المقالات

عن "غيتو" الحسينية المنسي! || قاسم العجرش

1282 2016-08-17

 

قاسم العجرش   qasim_200@yahoo.com

ألغت زيارة قمت بها قبل أيام، الى تجمع سكاني كبير، يقع على مسافة 20 كيلومتر، نحو الشمال الشرقي من بغداد بإتجاه بعقوبة؛ معظم النوايا الطيبة التي كنت أحملها، تجاه الدولة وأجهزتها المختلفة وبلا إستثناء، وتشكلت قناعات جديدة في تفكيري، لكنها قناعات سلبية مع الأسف..اسم هذا التجمع جزافا"مدينة الحسينية"،.

هناك في "غيتو" اسمه الحسينية؛ يمكنكم أن تتأكدون وبشكل قاطع، أن الدولة غير معنية بمواطنيها، وأنها ترى فيهم "أدوات" وليس "أهداف" كما نص على ذلك الدستور، لكن المواطن الساكن في الحسينية، ليس "مواطنا" في دولة "المواطنة"، بل هو في افضل الأحول؛ "مواطن درجة ثانية"، خارج تفكير الدولة، وأو أنها لا ترغب به!

هذه المدينة غزيرة العطاء، ولا ينافسها بعطائها، و بمنجزها التضحوي، سوى شقيقتها العزيزة على قلبها، وليس على قلب الدولة، مدينة الصدر؛ وحين زرتها كانت قد قدمت للتو قافلة من الشهداء الجدد، لتضيفهم الى قائمتها الطويلة، التي بدأت وليس من المنتظر أن تنتهي، دفاعا عن العراق ووجوده ودولته.

"الحسينية" التي يقترب عدد سكانها من المليونين، لا تتوفر على الحد الأدنى من الخدمات، ولا أعتقد أن في العراق مدينة تنافسها بالحرمان، فهي على رأس قائمته التي من الغريب؛ أنها تضم أغلب المدن والحويصلات السكانية، التي يقطنها سكان من الشيعة!

النسيج الإجتماعي في هذه المدينة الباسلة متماسك، تحكمه تقاليد وأعرف عشائرية رائعة، لكن من البديهي، أنه كلما تتسع مساحة الحرمان، فإن المشكلات المجتمعية والبيئة والصحية تزداد بإضطراد، ويتعقد المشهد بالاف العاطلين عن العمل، وبغياب شبه تام للرعاية الصحية، وبفراغ تعليمي رهيب، وببنية تحتية تكاد تكون صفراً.

الفرية الكبيرة التي تعرضت لها مدينة الحسينية، هي أن أسمها في سجلات الدولة، هو "مدينة الزهور"، في حين أنها تستحق وصف الـ "غيتو"، حيث يختلط ماء الشرب بمياه الصرف الصحي، بسبب عدم وجود شبكة للمجاري، وأتحدى أي مسؤول في دولتنا العزيزة، أن يقبل بأن يغسل وجهه بهذا الماء، فضلا عن أن يشرب منه!

الحسينية مدينة شابة، بمعنى أن غالبية قاطنيها من فئة الشباب، لكن جلهم عاطل عن العمل ، فلا برامج للتشغيل، ولا الدولة فكرت بإنشاء مصانع أو ورش عمل، يمكنها أن تستوعب هذا الشباب المتوقد، والمدينة تفتقر بشكل مطلق، الى ملاعب وقاعات رياضية، والى مراكز تستوعب مهارات وقابليات الشباب.

في موضوع الرعاية الصحية، فإنه ليس من المعقول أن مدينة بهذا الحجم، تبقى معتمدة على مركز صحي بسيط، وهي تستحق أربع مستشفيات كبيرة، وفقا للقياسات المتواضعة، وليس وفقا للمعايير الدولية.

في قضية الفراغ التعليمي؛ ثمة نقص خطير بالأبنية المدرسية، وبتهالك الموجود منها، وبنقص كبير بالهيئات التدريسية.

مشكلات مدينة الحسينية كبيرة وخطيرة؛ ولا يمكن حلها بنسيانها أو تناسيها، وستواجه الدولة وضعا صعبا في قادم الأيام، إذا أستمرت على سياسة الإهمال، الذي يبدو أنه متعمدا.

* "الغيتو"المَعزِل حسب ويكيبيديا، يشير إلى منطقة يعيش فيها, طوعاً أو كرهاً, مجموعة من السكان يعتبرهم أغلبية الناس خلفية لعرقية معينة، أو لثقافة معينة أو لدين، "الغيتو" أيضا وصف الأحياء الفقيرة الموجودة في المناطق المدنية الحديثة، وهو ايضا منعزل سكاني، تقيمه الدولة العنصرية، كما حصل في عهد التمييز العنصري في جنوب افريقيا، للسكان الذين لا ترغب بهم!

كلام قبل السلام: القوى السياسية العراقية، ستكون بوضع لا تحسد عليه في الأمد القريب، إن هي أستمرت بإعتبار سكان الحسينية مجرد اصوات أنتخابية، يمكن معالجة وضعها بوعود ما قبل الأنتخابات.  

 سلام....

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك