المقالات

♦️ من اسباب نجاح الحياة الزوجية ♦️


 

🖋️ الشيخ محمد الربيعي ||

 

و نحن نعيش ذكرى المناسبة العظيمة ألا وهي ( زواج النورين ) الامام علي بن ابي طالب ( ع ) ، وسيد الطاهرة فاطمة الزهراء ابنت النبي الخاتم محمد ( ص ) ، فمن الاولى بنا ان نعيشها بفكر واعي و نستفيد منها لحياتنا ، و نتعلم من الحياة الزوجية لنورين ( علي و فاطمة ) كيف نعيش تلك المشاركة في الحياة في سعادة و قبول بعضنا البعض ، و خصوصا انهما من مدرسة ( الاسوة الحسنة ) التي اوصى الله تبارك وتعالى الاقتداء باقوالها و افعالها ، قبل ان نأخذ مقومات النجاح من الادوات الفاسدة لبعض ( الافلام و المسلسلات ) .

محل الشاهد :

نتعلم من الحياة الزوجية لنورين ان من اهم سبل السعادة الزوجية هو ( تقاسم مسؤولية البيت ) و عدم الاكتفاء على احد الاطراف دون الاخر  ،فقد كان عليّ و فاطمة ( ع ) يتحسّسان مسؤولية البيت فاقتسماها ، وفي أحاديثنا ، أن الزهراء تقاضت مع عليّ عند رسول الله(ص) ـ ( تقاضي المحبّة ) ـ حتى يقسّم العمل بينهما، فصار الاتفاق أنّ الزهراء تطحن و تعجن و تخبز ، و أنّ أمير المؤمنين يكنس البيت و يستقي الماء و يحتطب .

و في ذلك درسٌ للرّجال والنساء معاً :

▪️أمّا درس الرّجال ، فأن يتعلّموا من عليّ أن لا يتكبروا على خدمة المنزل، فعليّ كان يكنس و يستقي و يحتطب ، و الرّجل منا لا يرضى لرجولته أن يكنس ويستقي ، لكنّ عليّاً ، و هو سيّد الرجال ، كان لا يرى بأساً في كنس البيت ، لأنّ البيت بيته ، و الزوجة زوجته ، هي إنسان كما هو إنسان ، و الرّجل مهما كان عظيماً ، ليس أكبر من أن يخدم أولاده و زوجته و أباه و أمَّه و أخوته و من هو مسؤول عنه .

▪️والدّرس نفسه ينبغي أن تتعلّمه النّساء، بأن لا يعتبرن أنَّ العمل في البيت يمثّل احتقاراً لهنّ ، كما هي العقليّة التي ولدت عند بعض النساء المسلمات مؤخَّراً ، فالزهراء كانت تعمل و تطحن وتخبز ، و نحن وإن قلنا مراراً إنّ الله لم يفرض على المرأة ، ابنةً كانت أو زوجةً ، أن تخدم في البيت ، بيت أبيها أو زوجها ، بالمعنى الشرعي للإلزام ، ولكنّ الله أراد للإنسان عندما يعيش في أيّ موقع يتطلب المشاركة ، أن يندفع طبيعياً بحسب طاقته ، حتى يشارك في هذه الطاقة و يفجّرها ، و الإنسان الذي يقف في موقع المسؤوليّة ، و يهمل ما أحبّه الله له وإن لم يلزمه به ، هو إنسان لا يعيش الإحساس بموقعه الإنساني تجاه الإنسان الآخر، فالله عندما لم يلزم المرأة بالعمل البيتي أو تربية الأطفال و الإرضاع، لم يرد لها أن تكون سلبيّة أمام ذلك ، و إنما أراد لها أن تكون إنسانة العطاء ، لتقدِّم من قلبها ومن طاقتها ومن جهدها بوعيها و اختيارها ، أن تقدِّم ما لا يجب عليها عطاءً في سبيل الله [إنَّما نُطْعِمُكُم لِوَجْهِ الله ]، بحيث تشتغل في بيتها و تخدم أولادها لوجه الله ، كما تصوم و تصلّي لوجه الله ، و تضحّي لوجه الله... و لذلك ، عندما قال النبيّ الخاتم (ص): ( جهاد المرأة حسن التبعّل ) ، فلأنّه يعرف شدّة المعاناة فيما تعيشه مع زوجها ، و فيما تصبر به على أذى زوجها ، و ما تتحمّله من إحساساته التي قد تثقل إحساساتها ، هذا إن لم تكن تعيش معه معاناة كبيرة ، فإطلاق الجهاد على حسن التبعّل ، لكون الجهاد يثقل المجاهدين حتى يأخذ منهم أرواحهم ، و كذلك المرأة ، تعاني مع زوجها حتى تكاد تفقد روحها ، فإذا صبرت صبر الواعي ، و صبر الإنسانة الّتي تملك شرعاً أن تمتنع عن الخدمة ، فإنها تعتبر من المجاهدات في سبيل الله، و يكون لها أجر المجاهدين .

▪️باختصار ، إنّ مسألة الخدمة ـ أن يخدم أحدنا الآخر في دائرة مسؤوليّته ـ ليست مسألة تتّصل بالكرامة لتعتبر المرأة أنّ العمل في البيت احتقار لشخصيّتها ، أو يعتبر الرّجل أنّ مشاركتها في العمل احتقار له أيضاً ، وإنما هي مسألة تتصل بالإنسانيّة ، و قيمة الإنسان في هذه الدّنيا ، أن يخدم الإنسان و يخدمه الإنسان الآخر ، و ليس هناك إنسان خادم بالمطلق ، و ليس هناك إنسان سيّد بالمطلق ، كلّ إنسان منّا سيّد في دائرة ، و خادم في دائرة أخرى .

نسأل الله نصر الاسلام و اهله

نسأل الله نصر العراق و شعبه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك