دراسات

المفهوم الجدلي السياسي للدين والتاريخ( كيف نفهم الاسلام ؟ )

6741 05:48:00 2006-09-18

( بقلم : محمود الربيعي )

تصريحات بوش الاخيرة حينما ربط الاسلام بالشوفينية بلا تحديد واضح من ان التصريح تعميم ام تخصيص، ام انه تصريح يرتبط بالتاريخ او العقيدة.وعلى كل حال فنحن نود ان نبين ان الاسلام دين كبقية الاديان نتعتقد على الاقل كمسلمين انه دين الله الخالق المدبر للكون العالم الذي اراد لهذه البشرية ان تتبع النبي محمد (ص) وانه القدر على ان ينفذ ارادته في الكون والحياة متى اراد ومتى شاء.

والمتتبع للتاريخ ان الرسول جاء بالكتاب المنزل عليه من ربه وهو الدستور الذي يقوم عليه الاسلام وهو منهج المسلمين، وقد وردت الكثير من الايات التي تناولت نظرة الاسلام تجاه اهل الكتاب من اليهود والنصارى والصابئة وسائر الاديان من اهل الكتاب ونحن بدورنا اتحفنا بحثنا المتواضع ببعضها مع بيان تفسيرها الموجز معتمدين على احدث التفاسير وهو تفسير الميزان للعلامة محمد حسين الطباطبائي الحكيم.

ومن الجدير بالذكر ان المسلمين لم يدخلوا في حروب مع النصارى طيلة حياة الرسول محمد (ص) وكذلك فانهم لم يدخلوها زمن الخليفة الراشد الامام علي عليه السلام وعلى هذا الاساس لاينبغي تحميل الاسلام والمسلمين وبالخصوص الرسول(ص) والامام علي عليه السلام ومن الجدير بالذكر ان هذين القائدين هم يمثلون مدرسة اهل البيت التي تعاملت مع اهل الكتاب بالحسنى حيث وضع الرسول (ص) اللبنات الاساسية لتنظيم العلاقة بين المسلمين وبقية الناس من اهل الاديان واعطيت لهم الحقوق العامة والخاصة مع بعض الواجبات التي تتلائم وطبيعة الظروف السائدة انذاك وهي تشبه الى حد كبير ما يدفعه المسلم من الضرائب للدول ذات الطبيعة المسيحية للتعايش والانسجام مع سياسات الدول.

فاليهودي والمسيحي له حق امتلاك الارض بيعها وشرائها داخل حدود الحكم الاسلامي كما له الحق في البيع والشراء والتجارة كما له الحق في ممارسة عبادته بالاضافة الى مايتمتع به من الحقوق الاخرى كالتنقل والزواج وقد سمح الاسلام بالعلاقات الاجتماعية بينهم وبين المسلمين بالشكل الذي يحتفظ كل بخصوصياته دون المساس بالمشاعر الدينية والاعتقادية والاجتماعية والناس على مختلف عقائدهم مسؤولون امام القضاء للدفاع عن حقوقهم وهذا ماردنا توضيحه بايجاز.

ويعتبر القضاء اهم الوظائف لنشر العدل بين الناس في احترام العهود والمواثيق والقانون بحيث يضمن استقرار حكومة العدل، ولم يمارس المسلمون زمن الرسول اي نوع من الاضطهاد تجاه معتنقي بقية الاديان بل انه وجد صراعا من اجل عدم نشر العقيدة الجديدة ونوعا من الاستخفاف والدسائس رغم انفتاح الاسلام وقيادته على الناس، ورغم هذه المواقف التي تبنتها قيادات الاديان انئذ الا ان المسلمين اهتموا بمقاومة ارهاب المشركين من بني امية وعبدة الاصنام ، وكما ان الامام علي بن ابي طالب وهو الخليفة الراشد اهتم بمحاولة تحقيق الامن الداخلي للدولة فحارب الناكثين للعهود والقاسطين والخارجين.ولقد كانت سياسات الائمة عليهم السلام من اهل بيت العصمة هي الانفتاح والحوار والاقناع بالكلمة تجاه معتنقي بقية الاديان ولم يستخدموا السيف.

وقد دعا الرسول الاكرم محمد (ص) قيصر الروم وملك كسرى الى الدخول في الاسلام بالرسائل لابالسيف من اجل نشر ماراد الله نشره.وقد بين الرسول الكريم ان عقيدة الاسلام هي عقيدة الاعتراف بالسل والانبياء الذين تقدموه فهو يعترف بنبوة موسى عليه السلام وبنبوة عيسى عليه السلام وبنبوة يحيى عليه السلام ولايفرق بين احد منهم وان التطور التاريخي للانسان والحياة اقتضت الارادة الالهية له ان يتطور باتجاه الاسلام الذي يمثل الامتداد الطبيعي لديانة يحيى وموسى وعيسى عليهم السلام.

وكما ذكرنا فان امر القضاء لهو اهم الامور التي تحقق العدل وحق الانسان لذلك عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بانه قبل القضاء حتى في حق نفسه ذلك من امر الذي طلب الاقتصاص من رسول الله(ص) فكشف (ص) ظهره للمشكي ليقتص منه فقبل هذا المشتكي ظهر رسول الله بدل ان يقتص منه لما راى من عدالته وخلقه العظيم وكذلك ماحدث في خلافة الخليفة الراشد الامام علي عليه السلام من امر اليهودي الذي ادعى ان الدرع درعه وليس درع الامام فقبل دعوته وطلب الحكم بالشهادة وهي من شروط القضاء وهكذا فان الاسلام روج ومعنى جسدته القيادة الحكيمة المتمثلة بالنبي محمد (ص) وخليفته الراشد امير المؤمنين علي عليه السلام ولو تفحصنا تاريخ ائمة اهل البيت وماكان منهم من احترام اهل الاديان والتناظر والحوار السلمي معهم فهناك الكثير من الروايات التي تفيد هذا المعنى ولم يختار الائمة عليهم السيف في حق اهل العقائد ولكنهم وقفوا مناظرين ومحاججين لبيان الحقيقة ودعوة الناس الى الحق من دون قهر او جبر.

وانك حين تتحقق من سلامة مذهب الاسلام فانك ترى ان اهل الاديان من الذين يعيشون في بلاد المسلمين فانهم يعيشون بسلام وامان مع المسلمين وخير مثال على ذلك حياة اهل الاديان في بلاد العراق وايران وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان الاسلامية.

ونحن ندعو الرئيس الامريكي بوش الابن الى ان يلتقي برجال الدين ممن نثق بسلامة منطقهم وفهمهم للدين والتاريخ الذين يستوجب العصر الذي نعيشه ان يتقارب الرجال القادة السياسيين والدينيين ليحفظوا دماء الناس على مختلف اديانهم وليعيشوا بسلام وعدل وسعادة.كما ندعو البابا بنديكتوس الى دعوة رجال الدين الذين نثق بهم والذين يعبرون عن حقيقة الاسلام وجوهره وفكره الصافي الذي لايدعو الى العنف ويدعو الى التسامح.

فلقد علمنا ان البابا قد خرج عنه مايدعو الى الضبابية في فهم الدين والتاريخ ويحتاج الى لقاءات مهمة مع القادة الدينيين والمفكرين وهو في نفس الوقت يحتاج الى دعوات سلمية للقاء بالمسلمين في بلدانهم لنشر الاخوة الانسانية من اجل نبذ العنف المتبادل وتحقيق التعايش السلمي الذي لابد منه للتنعم بالحياة والاستفادة من ثرواتها بالطرق السلمية واتلتعاون الاقتصادي وتبادل المنفعة وتحقيق الحرية الشخصية في العادات والتقاليد داخا المجتمعات وكل حسب طبيعته وتفكيره ونمط سلوكيته ومن دون اعتداء على الحقوق الشخصية واحترام الانسان بما يحقق له رضاه وراحته وهناءه. وساور د الملابسات التي نتجت عن تلك التصريات وردود الافعال ليسنى القاء الضوء على مستقبل العمل من اجل السلام.نحن نعتقد بان السيف لايكون دائما عيبا فلقد استعمله القائد اسكندر المقدوني وكذلك استخمه بعض الانبياء كسليمان وداوود ولكن هل استخدموه في الباطل ام لاجل رفع الظلم وتحقيق العدالة بوجه المعتدين وهكذا فلقد استخدمه الامام علي عليه السلام ضد الارهابيين المتصيدين والطامعين وهكذا استخدمه الرسول (ص) ضد الارهابيين الذين حرموه من حرية الاعتقاد ومنعوه من حرية التعبير لنشر ثقافته الجديدة التي تدعو الى نشر مفاهيم العدل والسعي الى تحقيق السعادة بتحرير العبيد وتحرير المراة ومنع وئدها ورعاية حقوق الاطفال والمعوقين وضمان حقوق العامل والفلاح والاجير وصندوق مساعدة الفقراء والمحتاجين بسن الضرائب للميسورين من التجار واصحاب المهن وارباب العمل وتوزيع الثروة بشكل عادل من دون تراكم من خلال ماشرعه الاسلام من نظام المواريث وحقوق الازواج والافراد وتنظيم الحق العام الى غير ذلك مما لايتسع المجال لذكرها ودفعا للاطالة والملل.

والان يعلم الرئيس بوش وكذلك البابا بنديكتوس ان امريكا والدول التي يسودها الدين المسيحي تشن حروبا بالسيف ضد الارهابيين افليس في نفسها انها تدافع عن نفسها ضد الارهاب لحماية شعوبها من سيف الارهاب فالسيف يقابل السيف وشتان بين سيف العدل وسيف الظلم، والحسن عليه السلام حمل السيف للدفاع عن الانسان ومشروعه الانساني بوجه سيوف الظلم التي تجمعت لقتله وقتل اصحابه فلا كل سيف يرمز للارهاب ولا كل سيف يرمز الى الحق فالحق والباطل في سجا ل منذ ان خلق الله الانسان ومنذ ان نشا الصراع بين قابيل وهابيل ابني ادم وحواء ولازال الصراع بين بني ادم . صراع بين القابيليين والهابيليين، وبين اليزيديين والحسينيين وسيستمر هذا الصراع حتى يتحقق الامل المنشود التي تطلع اليه البشرية وهو انصياعها الى المصلح العالمي الذي يشتاق اليه كل الضعفاء من بني ادم، ولابد للعالم ان يتعاون في سبيل الحق والعدل والسلام ضد الارهاب اليومي الذي يجري على ارض البسيطة وتراق فيه دماء الكثير من الابرياء.

لو تصفحت القران بالتدريج لوجت انه يتناول النظرة الى اهل الكتاب باحترام وتمييز بين الغث والسمين وثم يتناول اوضاع الكفار والمشركين ويدعوهم الى الحوار من اجل الحق ويدعوهم الى السلام ولكنهم اختاروا السيف بوجه النبي الذي اضطر للدفاع عن حركة المستضعفين من اجل الحق والعدل وسلام الاحرار واخيرا تناول القران احوال المنافقين وحذر منهم.

لذا فاننا سنستعرض بعض الايات التي تناولت الامور العقائدية والسلوكية لاهل الكتاب وهو ماركز عليه القران في فصوله الاولى من الاجزاء العشرة تقريبا وهو عبارة عن بحث مبسط سريع ارجو ان يفي بالغرض الذي من اجله قام البحث في هذه الفترة التي يحاول البعض ان يصعد من الجفاء ويوسع الهوة بين الناس على مختلف عقائدهم عسى ان يكون هذا البحث عاملا مساعدا لوئد الفتنة بين الناس وساحاول الايجاز ببيان الاستنتاجات المفيدة نحو هذا الاتجاه.

بحث قرانياهل الكتاب في القراننظرة الاسلام الى اهل الكتابان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الميزان في تفسير القران – سورة 1 البقرة الاية 62.المحصلة :الذين امنوا... وهم الذين امنوا بالرسول محمد (ص)، والذين هادوا والنصارى والصابئين الذين يتصفون بهذه الصفات لهم تلك الميزات المذكورة وفق الكتاب الكريم وهو القران المنزل على النبي محمد (ص) والذي يمثل الدستور المعبر عن قوانين ورؤية ونظرة وفلسفة الاسلام.اقول: وهذه الصفات هي الايمان والعمل الصالح.راجع الاية 69 من سورة 5 المائدة: ان الذين امنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين ااسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ والله بصير بالعباد . سورة 3 من ال عمران والتفسير المعتمد في بحثنا هو الميزان... باعتباره من احدث التفاسير... والذي سمعته ان العلامة السيد ابو القاسم الخوئي رحمه الله كان قد ال على نفسه تكملة تفسيره البيان لكنه اثر ان يستمر في تدريسه لان الميزان للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي الحكيم قد سد الفراغ الذي كان يحتاجه عصره لمثله فتوقف عن تفسير سورة الفاتحة ولقد حرمنا حقيقة اثراء العلامة الخوئي في اكمال التفسير لعظمة قلمه في الوقت الذي اتحفنا بثراء قلم الطباطبائي قدس سرهما الشريف.اقول:وهي اشارة الى مبدا الحوار وحرية الاختيار.قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون . سورة 3 من ال عمران الاية 64.قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم، الخطاب لعامة أهل الكتاب، و الدعوة في قوله: تعالوا إلى كلمة «الخ» بالحقيقة إنما هي إلى الاجتماع على معنى الكلمة بالعمل به، و إنما تنسب إلى الكلمة لتدل على كونها دائرة بألسنتهم كقولنا اتفقت كلمة القوم على كذا فيفيد معنى الإذعان و الاعتراف و النشر و الإشاعة.فالمعنى: تعالوا نأخذ بهذه الكلمة متعاونين متعاضدين في نشرها و العمل بما توجبه.اقول: الدعوة صريحة الى التفاهم المشترك واللقاء على اسس العقل والمنطق.ومن اهل الكتاب من ان تامنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تامنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بانهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون . ال عمران الاية 75.و هناك وجه آخر و هو أن ذكر الوصف - و هو كونهم من أهل الكتاب مشعر بنوع من التعليل، و ذلك أن صدور هذا القول و الفعل منهم - أعني قولهم: ليس علينا في الأميين سبيل، و أكلهم مال الناس بذلك لم يكن بذاك البعيد المستغرب لو كانوا أميين لأخبر عندهم من النبوة و الوحي لكنهم أهل الكتاب و عندهم الكتاب فيه حكم الله، و هم يعلمون أن الكتاب لا يحكم لهم بذلك، و لا يبيح لهم مال غيرهم لأنه غيرهم فهذا الذي قالوه ثم فعلوه.و هم أهل الكتاب منهم أغرب و أبعد، و التوبيخ و التقبيح عليهم أوجه و ألزم.و القنطار و الدينار معروفان و المقابلة بينهما - على ما فيها من المحسنات البديعية - و المقام مقام يذكر فيه الأمانة تفيد أنه كنى بهما عن الكثير و القليل، و المراد أن منهم من لا يخون الأمانة و إن كثرت و ثقلت قيمتها، و منهم من يخونها و إن قلت و خفت.اقول: وهنا اشارة الى التمييز بين من يستحق الاحترام وبين من لايستحقه.بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين. ال عمران الاية 76.قوله: فإن الله يحب المتقين من قبيل وضع الكبرى موضع الصغرى إيثارا للإيجاز، و التقدير فإن الله يحبه لأنه متق و الله يحب المتقين، و المراد أن كرامة الله لعباده المتقين حبه لهم لا ما زعمتموه من نفي السبيل.فمفاد الكلام أن الكرامة الإلهية ليست بذاك المبتذل السهل التناول حتى ينالها كل من انتسب إليه انتسابا أو يحسبها كل محتال أو مختال كرامة جنسية أو قومية بل يشترط في نيلها الوفاء بعهد الله و ميثاقه و التقوى في الدين فإذا تمت الشرائط حصلت الكرامة و هي المحبة و الولاية الإلهية التي لا تعدو عبادة المتقين، و أثرها النصرة الإلهية، و الحيوة السعيدة التي تعمر الدنيا و تصلح بال أهلها، و ترفع درجات الآخرة.اقول: ان صفات الوفاء تليق بالمتقين ممن نال الكرامة.ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون. ال عمران الاية 113. يؤمنون بالله واليوم الاخر ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين 114. وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين 115.قوله تعالى: ليسوا سواء - إلى قوله: - بالمتقين السواء مصدر أريد به معنى الوصف أي ليسوا مستوين في الوصف و الحكم فإن منهم أمة قائمة يتلون آيات الله «الخ»، و من هنا يظهر أن قوله: من أهل الكتاب «الخ» في مقام التعليل يبين به وجه عدم استواء أهل الكتاب.و قد اختلف في قوله: قائمة فقيل: أي ثابتة على أمر الله، و قيل: أي عادلة، و قيل: أي ذو أمة قائمة أي ذو طريقة مستقيمة، و الحق أن اللفظ مطلق يحتمل الجميع غير أن ذكر الكتاب و ذكر أعمالهم الصالحة يعين أن المراد هو القيام على الإيمان و الطاعة.و الآناء جمع إنى بكسر الهمزة أو فتحها، و قيل: إنو و هو الوقت.و المسارعة المبادرة و هي مفاعلة من السرعة قال في المجمع،: و الفرق بين السرعة و العجلة أن السرعة هي التقدم فيما يجوز أن يتقدم فيه، و هي محمودة و ضدها الإبطاء، و هو مذموم، و العجلة هي التقدم فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه و هي مذمومة، و ضدها الأناة و هي محمودة، انتهى، و الظاهر أن السرعة في الأصل وصف للحركة، و العجلة وصف للمتحرك.

و الخيرات مطلق الأعمال الصالحة من عبادة أو إنفاق أو عدل أو قضاء حاجة، و هو جمع محلى باللام، و معناه الاستغراق، و يكثر إطلاقه على الخيرات المالية كما أن الخير يكثر إطلاقه على المال.و قد عد الله سبحانه لهم جمل مهمات الصالحات، و هي الإيمان، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و المسارعة في كل خير، ثم وصفهم بأنهم صالحون فهم أهل الصراط المستقيم و زملاء النبيين و الصديقين و الشهداء لقوله تعالى: «اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين»: الحمد - 7، و قوله تعالى: «فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين» الآية: النساء - 69، قيل: المراد بهؤلاء الممدوحين عبد الله بن سلام و أصحابه.

قوله تعالى: و ما يفعلوا من خير فلن يكفروه، من الكفران مقابل الشكر أي يشكر الله لهم فيرده إليهم من غير ضيعة كما قال تعالى: «و من تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم»: البقرة - 158، و قال: «و ما تنفقوا من خير فلأنفسكم - إلى أن قال - و ما تنفقوا من خير يوف إليكم و أنتم لا تظلمون»: البقرة - 272.اقول: توجد اشارة الى الذين يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهم الصالحون.وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا اولئك لهم اجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب . ال عمران الاية 199.

الآيات بمنزلة تلخيص ما تقدم من بيان حال المؤمنين و المشركين و أهل الكتاب في هذه السورة، بيان أن حال أبرار المؤمنين هو ذكر الله سبحانه، و التفكر في آياته و الاستجارة بالله من عذاب النار، و سؤال المغفرة و الجنة، و أن الله استجاب لهم و سيرزقهم ما سألوه - هذه عامة حالهم - و أن الذين كفروا حالهم أنهم يتقلبون في متاع قليل ثم لهم مهاد النار فلا يقاس حال المؤمنين بحالهم، و قد استثنى منهم المتبعين للحق من أهل الكتاب فهم مع المؤمنين.اقول: لاتخلو الامر من وجود اناس منهم لايحبون الباطل.ولله ما في السماوات وما في الارض ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وان تكفروا فان لله ما في السماوات وما في الارض وكان الله غنيا حميدا . سرة 4 النساء الاية 131.و المعنى أن الله وصاكم جميعا بملازمة التقوى فاتقوه، و إن كفرتم فإنه غني عنكم و هو المالك لكل شيء المتصرف فيه كيفما شاء و لما شاء إن يشأ أن يعبد و يتقى و لم تقوموا بذلك حق القيام فهو قادر أن يؤخركم و يقدم آخرين يقومون لما يحبه و يرتضيه، و كان الله على ذلك قديرا.اقول: وهنا الوصية التي يحتمل الاستفادة منها من قبل البعض، وهو اهتمام خاص من الله سبحانه وتعالى يرحم به عباده.

اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي اخدان ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الاخرة من الخاسرين .سورة 5 المائدة الاية 5.قوله تعالى: «اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم» إعادة ذكر حل الطيبات مع ذكره في الآية السابقة، و تصديره بقوله: «اليوم» للدلالة على الامتنان منه تعالى على المؤمنين بإحلال طعام أهل الكتاب و المحصنات من نسائهم للمؤمنين.

فكان نفوس المؤمنين لا تسكن عن اضطراب الريب في أمر حل طعام أهل الكتاب لهم بعد ما كانوا يشاهدون التشديد التام في معاشرتهم و مخالطتهم و مساسهم و ولايتهم حتى ضم إلى حديث حل طعامهم أمر حل الطيبات بقول مطلق ففهموا منه أن طعامهم من سنخ سائر الطيبات المحللة فسكن بذلك طيش نفوسهم، و اطمأنت قلوبهم و كذلك القول في قوله: «و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم». و أما قوله: «و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم» فالظاهر أنه كلام واحد ذو مفاد واحد، إذ من المعلوم أن قوله: «و طعامكم حل لهم» ليس في مقام تشريع حكم الحل لأهل الكتاب، و توجيه التكليف إليهم و إن قلنا بكون الكفار مكلفين بالفروع الدينية كالأصول، فإنهم غير مؤمنين بالله و رسوله و بما جاء به رسوله و لا هم يسمعون و لا هم يقبلون، و ليس من دأب القرآن أن يوجه خطابا أو يذكر حكما إذا استظهر من المقام أن الخطاب معه يكون لغوا و التكليم معه يذهب سدى.

اللهم إلا إذا أصلح ذلك بشيء من فنون التكليم كالالتفات من خطاب الناس إلى خطاب النبي و نحو ذلك كقوله: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم»: آل عمران: 64 و قوله: «قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا»: إسراء: 93 إلى غير ذلك من الآيات.

و بالجملة ليس المراد بقوله: «و طعام الذين»، بيان حل طعام أهل الكتاب للمسلمين حكما مستقلا و حل طعام المسلمين لأهل الكتاب حكما مستقلا آخر، بل بيان حكم واحد و هو ثبوت الحل و ارتفاع الحرمة عن الطعام، فلا منع في البين حتى يتعلق بأحد الطرفين نظير قوله تعالى: «فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم و لا هم يحلون لهن»: الممتحنة: 10 أي لا حل في البين حتى يتعلق بأحد الطرفين.ثم إن الطعام بحسب أصل اللغة كل ما يقتات به و يطعم لكن قيل: إن المراد به البر و سائر الحبوب ففي لسان العرب: و أهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البر خاصة.قال: و قال الخليل: العالي في كلام العرب أن الطعام هو البر خاصة، انتهى.و هو الذي يظهر من كلام ابن الأثير في النهاية، و لهذا ورد في أكثر الروايات المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام): أن المراد بالطعام في الآية هو البر و سائر الحبوب إلا ما في بعض الروايات مما يظهر به معنى آخر و سيجيء الكلام فيه في البحث الروائي الآتي.

و على أي حال لا يشمل هذا الحل ما لا يقبل التذكية من طعامهم كلحم الخنزير، أو يقبلها من ذبائحهم لكنهم لم يذكوها كالذي لم يهل به لله، و لم يذك تذكية إسلامية فإن الله سبحانه عد هذه المحرمات المذكورة في آيات التحريم - و هي الآي الأربع التي في سور البقرة و المائدة و الأنعام و النحل - رجسا و فسقا و إثما كما بيناه فيما مر، و حاشاه سبحانه أن يحل ما سماه رجسا أو فسقا أو إثما امتنانا بمثل قوله «اليوم أحل لكم الطيبات».على أن هذه المحرمات بعينها واقعة قبيل هذه الآية في نفس السورة، و ليس لأحد أن يقول في مثل المورد بالنسخ و هو ظاهر، و خاصة في مثل سورة المائدة التي ورد فيها أنها ناسخة غير منسوخة.

قوله تعالى: «و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم»، الإتيان في متعلق الحكم بالوصف أعني ما في قوله: «الذين أوتوا الكتاب» من غير أن يقال: من اليهود و النصارى مثلا أو يقال: من أهل الكتاب، لا يخلو من إشعار بالعلية و اللسان لسان الامتنان، و المقام مقام التخفيف و التسهيل، فالمعنى: أنا نمتن عليكم بالتخفيف و التسهيل في رفع حرمة الازدواج بين رجالكم و المحصنات من نساء أهل الكتاب لكونهم أقرب إليكم من سائر الطوائف غير المسلمة، و هم أوتوا الكتاب و أذعنوا بالتوحيد و الرسالة بخلاف المشركين و الوثنيين المنكرين للنبوة، و يشعر بما ذكرنا أيضا تقييد قوله: «أوتوا الكتاب» بقوله: «من قبلكم» فإن فيه إشعارا واضحا بالخطط و المزج و التشريك.

و كيف كان لما كانت الآية واقعة موقع الامتنان و التخفيف لم تقبل النسخ بمثل قوله تعالى: «و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن»: البقرة: 212 و قوله تعالى: «و لا تمسكوا بعصم الكوافر»: الممتحنة: 10 و هو ظاهر.

على أن الآية الأولى واقعة في سورة البقرة، و هي أول سورة مفصلة نزلت بالمدينة قبل المائدة: و كذا الآية الثانية واقعة في سورة الممتحنة، و قد نزلت بالمدينة قبل الفتح، فهي أيضا قبل المائدة نزولا، و لا وجه لنسخ السابق للاحق مضافا إلى ما ورد: أن المائدة آخر ما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنسخت ما قبلها، و لم ينسخها شيء.

على أنك قد عرفت في الكلام على قوله تعالى: «و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن»: الآية البقرة: 212 في الجزء الثاني من الكتاب أن الآيتين أعني آية البقرة و آية الممتحنة أجنبيتان من الدلالة على حرمة نكاح الكتابية.

و لو قيل بدلالة آية الممتحنة بوجه على التحريم كما يدل على سبق المنع الشرعي ورود آية المائدة في مقام الامتنان و التخفيف - و لا امتنان و لا تخفيف لو لم يسبق منع - كانت آية المائدة هي الناسخة لآية الممتحنة لا بالعكس لأن النسخ شأن المتأخر، و سيأتي في البحث الروائي كلام في الآية الثانية.

ثم المراد بالمحصنات في الآية: العفائف و هو أحد معان الإحصان، و ذلك أن قوله: «و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، يدل على أن المراد بالمحصنات غير ذوات الأزواج و هو ظاهر، ثم الجمع بين المحصنات من أهل الكتاب و المؤمنات على ما مر من توضيح معناها يقضي بأن المراد بالمحصنات في الموضعين معنى واحد، و ليس هو الإحصان بمعنى الإسلام لمكان قوله: و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، و ليس المراد بالمحصنات الحرائر فإن الامتنان المفهوم من الآية لا يلائم تخصيص الحل بالحرائر دون الإماء، فلم يبق من معاني الإحصان إلا العفة فتعين أن المراد بالمحصنات العفائف.و بعد ذلك كله إنما تصرح الآية بتشريع حل المحصنات من أهل الكتاب للمؤمنين من غير تقييد بدوام أو انقطاع إلا ما ذكره من اشتراط الأجر و كون التمتع بنحو الإحصان لا بنحو المسافحة و اتخاذ الأخدان، فينتج أن الذي أحل للمؤمنين منهن أن يكون على طريق النكاح عن مهر و أجر دون السفاح، من غير شرط آخر من نكاح دوام أو انقطاع، و قد تقدم في قوله تعالى: «فما استمتعتم به منهن فأتوهن»: الآية النساء: 24 في الجزء الرابع من الكتاب أن المتعة نكاح كالنكاح الدائم، و للبحث بقايا تطلب من علم الفقه.

قوله تعالى: «إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين و لا متخذي أخدان» الآية في مساق قوله تعالى في آيات محرمات النكاح: «و أحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين»: النساء: 24. و الجملة قرينة على كون المراد بالآية بيان حلية التزوج بالمحصنات من أهل الكتاب من غير شمول منها لملك اليمين.

اقول: وهذه اشارات لطيفة لتوليد الانسجام الاجتماعي في الطعام والنكاح.لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون. سورة 5 المائدة الاية 82. اقول: وهنا عبارات مدح للعابدين والمتواضعين.

واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين . سورة المائدة الاية 83.اقول: وهذه اشارة الى العقول المتفتحة التي تتجاوب مع العقل والمنطق واحترام الحق.وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع ان يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين. سورة المائدة الاية 84.اقول: وهكذا تفعل المواعظ البالغة باهلها.فاثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين. سورة المائدة الاية 85.اقول: وهكذا يحسن الخالق للمحسنين منهم.قوله تعالى: «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود و الذين أشركوا - إلى قوله - نصارى» لما بين سبحانه في الآيات السابقة الرذائل المشتركة بين أهل الكتاب عامة، و بعض ما يختص ببعضهم كقول اليهود: «يد الله مغلولة» و قول النصارى: «إن الله هو المسيح بن مريم» ختم الآيات بما يختص به كل من الطائفين إذا قيس حالهم من المؤمنين و دينهم، و أضاف إلى حالهم حال المشركين ليتم الكلام في وقع الإسلام من قلوب الأمم غير المسلمة من حيث قربهم و بعدهم من قبوله.

و يتم الكلام في أن النصارى أقرب تلك الأمم مودة للمسلمين و أسمع لدعوتهم الحقة.و إنما عدهم الله سبحانه أقرب مودة للمسلمين لما وقع من إيمان طائفة منهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يدل عليه قوله في الآية التالية: «و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول» «إلخ»، لكن لو كان إيمان طائفة تصحح هذه النسبة إلى جميعهم كان من الواجب أن تعد اليهود و المشركون كمثل النصارى و ينسب إليهما نظير ما نسب إليهم لمكان إسلام طائفة من اليهود كعبد الله بن سلام و أصحابه، و إسلام عدة من مشركي العرب و هم عامة المسلمين اليوم فتخصيص النصارى بمثل قوله: «و إذا سمعوا ما أنزل» «إلخ»، دون اليهود و المشركين يدل على حسن إقبالهم على الدعوة الإسلامية و إجابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أنهم على خيار بين أن يقيموا على دينهم و يؤدوا الجزية، و بين أن يقبلوا الإسلام، أو يحاربوا.و هذا بخلاف المشركين فإنهم لم يكن يقبل منهم إلا قبول الدعوة فكثرة المؤمنين منهم لا يدل على حسن الإجابة، على ما كابد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من جفوتهم و لقاه المسلمون من أيديهم بقسوتهم و نخوتهم.

و كذلك اليهود و إن كانوا كالنصارى في إمكان إقامتهم على دينهم و تأدية الجزية إلى المسلمين لكنهم تمادوا في نخوتهم، و تصلبوا في عصبيتهم، و أخذوا بالمكر و المكيدة، و نقضوا عهودهم، و تربصوا الدوائر على المسلمين، و مسوهم بأمر المس و آلمه.

و هذا الذي جرى من أمر النصارى مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الدعوة الإسلامية، و حسن إجابتهم، و كذا من أمر اليهود و المشركين في التمادي على الاستكبار و العصبية جرى بعينه بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) على حذو ما جرى في عهده فما أكثر من لبى الدعوة الإسلامية من فرق النصارى خلال القرون الماضية، و ما أقل ذلك من اليهود و الوثنيين! فاحتفاظ هذه الخصيصة في هؤلاء و هؤلاء يصدق الكتاب العزيز في ما أفاده.

و من المعلوم أن قوله تعالى: «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا» من قبيل بيان الضابط العام في صورة خطاب خاص نظير ما مر في الآيات السابقة: «ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا» و «ترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم».

قوله تعالى: «ذلك بأن منهم قسيسين و رهبانا و أنهم لا يستكبرون» القسيس معرب «كشيش» و الرهبان جمع الراهب و قد يكون مفردا، قال الراغب: الرهبة و الرهب مخافة مع تحرز - إلى أن قال - و الترهب التعبد، و الرهبانية غلو في تحمل التعبد من فرط الرهبة، قال تعالى: «و رهبانية ابتدعوها» و الرهبان يكون واحدا و جمعا فمن جعله واحدا جمعه على رهابين، انتهى.علل تعالى ما ذكره من كون النصارى أقرب مودة و آنس قلوبا للذين آمنوا بخصال ثلاث يفقدها غيرهم من اليهود و المشركين، و هي أن فيهم علماء و أن فيهم رهبانا و زهادا، و أنهم لا يستكبرون و ذلك مفتاح تهيؤهم للسعادة.

و ذلك أن سعادة حياة الدين أن تقوم بصالح العمل عن علم به، و إن شئت فقل: إن يذعن بالحق فيطبق عمله عليه فله حاجة إلى العلم ليدرك به حق الدين و هو دين الحق، و مجرد إدراك الحق لا يكفي للتهيؤ للعمل على طبقه حتى ينتزع الإنسان من نفسه الهيئة المانعة عنه، و هو الاستكبار عن الحق بعصبية و ما يشابهها، و إذا تلبس الإنسان بالعلم النافع و النصفة في جنب الحق برفع الاستكبار تهيأ للخضوع للحق بالعمل به لكن بشرط عدم منافاة الجو لذلك فإن لموافقة الجو للعمل تأثيرا عظيما في باب الأعمال فإن الأعمال التي يعتورها عامة المجتمع و ينمو عليها أفراده، و تستقر عليهم عادتهم خلفا عن سلف لا يبقى للنفس فراغ أن تتفكر في أمرها أو تتدبر و تدبر في التخلص عنها إذا كانت ضارة مفسدة للسعادة، و كذلك الحال في الأعمال الصالحة إذا استقر التلبس بها في مجتمع يصعب على النفس تركها، و لذا قيل: إن العادة طبيعة ثانية، و لذا كان أيضا أول فعل مخالف حرجا على النفس في الغاية و هو عند النفس دليل على الإمكان، ثم لا يزال كلما تحقق فعل زاد في سهولة التحقق و نقص بقدره من صعوبته.

فإذا تحقق الإنسان أن عملا كذا حق صالح و نزع عن نفسه أغراض العناد و اللجاج بإماتة الاستكبار و الاستعلاء على الحق كان من العون كل العون على إتيانه أن يرى إنسانا يرتكبه فتتلقى نفسه إمكان العمل.و من هنا يظهر أن المجتمع إنما يتهيأ لقبول الحق إذا اشتمل على علماء يعلمونه و يعلمونه، و على رجال يقومون بالعمل به حتى يذعن العامة بإمكان العمل و يشاهدوا حسنه، و على اعتياد عامتهم على الخضوع للحق و عدم الاستكبار عنه إذا انكشف لهم.

و لهذا علل الله سبحانه قرب النصارى من قبول الدعوة الحقة الدينية بأن فيهم قسيسين و رهبانا و أنهم لا يستكبرون ففيهم علماء لا يزالون يذكرونهم مقام الحق و معارف الدين قولا، و فيهم زهاد يذكرونهم عظمة ربهم و أهمية سعادتهم الأخروية و الدنيوية عملا، و فيهم عدم الاستكبار عن قبول الحق.و أما اليهود فإنهم و إن كان فيهم أحبار علماء لكنهم مستكبرون لا تدعهم رذيلة العناد و الاستعلاء أن يتهيئوا لقبول الحق.

و أما الذين أشركوا فإنهم يفقدون العلماء و الزهاد، و فيهم رذيلة الاستكبار.قوله تعالى: «و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع» «إلخ»، فاضت العين بالدمع سال دمعها بكثرة، و من في قوله: «من الدمع» للابتداء، و في قوله: «مما» للنشوء، و في قوله: «من الحق» بيانية.قوله تعالى: «و ما لنا لا نؤمن بالله» «إلخ»، لفظة «يدخلنا» كأنها مضمنة معنى الجعل، و لذلك عدي بمع، و المعنى: يجعلنا ربنا مع القوم الصالحين مدخلا لنا فيهم.و في هذه الأفعال و الأقوال التي حكاها الله تعالى عنهم تصديق ما ذكره عنهم أنهم أقرب مودة للذين آمنوا، و تحقيق أن فيهم العلم النافع و العمل الصالح و الخضوع للحق حيث كان فيهم قسيسون و رهبان و هم لا يستكبرون.قوله تعالى: «فأثابهم الله» إلى آخر الآيتين، «الإثابة» المجازاة، و الآية الأولى ذكر جزائهم، و الآية الثانية فيها ذكر جزاء من خالفهم على طريق المقابلة استيفاء للأقسام.الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم. سورة 7 الاعراف الاية 157.و قوله: «الذين يتبعون الرسول النبي الأمي» الآية بحسب ظاهر السياق بيان لقوله: «و الذين هم بآياتنا يؤمنون» و يؤيده ما هو ظاهر الآية أن كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولا نبيا أميا و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث، و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم كل ذلك من أمارات النبوة الخاتمية و آياتها المذكورة لهم في التوراة و الإنجيل فمن الإيمان بآيات الله الذي شرطه الله تعالى لهم في كلامه: أن يؤمنوا بالآيات المذكورة لهم أمارات لنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).اقول: وهي اشارة الى تحرر بعض العقول من التقليد واتباع الهوى.قوله تعالى: «و من قوم موسى أمة يهدون بالحق و به يعدلون» سورة 7 الاعراف الاية 159 و هذا من نصفة القرآن مدح من يستحق المدح، و حمد صالح أعمالهم بعد ما قرعهم بما صدر عنهم من السيئات فالمراد أنهم ليسوا جميعا على ما وصفنا من مخالفة الله و رسوله، و التزام الضلال و الظلم بل منهم أمة يهدون الناس بالحق و بالحق يعدلون فيما بينهم فالباء في قوله: «بالحق» للآلة و تحتمل الملابسة.اقول: وهنا مدح لاصحاب العقول امستنيرة الفاعلة.والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة انا لا نضيع اجر المصلحين. الاعراف الاية 170. و الآية أعني قوله: «و الذين يمسكون بالكتاب» الآية في نفسها عامة مستقلة لكنها بحسب دخولها في سياق الكلام في بني إسرائيل معتنية بشأنهم، و المراد بالكتاب بهذا النظر التوراة أو هي و الإنجيل.اقول: وهي اشارة الى الاهتمام بالصالحين منهم.ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شيء شهيد . سورة 22 الحج الاية 17.المراد بالذين آمنوا بقرينة المقابلة هم الذين آمنوا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و كتابهم القرآن.و الذين هادوا هم المؤمنين بموسى من قبله من الرسل الواقفون فيه و كتابهم التوراة و قد أحرقها بخت نصر ملك بابل حينما استولى عليهم في أواسط القرن السابع قبل المسيح فافتقدوها برهة ثم جدد كتابتها لهم عزراء الكاهن في أوائل القرن السادس قبل المسيح حينما فتح كوروش ملك إيران بابل و تخلص بنو إسرائيل من الإسارة و رجعوا إلى الأرض المقدسة.و الصابئون ليس المراد بهم عبدة الكواكب من الوثنية بدليل ما في الآية من المقابلة بينهم و بين الذين أشركوا بل هم - على ما قيل - قوم متوسطون بين اليهودية و المجوسية و لهم كتاب ينسبونه إلى يحيى بن زكريا النبي و يسمى الواحد منهم اليوم عند العامة «صبي» و قد تقدم لهم ذكر في ذيل قوله: «إن الذين آمنوا و الذين هادوا و النصارى و الصابئين:» البقرة: 62.و النصارى هم المؤمنون بالمسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) و من قبله من الأنبياء و كتبهم المقدسة الأناجيل الأربعة للوقا و مرقس و متى و يوحنا و كتب العهد القديم على ما اعتبرته و قدسته الكنيسة لكن القرآن يذكر أن كتابهم الإنجيل النازل على عيسى (عليه السلام).و المجوس المعروف أنهم المؤمنون بزرتشت و كتابهم المقدس «أوستا» غير أن تاريخ حياته و زمان ظهوره مبهم جدا كالمنقطع خبره و قد افتقدوا الكتاب باستيلاء إسكندر على إيران ثم جددت كتابته في زمن ملوك ساسان فأشكل بذلك الحصول على حاق مذهبهم و المسلم أنهم يثبتون لتدبير العالم مبدأين مبدأ الخير و مبدأ الشر يزدان و أهريمن أو النور و الظلمة - و يقدسون الملائكة و يتقربون إليهم من غير أن يتخذوا لهم أصناما كالوثنية، و يقدسون البسائط العنصرية و خاصة النار و كانت لهم بيوت نيران بإيران و الصين و الهند و غيرها و ينهون الجميع إلى «أهورامزدا» موجد الكل.

و الذين أشركوا هم الوثنية عبدة الأصنام و أصول مذاهبهم ثلاثة: الوثنية الصابئة، و البرهمانية، و البوذية، و قد كان هناك أقوام آخرون يعبدون من الأصنام ما شاءوا كما شاءوا من غير أن يبنوه على أصل منظم كعرب الحجاز و طوائف في أطراف المعمورة و قد تقدم تفصيل القول فيهم في الجزء العاشر من الكتاب.و قوله: «إن ربك يفصل بينهم يوم القيامة» المراد به فصل القضاء فيما اختلف فيه أصحاب هذه المذاهب و اختصموا فينفصل المحق منهم و يتميز من المبطل انفصالا و تميزا لا يستره ساتر و لا يحجبه حاجب.اقول: وهذه اشارة الى وجود الاختلاف في العقيدة بين الاديان وسيكون الحساب على هذا الاختلاف بين يدي الله سبحانه وتعالى.17 September 2006ملحقالبابا بنديكتوس يأسف لردود الفعل الغاضبة على تعليقاته إزاء الإسلام، وأوضح أن ما قاله مجرد اقتباس لا يعكس رأيه الشخصي.أرني ما الجديد الذي جاء به محمد وعندها لن تجد إلا ما هو شرير ولاإنساني، مثل أمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف رأي الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس الثاني، الذي أشار إليه البابا في خطابه.النص الكامل للرد البابويالسبت 16 أيلول 2006 تصريح أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكردينال تارشيزيو بيرتوني حول ردود فعل الجهات الإسلامية حيال بعض المقتطفات من خطاب البابا في جامعة ريغينسبورغ.ردود فعل جهات إسلامية حيال بعض المقتطفات من خطاب البابا بندكتس السادس عشر في جامعة ريغينسبورغ والإيضاحات التي قدمها مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، أود أن أضيف ما يلي: ـ إن موقف البابا حيال الإسلام يتمثل بدون أي التباس في الوثيقة المجمعية "في عصرنا": وثيقة Nostra Aetate (التي تناولت علاقة الكنيسة بالأديان غير المسيحية تحت عنوان "في زماننا" وأقرت إثر مجمع الفاتيكان الثاني في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1965): وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار أيضا إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر. ويجتهدون في أن يخضعوا بكليتهم حتى لأوامر الله الخفية كما يخضع له إبراهيم الذي يُسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي. ولأنهم يجلون يسوع كنبي وإن لم يعترفوا به كإله ويكرمون مريم أمه العذراء كما أنهم يدعونها أحيانا بتقوى. وعلاوة على ذلك إنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت. ويعتبرون أيضا الحياة الأخلاقية ويؤدون العبادة لله لا سيما بالصلاة والزكاة والصوم.

ولا التباس في موقف البابا من أجل الحوار الديني والثقافي المشترك. خلال لقائه مع ممثلي بعض الجاليات الإسلامية في كولونيا في 20 أغسطس 2005 قال إن الحوار بين المسيحيين والمسلمين يجب ألا يتحول إلى خيار موسمي؛ وأضاف أن خبرات الماضي يجب أن تساعدنا على تحاشي ارتكاب الأخطاء نفسها. نريد البحث عن دروب المصالحة والعيش ضمن احترام هوية الآخر. ـ في ما يتعلق برأي الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس الثاني، الذي أشار إليه البابا في خطابه في ريغينسبورغ، فإن الأب الأقدس لم يشأ ولا يريد بشكل مطلق تبنيه لكنه استخدمه فقط، في إطار أكاديمي ووفقا لقراءة يقظة وكاملة للنص، كي يقوم ببعضونقلا عن الموقع الالكتروني لمحطة البي بي سي البريطانية :رأي الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس الثاني، الذي أشار إليه البابا في خطابه : "ارني ما الجديد الذي جاء به محمد وعندها لن تجد إلا ما هو شرير ولاإنساني، مثل أمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف".النص الكامل للرد البابويالسبت 16 أيلول 2006 تصريح أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكردينال تارشيزيو بيرتوني حول ردود فعل الجهات الإسلامية حيال بعض المقتطفات من خطاب البابا في جامعة ريغينسبورغ. أمام ردود فعل جهات إسلامية حيال بعض المقتطفات من خطاب البابا بندكتس السادس عشر في جامعة ريغينسبورغ والإيضاحات التي قدمها مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، أود أن أضيف ما يلي: ـ إن موقف البابا حيال الإسلام يتمثل بدون أي التباس في الوثيقة المجمعية "في عصرنا": وثيقة Nostra Aetate (التي تناولت علاقة الكنيسة بالأديان غير المسيحية تحت عنوان "في زماننا" وأقرت إثر مجمع الفاتيكان الثاني في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1965): وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار أيضا إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر. ويجتهدون في أن يخضعوا بكليتهم حتى لأوامر الله الخفية كما يخضع له إبراهيم الذي يُسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي. ولأنهم يجلون يسوع كنبي وإن لم يعترفوا به كإله ويكرمون مريم أمه العذراء كما أنهم يدعونها أحيانا بتقوى. وعلاوة على ذلك إنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت. ويعتبرون أيضا الحياة الأخلاقية ويؤدون العبادة لله لا سيما بالصلاة والزكاة والصوم.

ولا التباس في موقف البابا من أجل الحوار الديني والثقافي المشترك. خلال لقائه مع ممثلي بعض الجاليات الإسلامية في كولونيا في 20 أغسطس 2005 قال إن الحوار بين المسيحيين والمسلمين يجب ألا يتحول إلى خيار موسمي؛ وأضاف أن خبرات الماضي يجب أن تساعدنا على تحاشي ارتكاب الأخطاء نفسها. نريد البحث عن دروب المصالحة والعيش ضمن احترام هوية الآخر.

ـ في ما يتعلق برأي الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس الثاني، الذي أشار إليه البابا في خطابه في ريغينسبورغ، فإن الأب الأقدس لم يشأ ولا يريد بشكل مطلق تبنيه لكنه استخدمه فقط، في إطار أكاديمي ووفقا لقراءة يقظة وكاملة للنص، كي يقوم ببعضالتأملات حول موضوع العلاقة بين الدين والعنف بشكل عام والوصول في نهاية المطاف إلى رفض جذري وواضح للتعليل الديني للعنف من أي جهة أتى. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى ما قاله مؤخرا البابا بندكتس السادس عشر في خطابه لمناسبة الذكرى العشرين للقاء الصلاة ما بين الأديان الذي شاءه السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني في أسيزي في أكتوبر 1986:"... لا يمكن نسب مظاهر العنف إلى الدين إنما إلى الحدود الثقافية التي يعيش وينمو فيها مع مرور الزمن... في الواقع، إن جميع التقاليد الدينية الكبرى تحتوي على شهادات عن الصلة الحميمة بين العلاقة مع الله وأخلاقية المحبة.

ـ وبالتالي إن الأب الأقدس يأسف أشد الأسف أن تكون بعض مقتطفات خطابه قد بدت مهينة لمشاعر المؤمنين المسلمين وفُسرت بطريقة مخالفة لمقاصده. ومن جهة أخرى، فإن البابا، أمام حماسة المشاعر الدينية للمسلمين، حذر الثقافة الغربية المعلمنة كي تتحاشى احتقار الله والاستخفاف به والذي يعتبر الاستهزاء بالمقدسات حقا في الحرية.

ـ إن البابا، إذ يؤكد احترامه وتقديره للمؤمنين المسلمين، يأمل بأن يتفهموا كلماته بمعناها الصحيح كي تتقوى، بعد تخطي هذه الفترة غير السهلة، الشهادة للإله الواحد القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر، والتعاون المشترك من أجل صيانة وتعزيز العدالة الاجتماعية والخيور الأخلاقية والسلام والحرية. انتهى . وفي الصانداي تايمز مقال معه صورة للبابا بندكت السادس عشر يشغل صفحة بكاملها، تحت عنوان "البابا في مواجهة الرسول".

"بكلمتين اثنتين - شرير ولا انساني ربطهما بالرسول محمد، اعاد البابا العلاقات مع الاسلام الى الوراء عدة حقب، فقد ادت الكلمتان الى اشعال غضب المتشددين من المسلمين والصدمة والاسف في اوساط المعتدلين منهم. وقد صدرت تهديدات ليس فقط ضد البابوية، بل ضد الكاثوليك ككل، وعددهم يناهز المليار." وتضيف الصنداي تايمز ان "اقوال البابا خلقت انقسامات كبيرة وسط الكنيسة ايضا بين الكاثوليك التقليديين والتقدميين المعتدلين. وحتى أولئك الذين كانوا راضين عن البابا ويقولون انه لن يدخل في مواجهة مع الجناح اللبرالي لكنيسته، غيروا نظرتهم الآن مستغربين للطريقة التي كشر فيها راتسنغر عن اسنانه العجوزة". وتذكر الصحيفة بمحاولة المتحدث باسم الفاتيكان فريديريكو لومباردي الدفاع عن اقوال البابا بالتركيز على السياق الذي جاءت فيه، لكن "رنين الكلمات يبقى بعد غياب السياق."

وتضيف انه "من المعروف ان الثقافة الاسلامية هي التي ابقت ثراث ارسطو حيا عبر عصور الظلمات ومكنت الكاثوليك من اعادة التوفيق بين الدين والعقل على يد توماس أكيناس."

وتنقل الصنداي تايمز عن "مصدر انجليكاني رفيع" ان الاسلام "كان دين العقل قبل المسيحية، فالرياضيات والطب تطورا في العالم الاسلامي، وان كان هناك صراع بين العقلانية وظلامية العصور الوسطى، فعلينا الاقرار بان الاسلام في صف العقلانية."وقد صدرت رسالة من مؤسسة الامام علي عليه السلام في لندن، الى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشراحتجاجا على تصريحهقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر 00120 مدينة دولة الفاتيكان أوروبالقد فوجئ العالم الإسلامي بموقف قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر من الإسلام وصدم صدمة تركته مذهولا ً لا يكاد يصدّق سمعه وبصره ، ذلك أن كلامه لم يكن خطابا ً مرتجلا ً للجماهير ولا تصريحا ً للصحافة كي يعتذر عنه بأنه زلة لسان وإنما جاء خلال محاضرة في معهد من معاهد العلم وناد ٍ من نوادي المعرفة والفكر ، سيمّا وقد ظهر على شاشة بعض الفضائيات مساء 15-9-2006 الأب جون الهاشم وهو يؤكد موقف البابا ويصرّح بوضوح أنّه موقف الفاتيكان الثابت وليس بالأمر المستجد وأن الأعتراض عليه ناشئ من سوء الفهم لكلامه . ونحن إذ نضم صوتنا إلى أصوات المعترضين والمحتجين نعرب عن دهشتنا من ضحالة ثقافة رجل يشكّل كلامه المتن العقائدي لمئات الملايين من البشر وسطحية معرفته باصول الديانات وقرائته الخاطئة لمفاهيم الإسلام بالخصوص، وندعوه لا إلى الإعتذار ليدخل الأمر في دائرة المجاملات واسداء الستار على الحقائق بل إلى تصحيح موقفه عبر قراءة جديدة دقيقة شاملة لمفردات الدين الإسلامي، وأن الحوزات العلمية على أتمّ الأستعداد لتقديم المساعدات اللازمة لقيامه بهذه المهمّة وفتح باب الحوار العلمي الهادئ سواء بالمكاتبات المنتظمة أو اللقاءات المتبادلة ذلك أن الحوار عندنا فريضة فضلا ً عن كونه فضيلة (وانا واياكم لعلى هدى ً أو في ضلال مبين ) (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). مؤسسة الامام علي (ع) - لندن 21 شعبان 1427هـ 15 ايلول 2006مانتهى البحث.فهرست المواضيع:المفهوم الجدلي السياسي للدين والتاريخ.بحث قراني معتمد على تفسير الميزان واشارات مستنتجة على وجه العموم تفيد المعنى، اهل الكتاب في القران، نظرة الاسلام الى اهل الكتاب.نقل عن الموقع الالكتروني لمحطة البي بي سي البريطانية رأي الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوغوس الثاني، الذي أشار إليه البابا في خطابه.الصانداي تايمز مقال معه صورة للبابا بندكت السادس عشر يشغل صفحة بكاملها، تحت عنوان "البابا في مواجهة الرسول".تصريحات بوش والبابا بنديكيتس السادس عشر، وردود الافعال.النص الكامل للرد البابوي مع توسعة.رسالة من مؤسسة الامام علي عليه السلام في لندن، الى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشراحتجاجا على تصريحه(الموقع الالكتروني لمؤسسة الامام علي عليه السلام

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك