المقالات

صناعة الدكتاتورية والعبيد|| واثق الجابري

1454 2016-09-07

واثق الجابري

خلاصة بحثنا عن الحقيقة لسنوات؛ ينتابه إحساس غريب، وإساءة بعضنا للنصوص والشخوص؛ ما يجعلنا نُفكر ملياً بتناقض الظاهر والحقيقة، وخليط الحاضر والماضي، والجاني والضحية، ورغم  تطلعنا وسعينا  لحياة الرفاهية؛ إلاّ أن عجلة واقعنا لم تتغير جوهرياً.

ما يزال العنف والتسلط والفساد؛ مقروناً بالإستهانة بكرامة الإنسان والحياة الإجتماعية، والتنافس الشخصي يفرض نفسه على الواقع.

 فُرضت نظرية قبول أسوأ الإحتمالات، وعلل السياسيون واقعها بدعوى عمومية الفساد وأنهم أفضل السيئين، وخلا كثير من الأطاريح والتصرفات الفردية من المحتوى والإستراتيجية؛ نتيجة بؤس جوهر العمل السياسي الغارق بأنانية التفكير، ووضع المواطن في مقارنة دونية بين الشر والأَشر ودكتاتورية وذباح ولص وعصابة، وعليه القبول بواقع الحال أو العودة للدكتاتورية وتسليم رقبته للإرهاب، وخيارات لا خير فيها إلا مغادرة السلام والرفاهية.

سياسيون معظمهم كان مواطناً يعتاش ببساطة من أرض موطنه، ويدفع عربة كغيره من الكادحين والمحرومين، وبعضهم صفق للدكتاتورية، واليوم يُصفق له ويمجد ويُهَلل؛ فمَنْ صَنَعَ مَنْ؛ هل الدكتاتورية صنعت عبيداَ أم العبيد صنعوا الدكتاتورية؟ّ!  وكلنا يُدرك أنها مغامرات وضعها الخارج لإضعاف الداخل، وحديث عن زمن يسمونه جميلاً، وهو الذي  قادنا بالإفتقار والإذلال وإنتهاك الكرامة.

 سؤال  يشغل الشارع العراقي كثيراً؛ مَنْ يدفع الناس للأحزاب السيئة الصيت والفعل، ومَنْ  يجعل في محفظة المواطن أكثر مِنْ هوية حزبية متناقضة، ولا يملك هوية وطنية تشعره بالإنتماء للأرض والمحلة والمدينة؛ حين يبحث المواطن عن شبر  بين الأزقة وأحياء التجاوز والصفيح، ويعيش بلا ذكريات مكان ولا رائحة موطن، وأمامه ملك الدولة مستباح بقوة السلطة والسلاح.

إن التوظيف سبيل وحيد رسمته السياسات الخاطئة، وتعطيل شامل للصناعة والزراعة والتجارة، ولا طريق إلاّ الإنتماء لبعض الأحزاب والقوى النافذة، وعُدت مكاتب بعض السياسيين للمقاولات والتعيينات، والمواطن أيضاً يطلب ذلك ومن يُخالف يعتبره كثير من الجمهور ناكثاً لعهوده الإنتخابية، ومَحل سباب وإتهام، وهو يرى بعينه كيف اوصلت بعض الأحزاب مقربيها الى مقاليد السلطة والنفوذ والمال، وتَنَكَروا لبيئتهم وأهلهم وجمهورهم.

 تعطينا دلالات شوارعنا المصبوغة بالدم وروائح الجثث وإنتشار الفساد؛ بوجود من يتنافس سياسياً بالقتل وإهدار الكرامة، ويُفرقنا لإنتماءات فرعية تُزيد الإنقسام.

ذنب أساس يتحمله السياسيون؛ بأنهم جعلوا مصادر العيش مرهونة بالولاء، ولا سبيل للمواطن إلا البحث عن من يجد له فرصة عمل، ولكن  بعضنا أصبح شريكاً بإعادته لمرات متعاقبة لنفس الوجوه التي وصفها بالكالحة، وفي ذات يوم شتمها وقذفها بشتى الإتهامات، وبذلك فقدنا كثيراً من وجودنا الإنساني؛ إذا تنقلنا من أقصى اليمين الى أقصى الشمال، وبعضنا جلب أدوات الإستهانة بالكرامة، وفضل مصلحة شخصية دعته لإعادة الوجوه التي سببت الفساد  والتسلط والعنف، وهنا لا تتحمل الأحزاب الفاسدة الذنب لوحدها؛ أن كان البعض يُعيدها للسلطة لمكتسب شخصي.

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك