اليمن

أبي أشترى لي ساعة..!

2289 2022-03-30

  عبدالملك سام ||   كل أبناء جيلي يعرفون هذا النشيد الظريف الذي كان من ضمن المقرر الدراسي في الإبتدائية ، وجيل اليوم سيظل حائرا عن سبب عدم قدرة (أحمد) على النوم لمجرد حصوله على ساعة ! ولكننا كنا نعلم السبب ، ومازلت أتذكر بإستمتاع كبير إحتفائي الكبير بأول ساعة أحصل عليها من والدي - رحمه الله - كجائزة لتفوقي في دراستي .. ولكن دعونا من حديث الذكريات ولندخل صلب الموضوع .. في الدول المتقدمة صناعيا يحترمون الوقت ، ويحترمون المواعيد ، ويقدسون الدقة . وهناك ملاحظة لا يمكن أن تفوت كل من سافر لإحدى هذه الدول وعاشر القوم هناك ، وهذه الملاحظة أنهم رغم إنشغالهم وكثرة مواعيدهم فإنهم هادئون جدا ! فهم - بعكسنا - يحبون النظام ويكرهون الفوضى ، ويقفون في الطوابير بهدوء مهما كانت طويلة دون تململ أو محاولة الإحتيال على الآخرين ؛ فهم يحسبون الوقت الذي يمكن أن يقفوا فيه في أي طابور ويأتون مبكرا ، بينما نحن للأسف لابد أن نأتي متأخرين ، ولا يمكن أن ترى عندنا صفا أحاديا إلا في حالة واحدة وهي لو كان هذا في أحد كوابيسنا المزعجة ! أنا أتحدث هنا عن بلدان صناعية وتجارية ، بمعنى أن كل واحد منهم لديه ألف سبب وسبب ليكون مستعجلا . بينما نحن للأسف نملك وقتا طوووويلا جدا من الفراغ ، ورغم هذا نصر على تضييع هذا الوقت أكثر في مشادات بسبب عدم إنتظام أي صف ! ودعوني أبالغ في رأيي لأتهم الجميع بأنهم بهذا العمل يخالفون الدين والأخلاق والإنسانية !! فأنا أعتقد أن هذا التصرف وحده يعتبر نوعا من أنواع الفساد ؛ فهذه الفوضى تضر بمبدأ المساواة ، فللجميع الحق بأن يصلوا أولا ، كما أن هذا التصرف يشجع العاملين الفاسدين في تلك الأماكن لإستغلال الفوضى وعرض (خدماتهم) على الناس الواقفين في الطابور ، أليس هذا فسادا ؟! في الدول التي تحترم الوقت ترى ملايين السيارات وهي تسير بسلاسة دون أن تسمع تنبيها واحدا ، بينما نحن فيكفي أن تتواجد ثلاث سيارات في شارع واحد فتسبب ازدحاما وازعاجا ، وفي كثير من الأوقات تحدث مشادات لا داع لها ، فتؤدي للتباغض والسب والشجار أحيانا وكلها معاصي ، ألم اقلكم أننا فاسدون !! وعلى ذكر الشوارع .. في الدول (تلك) التي تحترم الوقت يوجد لديهم شوارع عريضة لتستوعب عدد أكبر من السيارات ، وتخيلوا .. لا يوجد عندهم من يأخذ قطعة أرض اضافية أمام أرضه ليوسع من ممتلكاته على حساب الطريق العامة !! بل أن هناك - وتخيلوا سذاجتهم - في تلك الدول (المتخلفة) من يتبرع بقطعة أرض من أملاكه للصالح العام ، وهذا يعود عليه بالفائدة أيضا ؛ فعندما تتحسن المرافق العامة التي بقرب أرضه فإن ذلك يؤدي لإرتفاع سعر الأرض التي يمتلكها ، وأحيانا أضعافا مضاعفة عما كانت عليه ! بينما نحن اليوم لم نعد نجد أرضا لندفن موتانا فيها !! لن نتقدم قيد أنمله حتى نتعلم أحترام أنفسنا ووقتنا ، وعندما أقول (أنفسنا) فأنا أعني أن نكف عن توريث الفوضى للأجيال القادمة عندما نمثل بالنسبة لهم قدوة سيئة ، فمن المؤلم أن نرى البعض يعلم إبنه أو بنته كيف يتلاعب على النظام بإعتبار أن هذه التصرفات نوعا من الرجولة والشطارة ، في حين أن هذا (الشاطر) لا يكف عن التناقض مع نفسه عندما يمتدح تلك الدول ويشيد بتقدمها وتطورها ونظامها أمام أطفاله (الشطار) ! حدثني أحدهم عن صديقه أنه كان مسافرا في دولة أسيوية ورأى ولدا صغيرا في حضن والده ، ومن باب التلطف قام بإعطاء الولد الصغير قطعة حلوى صغيرة ، وعندما لاحظ والد الطفل ما حدث ما كان منه إلا أن وضع طفله الصغير أمام هذا الرجل وأمره أن ينحني شكرا له ، وعندما لم يفهم الطفل ما يقصده والده قام  الأب بالإمساك برأس الطفل ليجبره على الإنحناء ، ثم شكر الرجل وأحتضن الصغير وتابع طريقه . طبعا أنا لا أقصد أن نجبر أطفالنا على الإنحناء حتى لا يتهمني أحد بأني أريد أن يركعوا لغير الله ! أنا أتحدث هنا عن القدوة الحسنة ، وأيضا ما تعلمناه من أهلنا "أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله" . لذلك نرى منتجات هذه الدول تغزو أسواقنا ، بينما نحن نعاني من الضوضاء والفوضوية والمحسوبية والفساد والفقر ! هؤلاء تعلموا أن يحترموا أعمالهم ، وأن يحترموا أوقاتهم ، وأن يحترموا أنفسهم عندما يعلمون أبناءهم الأحترام ، ولو كانوا يعرفون ديننا لعرفوا أن لهذا ثمن ولو بعد وفاتهم ، فعندما نرى نحن صغيرا أو كبيرا على قدر عالي من الأخلاق فإننا سنقول بالتأكيد : "رحم الله من رباك" ، وهذا معنى آخر لحديث الرسول (ص) : "وولد صالح يدعو له" .. ودمتم بود .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك