المقالات

السنة والشيعة والمصالحة الوطنية.. بين الحقيقة والواقع|| زيد شحاثة

1432 2016-10-13

زيد شحاثة
من بديهيات الأمور, أن تراجع القضايا الوطنية, خصوصا إن رافقتها مشاكل وأحداث, تستدعي ذلك, أو وجود اكثر من قومية أو مذهب, تعيش ضمن هذا الوطن, وترافق تلك المراجعة, عملية مصالحة, يقوم بها ويديرها, قادة لهم مقبولية, وأثر بين جمهورهم, وبقية الشركاء, ضمن اطار الوطن.
لكن ما معنى مفهوم المصالحة؟
المصالحة بشكل عام، تعني فتح صفحة جديدة, من العلاقة بين من يتصالحون, والتسامح عن الصغائر, والمحاكمة والقصاص العادل في الكبائر, وتعويض من تضرر, ويسبق ذلك, سن قوانين وتشريعات, لمعالجة كل الإشكالات, بعد دراسة وافية, وبفترة محددة.. ويغلق الموضوع.
يضحك على نفسه, من لا يعترف بأن حكم البعث الصدامي, أعتمد على طائفة بعينها, وهمش وأضطهد وبقسوة, بقية الطوائف والمكونات.. وأن الطائفة المقربة, عاشت رعبا، خلال بدايات ما بعد سقوط النظام، خوفا من ردة فعل، تصورتها ستحصل، ممن ذاق عذاب النظام وويلاته.. وبعد التيقن أن شيئا من ذلك لن يحصل, مارس كثير منهم العنف, طلبا لحق الحكم الذي صدقوا تخيلا, أنه وراثة لهم, بحكم تقريبهم من النظام البعثي!
للحديث بشكل صريح، فأن جوهر عملية المصالحة، حصولها بين السنة والشيعة.. فالكرد ليسوا متفاعلين مع الموضوع, لعدم تأثرهم به داخليا, ينتظرون نتائجه ربما, وما يمكن أن تقدمه لهم, من مصالح وفرص, للإستفادة.
قبل هذا لنسأل، ألا توجد حاجة، لحصول مصالحة داخلية، سنية سنية, وشيعية شيعية؟
الشيعة وتصالحهم, قضية حلها أسهل نسبيا, رغم تعقيداتها وتجذر الخلافات, وإختلافات حول الرؤى, لكثير من القضايا العقائدية والسياسية, إلا أن كل الخلافات في حقيقتها, بين قادة وساسة فقط.. صحيح أن جمهور هؤلاء, يتفاعل ويستجيب لتلك الخلافات, وما يرافقها من تهريج وتصعيد, إلا أن هناك جامعا أكثر قربا للجمهور, من ساسته وقادته, وهو المرجعية.. فهي قادرة وبقوة, على حسم أعقد القضايا, والفصل فيها, برغم أنف الساسة, ولنا في فتوى الجهاد الكفائي, خير دليل.
المصالحة السنية داخليا, أصعب كثيرا, فلا مرجعية تجمعهم, وأن وجدت, فليس لها التأثير أو المقبولية, ولو بجزء يسير مما للمرجعية الشيعية, يضاف لذلك الطبيعة العشائرية البدوية السائدة, وعادات قبلية, وقتال وتنافس وثأر, وتنازع على النفوذ, وتقرب من السلطة والنظام الحاكم.. كل ذلك خلق صعوبة حقيقية, في ظهور ممثل للمكون, له ثقل جماهيري, فكيف بحصول مصالحة؟!
نجاح المصالحة بشكل حقيقي, وليس شكليا, او للدعاية الإعلامية يحصل, عندما ينجح السنة كجمهور, في توحيد صفوفهم, وتحديد مصالحهم الحقيقية, واختيار ممثلين لهم, أفضل من ما موجود حاليا, وقبول واقع, أن غيرهم هو الأغلبية, ويتجاوزون قضية أنهم من حكم العراق لثمانين عاما.. وينجح الشيعة في التوحد, حول رؤية معتدلة وسطية, سبق أن أشارت لها المرجعية , وفي أكثر من مناسبة.. رؤيا تضع أليات, لبناء دولة عصرية, تضمن حقوق الجميع, بشكل عادل.
مصالحة الأقوياء, لا مصالحة الضعفاء, هي من ستعطي نتائج, وليس مطلوبا أن يصبح السنة شيعة, أو العكس.. بل تعني أن نحترم بعضنا, ونقبل وجودنا معا, كأمر واقع لن يتغير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك