في تحول غير مسبوق في مواقف العواصم الخليجية، عبرت كل من السعودية والإمارات وقطر عن غضب موحد عقب الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حركة حماس بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث دعا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى "رد عربي وإسلامي ودولي" لردع ما وصفه بـ"الممارسات الإجرامية لإسرائيل"، فيما أكد رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان أن الهجوم الإسرائيلي "انتهك كل القوانين والأعراف الدولية"، وذلك خلال زيارته المفاجئة إلى الدوحة ولقائه بأمير قطر، في مشهد يعكس تحوّلاً جذرياً عن فترة المقاطعة الخليجية لقطر قبل سنوات قليلة.
فيما وصف رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الضربة بأنها "إرهاب دولة" واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"الهمجية"، محذراً من انهيار جهود الوساطة التي تقودها الدوحة في ملف غزة، إذ وقع الاستهداف بينما كان قادة حماس يبحثون مقترحا أميركيا لوقف إطلاق النار، حيث فجّرت الضربة الإسرائيلية مخاوف خليجية عميقة من إمكانية تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها الأمنية التقليدية في المنطقة.
وسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التخفيف من حدة التوتر، مؤكداً أن الهجوم "لا يخدم لا أهداف إسرائيل ولا أهداف أميركا"، ومتعهدا لقطر بعدم تكراره. إلا أن دعمه الثابت لحكومة نتنياهو، التي تتهم بتجاوز الأعراف الدولية في حرب غزة المستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، يبقى موضع قلق خليجي. مسؤول أميركي قال إن ترامب "غير مرتاح للوضع"، مضيفا أن "القصف التفردي داخل قطر يتعارض مع أهداف كل من إسرائيل وأميركا".
في المقابل، هدد نتنياهو بمواصلة الضربات إذا واصلت الدوحة استضافة قادة حماس، قائلا: "إما أن تطردوهم أو تقدّموهم للعدالة، وإذا لم تفعلوا، فسوف نفعل نحن". وزارة الخارجية الإماراتية ردت بشدة واعتبرت أن أي عدوان على أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي "اعتداء على منظومة الأمن الجماعي الخليجي".
في حين حذّرت الإمارات، التي قادت توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020 برعاية ترامب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأسبوع الماضي من أن ضم الضفة الغربية المحتلة سيكون "خطاً أحمر". ويرى مراقبون أن استمرار النهج الإسرائيلي الحالي يهدد استقرار هذه الاتفاقيات، رغم صمودها عامين أمام الحروب الإقليمية.
وكانت إسرائيل قد جمدت خطط الضم قبل خمس سنوات كجزء من تفاهمات مع أبوظبي، إلا أن شركاء نتنياهو في اليمين المتطرف يضغطون حاليا لاستئنافها مع توسع كبير في بناء المستوطنات.
من جانب اخر، يبدو أن آمال ترامب ونتنياهو في إبرام اتفاق تطبيع مماثل مع السعودية باتت أبعد منها في أي وقت مضى. فالمملكة تشترط لإقامة علاقات مع إسرائيل فتح الطريق أمام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو بشكل قاطع، إذ تمسك ولي العهد السعودي بموقفه وذهب إلى حد اتهام إسرائيل العام الماضي بارتكاب "إبادة جماعية"، كما اتجه لتوثيق علاقاته مع إيران، الخصم الإقليمي لإسرائيل، في خطوة تعكس إعادة رسم موازين القوى في المنطقة.
https://telegram.me/buratha
