المقالات

/ ديمقراطية متعددة الوجوه

1297 2014-03-10

احمد شرار

كوبنهاكن سنة (2009)، وقد شارفت على مغادرتنا، كنت مدعوا لحضور مأدبة عشاء مع بعض الأصدقاء، وكان الحضور عدد من الأصدقاء العاملين في مجال الاعلام، ينتمون الى عدد من المؤسسات الإعلامية الرصينة العربية منها والغربية.
كان مضيفنا، رجل في منتصف العقد السادس من عمره، يحمل شهادة الدكتوراه في مجال عمله الإعلامي، كنت الأقرب من مجالسيه على طاولة الطعام.
بدأ حديثه، كما جرت العادة (المضيف هو من يبدأ الكلام).
: أرجوا أن تستمتعوا بطعامكم، لقد تم اعداده بشكل خاص لضيوفنا الأعزاء، كانت الاطباق العربية هي الأطباق الرئيسة في وجبة العشاء، وهي الاطباق الاغلى في ذلك المطعم، كان هذا تقديرا كبيرا من مضيفينا، لنا نحن العرب المسلمين، حسب التقاليد والعادات المتبعة هناك.
كما يقال، إن أجمل الأحاديث ما يطرح على وجبة العشاء، أستغرق الجميع بتبادل أحاديث ممتعة، حيث بادرني مضيفنا بقوله: أتعلم أعتقد أننا أغضبنا الرب! بدت على محياي علامات الدهشة من طريقة بدء حديثه.
أستمر قائلا: لقد تسبنا بأكبر نكبة اقتصادية في العالم، وخسر فريقنا لكرة القدم وغادرنا ملك البوب (مايكل جاكسون) كما انتخبنا مرشح ديمقراطي، أنا رجل جمهوري الهوى مبتسما.
أجبته: هل بأماكنك أن تشرح لي، أنتم تدعون أنكم بلد ديمقراطي.
مفهوم الديمقراطية لدينا يختلف عن صورته في الاعلام، أنت يا صديقي أعلامي وتعرف أن سياسة الدولة، قد يختلف معها الكثير من المواطنين.
ولأعطيك مثلا، أنا لم أحب (أوباما) ولم أنتخبه، لكني لن أكون ضده، أن كان هذا خيار الأغلبية، سأكون مراقب لأخطائه، لكني سوف أعطيه الفرصة، هذا ينطبق حتى على الديمقراطية الاقتصادية، لعلك لم تسمع بهذا المصطلح.
سوف أشرح لك هذا المصطلح وأنت تستمتع بتناول طعامك، كان يسترسل كلامه بهدوء. 
أتعلم ما نوع سيارتي؟، قد يكون سؤالي بعيدا عن موضوع نقاشنا لكن جارني.
: كلا، لا أعلم: أنها سيارة يابانية الصنع، كنت من المعجبين بصناعتنا الامريكية، جدا خصوصا سيارة (الفورد)، لكن عندما لبت شركات الصناعة اليابانية حاجتي، وصنعت ما احتاج اليه بسعر أرخص وتوفير أكبر للوقود، استبدلت سيارتي الامريكية بأخرى يابانية، هذا ما قصدته بمصطلح الديمقراطية الاقتصادية، أن معظم مواطنينا يمارسون تلك الديمقراطية.
لقد كان لديهم الوقت الكافي، كي يصنعوا سيارة تلبي حاجاتنا، لست بحاجة لتشجيع صناعة السيارات الامريكية، أن لم تلبي رغباتي.
وكما ترى يا صديقي، أن التغيير يبدأ بنا نحن من نضع ركائز الديمقراطية، في السياسة والاقتصاد والاجتماع لمجتمعنا والخاصة بنا، ولكنا أخفقنا في هذه الفترة في ممارستها بشكل صحيح، لعلنا تكاسلنا، مما أغضب الرب كما أسلفت مسبقا.
يجب عليكم الان أن تبدأوا بديمقراطيتكم، انتخبوا الاصلح مهما كان انتمائه، تقدم أمتكم هو الشيء المهم، أن زمام الامر بين أيديكم الان، كونوا دقيقين في الاختيار، لديكم وجوه سياسة واعدة، لم تعدموا الفرص بعد، أرجوا أن تتذكر أن الديمقراطية مسؤولية عامة وليست خاصة، يجب ألا نتهاون في ممارستها. ويتعين أن يقوم الفقراء بما يحتمه عليهم فقرهم، تيارات الشعب والفقر والتهميش يجب أن تقول كلمتها، وليس مثل التيارات السياسية للقاعدة الجماهيرية لديكم (في الاشارة الى التيار الصدري والمجلس الاعلى)، من يستطيع القيام بهذه المهمة الوطنية الكبرى، فهل سيفعلونها يدا بيد؟!
لم تمح من ذاكرتي تلك المحادثة، التي أراها اليوم أقرب الى وأقعنا وحاجاتنا الى ديمقراطية، من صنع أناملنا. 
احمد شرار / كاتب وأعلامي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك