الصفحة الفكرية

"السلفية النظرية الثالثة"....بقلم: الكاتب والمفكر الشيعي المصري الدكتور أحمد راسم النفيس

3265 09:13:00 2013-01-29

 

مقدمة: الآن قرر السلفيون خوض ساحة المنافسة الديموقراطية حيث يسعى القوم لتقديم أنفسهم باعتبارهم قوة حامية للدين في مواجهة العلمانيين الراغبين في محو إسلامية دولة حسني مبارك راعي الوهابية وهو من قام بتوظيفهم كأداة في لعبة الأمم داخل مصر وخارجها.

ولأن البعض يعتقد أن هذا التيار هو تيار ديني محض يعنى بتمحيص الروايات الواردة عن رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لذا وجب علينا أن نسلط الضوء على حقيقة هذه الفرقة التي تدعي أنها الممثل الشرعي والوحيد للإسلام، خاصة وأن أحدا لا يرغب في القيام بهذه المهمة إما خوفا أو عجزا.

من هم السلفيون؟!.

ينقسم المسلمون من الناحية المذهبية إلى قسمين, الشيعة الذين يؤمنون بإمامة أهل البيت عليهم السلام ويعتقدون أن الإمامة بمعناها الشامل هي اختيار إلهي ينحصر فيهم دون غيرهم والفريق الثاني هم (أهل السنة) الذين يعتقدون بإمكانية تجزئة الإمامة وتوزيع مهامها, فهناك أئمة السياسة وهم الخلفاء وهناك أئمة الفقه الأربعة أو التسعة وهناك أئمة العقيدة مثل الأشعري والماتريدي وغيرهم.

الأئمة نوعان: الأول هم من وصفهم سبحانه (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) وهم (لاَ يُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) والصنف الثاني قد أقام بناءه على الظنون والآراء الشخصية وهو (لاَ يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ)!!.

(استقرت) الأمور في عالمنا الإسلامي على هذه التقسيمة بدءا من العصر المملوكي وتحديدا في عصر الظاهر بيبرس الذي قرر المذاهب الأربعة في الفقه والأشعري في الاعتقاد ومنع كل ما عداها حتى جاء العصر الوهابي وجاء معه السلفيون الذين أعلنوا أولا الاستغناء عن خدمة الأئمة بكافة أنواعهم وأشكالهم وقرروا العودة المباشرة إلى النص (بفهم السلف الصالح) حسب زعمهم.

يقول الشيخ صالح آل الشيخ:

المسلمون صنفان: سلفيون، وخلفيون. أما السلفيون: فهم أتباع السلف الصالح. والخلفيون: أتباع فهم الخلف، ويسمون بالمبتدعة إذ كل من لم يرتض طريقة السلف الصالح في العلم والعمل والفهم والفقه فهو خلفي مبتدع.

والسلف الصالح هم القرون المفضلة وفي مقدمتهم صحابة رسول الله الذين أثنى الله عليهم بقوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) الفتح: 29 الآية. وأثنى عليهم رسول الله بقوله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.

وتتابعت أقوال الصحابة أنفسهم، والتابعين لهم بإحسانٍ على الثناء على مجموعهم، والإقتداء بمسالكهم.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم) وهذا أمر مجمع عليه بين أهل السنة، لا يخالف في ذلك منهم مخالف، وإذا كانوا على مثل هذا الفضل العظيم فلا غرو أن يتشرف المسلم بالانتساب إلى طرائقهم في فهم الكتاب والسنة، وعملهم بالنصوص.

وكانت كل فرقة ضالة من فرق الأمة تستدل لمرادها بآياتٍ وأحاديثٍ خلاف فهم السلف لها وتوسعوا في ذلك حتى كفر بعضهم بعضاً وضربوا كتاب الله بعضه ببعض، كل ذلك بفهمهم للنصوص حَسبَ ما تدعيه كل فرقة، فأصبحت كل الفرق الزائغة تقول: نأخذ بالكتاب والسنة، فالتبس الأمر على ضعيفي النظر، قليلي العلم والمخرج من هذه الدعاوى والأقوال الزائغة هو اتباع نهج خير القرون فما فهموه من النصوص هو الحق، وما لم يفهموه ولم يعملوا به فليس من الحق. وهكذا تابعوهم بإحسانٍ ممن تلقوا عن الصحابة الكرام فصار من انتسب إلى منهج هؤلاء الصحابة في فهم الكتاب والسنة، ومن أخذ بما صحت روايته عنهم مرفوعاً إلى النبي، ومن ترك الآراء العقلية والفهم المحدث صار سلفياً وصار من لم يكن كذلك خلفياً مبتدعاً.

هذه هي الأطروحة السلفية في صورتها الأصلية التي تؤكد على التلقي المباشر من الصحابة والتابعين والأخذ بما (صحت) روايته عنهم ولو كان مرفوعا (غير متصل السند) إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله و(ترك الآراء العقلية والفهم المحدث) ليصير المسلم بذلك سلفيا ويتحاشى أن يصبح (خلفيا مبتدعا).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك