اللحنية اثناء الغناء، ولكنها في ذات الوقت، تكشف عن احساس مجروح تترجمه هذه العبارات المؤثرة والمميزة..

كثيرا ما استوقفتني هذه الهوامش في صياغتها المكثفة، والتي تعبر عن حالات مختلفة من الالم والحزن والعشق، وبطريقة تنساب مع سياق النماذج المختلفة من الابوذية، والتي يمكن احصائها في دراسة ثرية نفسية وادبية واجتماعية، تكشف عن المكون النفسي للمجتمع..

اتمنى ان تكون الوجبة خفيفة الظل على قلوبكم...

الصورة لشاعر الابوذية الشهير ابن سوق الشيوخ (ابو معيشي)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك