المقالات

نيران الفاسدين تلتهم أطفالاً خدج || شهاب آل جنيح

1299 2016-08-13

شهاب آل جنيح رائحة الموت لا تكاد تفارق العراقيين، فما بين تفجير وحريق ومعركة عشائرية وتصفيات جسدية، يعيش المواطن المغلوب على أمره، فما تزال الصراعات السياسية قائمة على قدم وساق، ولا تكاد تنتهي أزمة حتى تؤجج أخرى، ومابين هذه وتلك، ضحايا ليس لهم ذنب، سوى إن من يحكمهم ليس له هم إلا السلطة وقيادتها، بنظرية مكيافيلية خالصة.

خلال هذه الصراعات السياسية المحمومة، والفضائح البرلمانية والقضائية، يبدو أن فاجعة الكرادة لها فصل آخر لتكتمل مأساتها، فبعد أن التهمت النيران أجساد شباب الكرادة، جاء الدور لأطفال خدج في مستشفى اليرموك، لتحترق أجسادهم الصغيرة، فيبدو أن حياتهم إن طالت، لن تكون نهايتها أفضل مما انتهت به، في ظل غياب للمسؤولية الوطنية وفقدان للإنسانية.

بعد حملهن لأطفالهن وهناً على وهن، ثكلت أثنتا عشر أم بأطفالهن الصغار، فتحول أملهن الى يأس، وفرحهن إلى حزن، ليس لسبب يذكر؛ إلا إن صغارهن كانوا ضحية للفساد، والفئوية والحزبية، فليس مهما أن يكون المسؤول أو المدير هو الأكفأ أو الأقدر؛ وإنما انتماءه الحزبي؛ هو من يحدد بقاءه في منصبه من عدمه.

فاجعة مستشفى اليرموك، خير دليل على الفساد المستشري في البلاد، وتمادي المسؤولين في عدم اهتمامهم بأرواح وممتلكات الشعب، فما بين وزيرة الصحة ومسؤول صحة الكرخ، ومدير المستشفى تفحمت أجساد الأطفال، وبدأت المهاترات السياسية، فكل كل طرف يرمي الكرة بملعب الطرف الآخر، الوزيرة تقول أن مسؤول صحة الكرخ ومدير المستشفى صدر أمر باقالتهم، لكنهم لم ينفذوا الأمر، وقالوا أن هذه من صلاحيات محافظ بغداد.

فتبين أن مدير المستشفى يرفض أمر إقالته، وأن المحافظ مساند له لأنهما من التيار الصدري، وكذلك مدير صحة الكرخ هو الآخر من نفس التيار، فصارت أرواح المواطنين رهينة صراعات سياسية رخيصة، لم يسلم حتى المرضى منها، فعند حدوث الحريق ومأساته، بدا كل طرف يتهرب من مسؤوليته، وظلت أجساد الأطفال ملقاة في "صناديق كرتونية".

هذه الفوضى في وزارة الصحة، سببها إصلاحات العبادي الأخيرة، التي قام بها لذر الرماد في العيون،  فاصدر عدة أوامر بدون أيّ دراسة، منها نقل بعض صلاحيات الوزارة إلى المحافظات، وبهذا بدأت التقاطعات بين الوزارة ومديرياتها.

الإهمال والفوضى والمحسوبية، هي من أدت لهذه الجريمة التي لا تختلف عن جرائم "داعش" هذه الجريمة لو حدثت في بلدان أخرى لأدت لاستقالة الحكومة ورئيسها، ولأجريت التحقيقات مع كل من له صلة بالوزارة، من الوزير حتى أصغر مسؤول في هذه المستشفى.

هنا يجب أن نسأل: أين مستلزمات الوقاية ومكافحة الحريق الخاصة بالمستشفى؟ أين ذهبت مليارات الأموال التي صرفت على ترميم هذا المستشفى؟ عندما رفض المحافظ "علي التميمي" أمر إقالة مدير المستشفى، أو مدير صحة الكرخ، هل يتحمل الآن مسؤوليته؟ هل تتم محاسبتهم أم يتركون كغيرهم؟

هذه الجريمة تبين مدى تقاطع المؤسسات الحكومية فيما بينها، وطغيان المحاصصة والفئوية على المصلحة العامة، والتي دائماً ما يكون ضحيتها المواطن الفقير، سَتَمر هذه الحادثة كسابقاتها، ولن يحاسب في هذا البلد سوى الفقراء، أما المسؤولين فحسابهم كحساب سليم الجبوري.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك