المقالات

تربة سجودنا وطئتها أقدام الراقصات!

1735 2019-08-03

سجاد العسكري


عبر الزمن والتاريخ والحضارة شعوب تحتفي بما تركه السلف من تراث وقداسة التي تصنع هوية الأمم وتعكس وطنيتها لوحدة الأرض وتألف الشعب للحفاظ على هذا الإرث في صنع مستقبل معاصر متقدم وفق اطار ماضي خاضع للثقافة والحضارة الإنسانية للشعوب , فبالرغم من تقدم الذي يشهده العالم فلا زالت المجتمعات تستخدم التراث الغير المادي بشكل يومي في عموم العالم ,بأعتباره ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية وكذلك اعتزازها به ,والمحافظة عليه من الاندثار.
فالتراث هو الارث الذي تركه اسلافنا وله قيمة علمية وفنية وادبية وقد يكون مادي كالكتب والاثار وغيرها , وقد يكون غير مادي -معنوي – كالأخلاق والاداب وروح التضحية والشهادة ,وقد يشترك مع هذا الارث القداسة كالقران الكريم والسنة المعصوم عليه السلام , وكذلك التضحية والشهادة من قبل الانبياء والصالحين والعلماء ,كما هي دماء شهداء كربلاء التي اعطت لهذه الارض قداسة لعظم تضحيتهم من اجل الحفاظ على الارث النبوي والعدالة الاجتماعية التي جاء بها الاسلام فاكتسبت خصوصيتها من هذه الدماء الزكية التي سالت عليها . 
في هذه المقدمة عنيت مدينة كربلاء المقدسة التي جمعت بين التراث والقداسة ,فوراء نشأة المدن وتكونها عدة اسباب منها قربها من مصادر المياه , او لوقوعها على طريق تجاري او لسبب ديني فتبداء بقدسية المكان من تقديم خدمات للزوار وتتحول الى مناطق استراحة فاسواق ثم الى مدن عامرة , فكربلاء كانت ارض لم تسكن الا بعد حدوث واقعة كربلاء واستشهد فيها الامام الحسين واهل بيته واصحابه عليهم السلام , فدفن فيها وشيد عليها الأضرحة الشريفة فأصبحت مقصد الزوار وتتحول الى شوارع واسواق ومدن حتى اصبحت من اكثر المدن المقدسة زيارة في العالم .
اما تربتها فهي حرم الله الامن في حديث عن ابي الجارود عن علي بن الحسين عليه السلام :( أتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق ارض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وأنها إذا بدل الله الأرضين رفعها الله كما هي برمتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روض من رياض الجنة، وأفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون), فهل يجوز لحرم الله الامن ان تتراقص وتتمايل فوقه الراقصات ,مالكم كيف تحكمون.
ومن جانب اخر ان ابرز مظاهر العبودية هو السجود على التراب الطاهر , ولتربة كربلاء فضيلة عظيمة كما ورد في الروايات لتعظيم وتقبيل هذه التربة من قبل النبي المصطفى "ص" والامام علي عليه السلام والسجاد والصادق وغيرهم كانت لهم مواقف في تعظيم هذه التربة العطرة الزكية , فاصبحت هذه التربة لأتباع اهل البيت عليهم السلام موضع للسجود والتبرك وشفاء المرضى كما جاء بالاثر الشريف للائمة الاطهار ,فبعد هذا تجعلون من اطهر تربة للسجود بان تتمايل وتطئها اقدام الراقصات .
فهنا نتكلم عن قداسة كربلاء التي يريد البعض الظال وبما تمليه ميوله وغرائزه الشيطانية ان يدنس هذه الارض الطاهرة عبر مفهوم عدم خلط الاوراق , باعتبار الحفل الراقص في ملعب كربلاء يمثل وجهة حضارية للعالم , وهم بهذا يغالطون انفسهم فكل البلدان تفخر بأرثها وحضارتها لتصدره عبر المحافل المتنوعة , اما اصحاب الحفل قد نأوا عن انفسهم من ان يعكسوا وجه العراق الحضاري عموما وكربلاء ارض الحدث خصوصا بل عمدوا الى استيراد ثقافة مستهجنة وجهت بالرفض من اغلب الاوساط التي لها اثر وحس وطني حقيقي .
اما اصوات البعض الناشزة هي اما جاهلة بهذه الاعتبارات او مسيرة وفق مخططات استهداف الاماكن المقدسة التي تعكس هيبة وحفظ المجتمع عبر مراحل العراق التاريخية , فعندما صدرت الفتوى بالجهاد الكفائي من ارض الحسين عليه السلام تلاقفتها المدن الاخرى بالسمع والطاعة وتلبية لهذا النداء الحضاري الذي يفرق بين الحق والباطل ,لأنها ارض الشهداء والعلماء والامجاد.
فليسمع المنسلخون من تراثهم ومقدساتهم , وكذا المسؤولين ,بان ارض كربلاء ليست حكرا على البعض , ولا ادارة امورها ايضا , بل هي لكل المؤمنين والمدافعين عن عقيدة اهل البيت عليهم السلام .

     
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك