ضياء محسن الاسدي
(( أن الله تعالى خلق الإنسان لغاية محددة في علم الله وهي أعمار الأرض والتمتع بخيراتها وبناء علاقات ورابطة بين بني البشر بروابط متينة لبناء مجتمع مدني وحضاري وإنساني راقي في كل مفاصل الحياة وهداه معرفة سبل الوصول إلى هذا المجتمع المتكامل في الصلاح والإصلاح كما قال تعالى (أنا هديناه النجدين ) أي طريق الحق والباطل وكذلك ( أنا هديناه السبيل إما شاكرا أو كفورا ) وقد أكد الله تعالى في شرائعه وتعاليمه عن طريق رسالاته معرفة النوافذ التي توصل الإنسان إلى مقامات الإنسانية السامية و الراقية المنشودة لخدمة البشر بعضهم البعض لتوفير بنية وقاعدة قوية لبناء مجتمعات حضارية تكاملية وحضارات خلاقة لصنع إنسان راقي في أخلاقه وعقيدته وأسلوب عيشه فقد حدد الله تعالى حياة الإنسان بطرقتين أحدهما شخصي بحت وهو التعامل مع الله تعالى مباشرة لينال الجزاء الأوفى وتزكية النفس الأمارة بالسوء وتنقيتها من درن ومفاتن ومغانم الحياة الدنيا وهي العبادات والإيمان بالله الواحد الأحد كالصلاة التي فُرضت عليه ثلاثة أو خمسة مرات في اليوم تأخذ منه يوميا ساعة واحدة بالكثير وكذلك صوم رمضان في كل سنة شهرا واحدا أو حجة في العمر كله وكذلك زكاة على المستطيع لها وكلها فيها رخصة محددة من قبل الله تعالى رحمة ببني البشر لأنه يعرفه بخلقه أنه ضعيفا وأكثر جدلا فهذه العلاقة بين الإنسان وربه لكن العمل الجاد والمهم الذي فرضه الله تعالى وأوصاه به وحث عليه منذ نشأة آدم الناطق المفكر والمتعلم والمكلف هو العمل الصالح وهو المتفرد عن العبادات الرابط العملي بين الإنسان ومجتمعه ومحيطه وبني جنسه الذي أكدت عليه التعاليم والشرائع والسنن السابقة والأنبياء والنبيين والرسل والقرآن الكريم كونه المعيار الرئيسي لشخصية الإنسان وإنسانيته وبشريته ومكانته في المجتمع وعند خالقه الله تعالى والذي يصل بالإنسان السليم خُلقا ودينا إلى عالم الخلود في الجنة التي أعدها الله لعباده العاملين في خدمة البشرية والإنسانية وأعمار الأرض من خلال زرع الأخلاق والمبادئ والقيم والمُثل العليا الحميدة وإشاعة المحبة والسلام والتسامح والتكافل بين شرائح المجتمع الواحد وتطوير أنظمته المعيشية وهذا ما أكدت عليه الأديان جميعا عبر العصور القديمة كون الإنسان جزء لا يتجزأ منه أما الآن وفي هذا العصر الذي وصل بها الإنسان ما وصل من تكنولوجيا وأبواب معرفية كبيرا ونوافذ للعلم ومصادر للتفكر ووسائل للأخذ منها فقد زادت الحاجة إلى أعادة النظر في كيفية تقييم الإنسان وإعادته إلى ما بدأت به الرسالات والشرائع في الدعوة للإصلاح والتوعية الأخلاقية والإرشاد في النهوض به لممارسة العمل الصالح بعدما فقد هويته الإنسانية شيئا فشيء وأخذ بالرجوع إلى عصر الهمجية والفوضى والتخلف الفكري والمعرفي والحضاري والأخلاقي نتيجة المتغيرات التي طرأت على أسلوب حياته والنفوس البشرية ومنغصات الحياة والابتعاد عن مراد الله تعالى بممارسات خاطئة أودت بالمجتمعات إلى منحدرات خطيرة من الفوضى والفساد الأخلاقي والديني والعقائدي وفي هذا الزمان استدعت الحاجة لإعادة النظر ثانية في تقييم أنفسنا وأسرنا وعلاقاتنا مع بعضنا البعض على هذه الأرض والرجوع إلى نبع النفس الصافي النقي والعقل السليم والمعرفة الجادة الحرة لما يجري من حولنا في هذا العالم المتسارع في الأحداث ))
https://telegram.me/buratha
