اليمن

عباس الألماس ..!

2739 2022-04-11

عبدالملك سام ||

 

منذ متى أعرف عباس ؟ منذ أن كنا صغارا نلعب في طرقات الحي .. طبعا الحديث هنا ليس من باب إجترار الذكريات ، وأعرف أن هناك من سيقول لي غاضبا وما شأني بك أنت وصديقك عباس ؟! لحظة لو سمحت لي يا عزيزي ، الموضوع خطر لي عندما أستمعت لمحاضرة السيد القائد عن الصبر ، فلنحاول أن نكون صبورين هنا ..

أنا وعباس تفرقنا مع الأيام وإنشغالنا بالحياة ، ولم يكن يخطر ببالي أن العدوان سيجمعنا .. جاء عباس في وقت كنت فيه أبحث عمن يعينني ، ففي بداية العدوان كان العمل الإعلامي مرهقا جدا ، وكنا نقضي ساعات طوال في العمل في ظل شحة الإمكانيات شبه المعدومة ، وكان من الصعوبة بمكان لدرجة أننا كنا أشبه بالخفافيش نسهر الليل حتى وقت متأخر في الإعداد والنشر والمتابعة ، وبفضل الله واجهنا الأعداء وهزمناهم رغم ما يمتلكونه من إمكانيات رهيبة بما يشبه المعجزة .

جاء عباس - المبتسم دوما - في طريقي ، وكان ما يزال يعاني من كدمات وتعب بعد عودته من إحدى الدورات القتالية ، وكانت حالته يرثى لها فجسمه النحيل الذي يشبه جسم (أنوبيس) - إله الدفن عند الفراعنة - جعل من الصعب عليه أن يصمد في أي جبهة قتال ، هكذا أخبروه هناك ، وهكذا قالوا له هنا . ولكن عباس لديه إحساس بالمسئولية ، وضميره حي ، لذلك كان من المستحيل أن يكتفي بمشاهدة ما يحدث لوطنه وشعبه ولا يفعل شيئا .. كان يبحث عن موطئ قدم ليتحرك ، وفعلا عملنا معا منذ ذلك الحين .

عباس ليس لديه وظيفة ، وكان إرثه من أبيه أن تحمل مسؤولية جماعة من النساء ، وهو مثل معظم اليمنيين يبدأ يومه بالبحث عن الخبز والماء ، ويقف في طوابير الغاز ، وفي جيبه حفنة من الفواتير المستحقة الدفع ! وقد جعل العدوان والحصار مهمته تشبه إحدى الأساطير الأغريقية . ولكن عباس ظل واقفا رغم كل ما يحدث له ، بل والمعاناة جعلته أكثر إصرارا وصبرا وتحملا للمسئولية . صبر في الوقت الذي لم يتحمل غيره كل هذه الصعاب ، وحتى أنا كنت - وما زلت - أستمد منه الصبر إذا ما شعرت بالتعب .

رفاقنا القدامى البعض منهم أصبح عملهم رسمي يتقاضون منه حاجتهم ، وهؤلاء غالبا ما عادوا يردون على إتصالاتنا ! والبعض الآخر ترك العمل الجهادي بحثا عن لقمة العيش .. أما عباس فلم يتغير ، ولم يفتر صبره رغم كل الظروف ، وكأنه حجر ألماس يزداد لمعانا كلما أحاط به الفحم .. أحيانا كانت الظروف تزداد صعوبة فأتوقع منه أن ينهار ، وكنت أحمل له العذر في ذلك ، ولكنه لم يفعل ! لم يتوقف ولو يوما واحدا حتى عندما يقعده المرض . بل وكان يقول لي أنه يشعر بالتقصير وهو يرى الأبطال وما يسطرونه من بطولات في جبهات القتال ! وفي داخلي كنت أزداد إعجابا بحجر الألماس هذا ..

ما أريد قوله هو أن لدينا ألآف من عباس في بلدنا ، وبهؤلاء الذين يعيشون الصبر في أعظم صوره سننتصر .. وأقسم لكم أننا سننتصر ؛ فصبرنا لن يضيع سدى طالما نحن نتحرك ونصبر ، وطالما عدونا يراهن على نفاذ صبرنا بما يفعله بنا . نحن محظوظون بصبرنا ووعينا لأننا بهذا صرنا مع الله الذي يحب الصابرين ، وأنا محظوظ بأن لي رفاقا كعباس الذي جعلني أدمن الصبر مثله حتى يفرجها الله .. فأصبروا وصابروا ، وأجعلوا من صبركم ذخرا بغير حساب وبدون شروط ، فالغد أجمل بإذن الله ، وألا يكفينا أن الله يقول (وبشر الصابرين) ؟!

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك