المقالات

زينب عليها السلام... والحكم على يزيد


 

السيد محمد الطالقاني


أَظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حِينَ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ، وَضَيَّقْتَ عَلَيْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ، فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِي إِسَارٍ، نُسَاقُ إِلَيْكَ سَوْقاً فِي قِطَارٍ، وَأَنْتَ عَلَيْنَا ذُو اقْتِدَارٍ، أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَعَلَيْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَامْتِنَاناً؟؟ وَأَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ وَجَلَالَةِ قَدْرِكَ؟؟ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ فِي عِطْفٍ، تَضْرِبُ أَصْدَرَيْكَ فَرِحاً وَتَنْفُضُ مِدْرَوَيْكَ مَرِحاً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَالْأُمُورَ لَدَيْكَ مُتَّسِقَةً وَحِينَ صَفِيَ لَكَ مُلْكُنَا وَخَلَصَ لَكَ سُلْطَانُنَا.
بهذه الصرخة صرخة الحق في وجه السلطان الجائر اعلنت السيدة زينب عليها السلام ان الظالم مهما تفرعن لابد له من نهاية فقامت بتشكيل اول محكمة في تاريخ البشرية حيث يحاكم المظلوم الظالم في عقر داره فاجلست يزيد في قفص الاتهام وهو في قصر سلطانه قائلة له: بدين الله ودين أبي وأخي اهتديت أنت وجدك وأبوك إن كنت مسلمًا.
فاخرجته بذلك من ملة الاسلام الذي يدعي بالانتماء اليها , وكان هذا اول حكم لمحكمتها ضد يزيد .
ثم خاطبت الامة المجتمعة في قصر الطاغية فألقت عليهم الحجة واللوم لاإيقاظهم من غفلتهم، وحملتهم مسؤولية ماجرى على الاسلام والمسلمين نتيجة خذلانهم وتواطئهم مع يزيد قائلة لهم : انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، تتخذون أيمانكم دخلًا بينكم. 
فاستطاعت ان تحرك عواطفهم، وان تلهبت مشاعرهم، وتستنطق حماستهم،وهي ترسم خطى الحرية بصرختها في وجه الطاغية قائلة : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ.
ثم التفتت الى المتهم يزيد قائلة : أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى، أنّ بنا على الله هوانًا وبك عليه كرامة؟
وإنَّ ذلك لِعِظَمِ خَطرِك عنده؟ 
فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسرورًا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متّسقة، وحين صفا لك ملكنا فمهلًا مهلا، أنسيت قول الله تعالى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)،
ثم نطقت بحكم محكمتها على الطاغية يزيد بنهاية حكمه وزوال عرشه قائلة :وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُين.
فكان قرار محكمتها هذا ان هز عرش يزيد، حيث أظهرت للناس كذب بني امية وخداعهم وتضليلهم للناس , فاسقطت حكمهم في الشام التي كانت عاصمة الخلافة لهم.
لقد بقي صوت زينب عليها السلام على مر الدهور قويًّا وبقيت هامتها شامخة شموخ التضحية والدماء والفداء الذي تجسد في كربلاء مع الإمام الحسين عليه السلام واستمر حيًّا وضّاءًا إلى يومنا هذا حيث استمدت الشعوب المستضعفة والمقاومة الاسلامية عزيمتها من شموخ وصمود هذه المراة العظيمة.
إنها زينب الصوت القوي والبحر الهادر الذي أسقط عروش الظالمين ، وصوت الحق، وصوت الرسالة، وصوت الإعلام الثائر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك