الصفحة الإسلامية

شذرات علوية


 

حسن عبد الهادي العكيلي ||

 

قال السجاد (ع) : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويداً لا يغرّكم ، فما أكثر مَن يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف بنيته ، ومهانته ، وجبن قلبه ! . . فنصب الدّين فخّاً لها ، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره ، فإن تمكّن من حرام اقتحمه .

وإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويداً لا يغرّكم ، فإنّ شهوات الخلق مختلفة ، فما أكثر مَن ينبو عن المال الحرام وإن كثر ! . . ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة ، فيأتي منها محرّماً ، فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك ، فرويداً لا يغرّكم حتّى تنظروا ما عقدة عقله ، فما أكثر مَن ترك ذلك أجمع ! . . ثمّ لا يرجع إلى عقلٍ متينٍ فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله .

فإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرّكم حتّى تنظروا أَمَعَ هواه يكون على عقله ، أو يكون مع عقله على هواه ؟ . . فكيف محبّته للرئاسات الباطلة وزهده فيها ، فإنّ في الناس مَن خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا ، ويرى أنّ لذّة الرياسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنعم المباحة المحلّلة ، فيترك ذلك أجمع طلباً للرياسة حتّى " إذا قيل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم ولبئس المهاد " .

فهو يخبط خبط عشواء ، يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه ، فهو يحلّ ما حرّم الله ، ويحرّم ما أحلّ الله لا يبالي بما فات من دينه ، إذا سلمت له رياسته التي قد شقي من أجلها { فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذاباً مهيناً } .

ولكنّ الرّجل كلّ الرجل نِعْمَ الرجل ، الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله ، وقواه مبذولة في رضا الله ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد مع العزّ في الباطل ، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد ، وأنَّ كثير ما يلحقه من سرَّائها - إن اتبّع هواه - يؤدِّيه إلى عذابٍ لا انقطاع له ولا يزول ، فذلكم الرجل نِعْمَ الرجل ، فبه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ، فإنّه لا تُردّ له دعوة ، ولا تخيب له طلبة . ص185

المصدر: الاحتجاج ص175

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
huda alabbody
2021-02-07
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك