المقالات

ماذا بعد العشرين؟!


عبدالزهرة محمد الهنداوي ||   (كان العراق برمته تماما كما سجناء "كوخ الحب" في معتقل گوانتنامو سيُشترى بـ"البرينغلز" وثقافة البوب..اقله كانت تلك خطة  ادارة بوش لمرحلة ما بعد الحرب)  الكاتبة الكندية نعومي كلاين من كتابها "عقيدة الصدمة"٢٠١٧ — —-  كانت ولادة العملية السياسية في العراق، بعد ٢٠٠٣، صعبة ومتعسرة، لانها جاءت بعد معاناة عنيفة وشديدة، عاش خلالها العراقيون عقودا طويلة من القهر والاستبداد والدكتاتورية، والجوع والفقر والحرمان، وقد كان لتلك الظروف تأثيرا واضحا على سلوك الناس، نتج عنه وجود هوّة كبيرة بينهم وبين الحكومة، وقد  واجهت العملية السياسية تحديات جسام تمثلت بإن التغيير الذي شهده العراق، لم يكن على ايدي العراقيين، بل جاء من خلال الاحتلال الامريكي، واشاع الامريكيون انهم سيجعلون من العراق، نموذجا فريدا للديمقراطية والقوة الاقتصادية في المنطقة!! الا ان ذلك لم يحدث بالمطلق، بل قرروا ان يضعوا بداية صفرية لكل شيء، وكأن البلد جاء من العدم!! وعلى هذا الاساس كان لاصابع الاحتلال دورا كبيرا، في زراعة الكثير من الالغام في واقعنا، التي  بدأت تتفجر الواحد تلو الاخر، مخلفة الكثير من الخسائر الجسيمة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وفي ظل هذه "الفوضى والارتباك، والخوف من المجهول، وغياب الثقة بين المكونات التي سعى الاحتلال الى تغذيتها بنحو صريح، فضلا عن الانهيار الاقتصادي والامني، جاءت الولادة المشوه والعسيرة لعملية سياسية لاترتكز  الى اي ركيزة من ركائز القوة الوطنية، باستثناء الدستور الذي جرى التصويت عليه شعبيا، ولكن هو الاخر كان مليئا بالمتفجرات، التي كان دخانها يغطي المشهد برمته في تلك الايام وعلى الرغم من كل هذه الاشكاليات الهيكلية في جسد العملية السياسية، حيث تأسست على اسس لم تكن صحيحة، الا انها شقت طريقها وسط ركام هائل من الصعوبات، والتحديات، فقد تكون هذه العملية الاكثر تعقيدا، بالمقارنة مع نظيراتها في بلدان اخرى، فقد مرت بانسدادات واختناقات واختلافات وخصومات وشكوك واتهامات، انسحبت على الوضع العام، فكان البلد يمر في اعقاب كل انتخابات في عنق زجاجة شديد الضيق، لدرجة تكاد تتوقف معها الحياة، فتتاخر الموازنات وتتلكأ المشروعات وتصاب الحياة بالشلل، ولكن في كل مرة، يأتي الانفراج ويتحقق الحل، فتمضي الامور، ولعل مايميز العملية السياسية في العراق، انها وبرغم كل هذه الاشكالات، هو  التداول السلمي للسلطة،  الذي بقي سيد الساحة، ولم تلجأ اي جهة من الجهات  المتخاصمة، او المتنافسة او المتصارعة، الى القيام بانقلاب عسكري للهيمنة على السلطة، وهذا امر في غاية الاهمية، يعطي رسالة مفادها ان الاحتكام الى الانتخابات ، وتحكيم القضاء، كفيل بتحقيق الاستقرار السياسي، ولكن ذلك بحاجة الى مدى زمني ليس بالقصير، لترسيخ وتجذير المباديء الحقيقية للحرية والديمقراطية، اذ مازلنا بحاجة الى الكثير من التمارين والتدريب على تلك المبادئ لنكون قادرين على التعاطي معها بنحو اكثر نضجا. ان ترحيل المشكلات اسهم في تفاقمها، ومع هذا التفاقم، لم يتمكن فواعل وحوامل العملية السياسة من تصحيح المسارات الخاطئة، والعمل على ازالة الالغام التي زرعها الاحتلال، الامر الذي يجعل من هذه العملية رخوة وهشة، ما يعرضها للاهتزازات العنيفة، بنحو مستمر، ومثل هذا الامر مدعاة لان يضع البلد في حالة من اللااستقرار بنحو دائم، وهذا الذي شهدناه وعشناه على مدى العقدين الماضيين، امن هش، وتنمية متهالكة، وضياع الثروات، وتغول الفساد، وضعف القوانين، وازمات مستدامة.. اليوم وبعد مرور عقدين من الزمان، على تلك الولادة، آن الاوان لاخضاع عمليتنا السياسية الى عمليات جراحية كبرى على ايدي متخصصين مهرة، لمعالجة كل ما شابها من اورام وتكلسات، وسوفان في الفقرات، فجسدها لم يعد قادرا على الصمود وتحمل كل هذه الالام والمضاعفات الخطيرة
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك