المقالات

معركة الطف تتصدر التاريخ عنوة !...

1681 2016-10-04

رحيم الخالدي

يذكر التاريخ حرب الوردتين، التي أكلت أوربا، وهي حرب أهلية دارت معاركها على مدار ثلاثة عقود (1455م-1485م)، حول الأحق بكرسي العرش في إنجلترا، بين أنصار كل من عائلة لانكاستر وعائلة يورك، والسبب نسبهما إلى الملك إدوراد الثالث! وقد كان شعارهما الوردتين المختلفتين في اللون (الأبيض والأحمر) فكان أول من أطلق على هذه الحرب مسمى "حرب الوردتين" ويليام شكسبير، حيث كانت الوردة الحمراء شعار أسرة لانكاستر، والوردة البيضاء شعار أسرة يورك، وكانت نتيجة هذه الحرب الأهلية بفوز هنري تيودور من أسرة لانكاستر، على آخر خصومه من أسرة يورك .

هذه الحرب يوصفها المؤرخين بأنها أطول حرب أهلية، التي إمتدت طول ثلاثين عاماً، وقد أكلت الأخضر واليابس،  ولم يُذْكَر العدد الحقيقي لعدد الضحايا! والتي لم تخلّف سوى الدمار، وجيش من الأرامل والأيتام، وهي بالطبع وصمة عار في جبين الملكية البريطانية، من أجل تاج للملك وليس للشعب المغلوب على أمره، ولم يذكرها التاريخ الحديث، لما لها من أثر مخجل أمام وضاعة التاج البريطاني، الذي من أجله تم إراقة كل هذه الدماء، لكن هنالك حرب لم تستمر سوى سويعات! والتاريخ يخلدها ويستذكر فيها معاني البطولة والفداء، من اجل كلمة حق بوجه ظالم جائر .

معركة الطف لم تستغرق أكثر من نهار، بجيش قوامه آلاف، مقابل سبعين نفراً أو أقل! وتجلت بها كل المعاني السامية، ومن بعض المواقف التي لم يغفلها التاريخ، المحاورة التي جرت بين سيّد شباب أهل الجنة، مع ولدهِ "علي الأكبر" صلوات ربي وسلامه عليهما، عندما سأل علي الأكبر أباه، قائلاً أولسنا على الحق؟ قال له "الحسين" بلى، قال إذا لا نبالي إن وقعنا على الموت، أو وقع الموت علينا، من تلك الكلمات يمكننا أن نستشف أن الحسين صلوات ربي وسلامه عليه، خرج بغرض إصلاح منهج أُمة جدهِ وأبيه، مجددا مقولة أُمِرْتُ "أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" وبهذا فقد دخلت معركة الطف التاريخ من أوسع أبوابه، بل فاقت كل الثورات في العالم، وأصبحت هي مصنع الثورات.

 هذه المعركة أنقذت الإسلام  وأيقظتهُ من سباته وهوانه، وقبوله بشارب الخمر أن يكون أميراً عليهم وهو من الطلقاء! وبقيت معركة الطف تتناقلها الأجيال جيلاً من بعد جيل، مستذكرين كل الكلمات التي ذَكّرَ بها الحسين ومخاطبته جيش يزيد عليه لعائن الخالق والناس أجمعين، وبقرابتهِ من رسول الإنسانية، وصلته من أبيه وأمهِ، وكيف أن الرسالة المحمدية أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، وبما أن سيد شباب أهل الجنة، عارف أنه ملاقي ربهُ لا محالة، ألقى عليهم الحجة، بكلمات أني أكرهُ أن يدخل هؤلاء النار بسببي، فأي أخلاق يتمتع بها "الحسين" وهو في خضم المعركة.

نحتاج اليوم التطبيق الحقيقي لتلك الأهداف، التي ضحّى بها الحسين بروحه ودمه، وسبي عياله والمسير بهم إلى الشام سبايا، وبناء الدولة وفق الأسس الصحيحة، لابد لها من تحقق وفق الرؤية الصحيحة، والدولة العصرية العادلة، إنما هي تمهيد لدولة العدل الإلهي، ولابد لها من التحقق في القريب العاجل، وهيهات منّا الذلة، طبقها حشدنا الشعبي المقدس، عندما إستجاب لنداء المرجعية الرشيدة، والتصدي لزمر الإرهاب التكفيري الوهابي، والقضاء عليهم في كل القواطع، وما الإنتصارات المتحققة التي حققها الأبطال في جرف النصر، والفلوجة، وتكريت، وبيجي، والشرقاط، والقيارة، وباقي القواطع ليست سوى البداية .   

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك