دراسات

السيدة زينب(ع) وتمكين المرأة..

3801 2021-12-10

  د.أمل الأسدي ||   زينب:اسم له وقع وسلطة علی المتلقي علی الرغم من الفاصل الزمني البعيد عن ولادة صاحبة الاسم،امرأةٌ  وأمٌّ رسمت للمرأة من بعدها خطواتٍ للعمل والوعي والكيانية الخاصة،ولو طرحنا سؤالا مفاده؟ ماذا قدمت السيدة زينب(ع) للمرأة، سواء كانت المرأة مسلمة أم غير مسلمة؟! وهنا وجب علينا ربط أثر السيدة الجليلة ووقعه منذ الطفولة،وعليه فإن سلوك الرسول الأعظم والإمام المعصوم وسيدة نساء العالمين،والأخوين المعصومين،يمثل  الإعداد العملي المنظور إليه من السماء في تمكين السيدة الجليلة زينب، ومن ثم تمكين المرأة  من بعدها ،وقبل ذلك لابد من الوقوف عند مفردة التمكين وتعريفها لغة واصطلاحا: فالتمكين لغة: من مكَّن يمكِّن تمكينا فهو مُمكِّن ومُمَكَّن،  ومكَّن:أي مَكَّنَه اللهُ من الشيءِ وأَمْكَنَه منه،وفلان لا يُمْكِنُه النُّهُوضُ أَي لا يقدر عليه.وتَمَكَّنَ من الشيءِ واسْتَمْكَنَ ظَفِر،و مكَّن الشّخصَ من التصرُّف في شُؤونه أمكنه؛ جعل له عليه قدرةً وسلطانًا(١) وأما من حيث الاصطلاح فهو لايبتعد عن معناه اللغوي، فهو قدرة الفرد والجماعة علی اتخاذ القرارات،والعمل والتأثير في محيطهم،وهو ما يضمن  الاكتفاء الذاتي وتحقيق النجاح في الحياة،والحصول علی الفرص المناسبة لتحقيق الأهداف عن طريق الاعتداد بالنفس وتعزيز الثقة(٢). ونعود لنسأل كيف أسهم سلوكُ الأسرة النبوية في تمكين السيدة زينب؟ إن سلوك هذه  الأسرة سلوكٌ قصدي تربوي، معلِّم، رساليٌّ،فأسرة النبوة هم حملة الرسالة الإلهيةوهم ميدان تطبيقها،وهم قنوات التواصل المحمدية الرحمانية مع الناس؛لذا لايمكن بأي شكل من الأشكال نزع القصدية من مظاهرهم الحياتية التي كانوا يبرِّزونها للآخر!! ⭕ تأسيس التمكين: طفلةٌ تولد،فيفرح بها سيد العائلة،العائلة الملكوتية والعائلة الإسلامية(المسلمون)، حدثٌ مهم في بيت  السيدة الأولی في المجتمع الإسلامي،هناك مراسيم لاستقبال الأطفال،وهناك مشاورة لاختيار اسمها،فأمّها تطلب من أبيها تسميتها،وهو بكلّ أدب ورفعة يوكل الأمر إلی رسول الله الأعظم،والرسول(صلی الله عليه وآله) صاحب الخلق العظيم يترك الأمر لله،فيهبط الملك جبرئيل معلنا اسمها المختار من الله تعالی وهو (زينب)،هذا الاحتفاء والتشريف في مجتمع كان ـ وقبل أقل من عقدين ـ يتسم بالجاهلية ويئد البنت ويخمد أنفاسها ظلما،وكانت فيه ولادة الأنثی مجلبة للشر والغم بحسب فهمهم الصحراوي،أما الآن فيمر المجتمع  بمرحلة التأسيس لتمكين المرأة،ابتداءً من مكانة السيدة خديجة(عليها السلام) فمكانة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) ثم السيدة الملكوتية زينب،فالسماء أعلنت أن للنساء مكانةً وتشريفا يصل الی أن يتم اختيار اسم أنثی من الباري عز وجل.(٣).  ⭕ بناء الشخصية: في مجتمع بدوي ثبّت رسول الله أسس المدنية والتحضر،فهو الهاشمي الذي ورث عن عبد المطلب الحكمة والكياسة وقوة الحضور واحترام المرأة  وضمان حقوقها،ولاسيما وأن(عبد المطلب) حرّم السفاح وأقر عقد الزواج والمهر،وعبد المطلب كان يهتم ببناء شخصية الرسول ويقدمه في مجالسه وعمل علی إظهار الهالة المحيطة به التي تبين مكانته وتعكس شمائله،وكذلك رسول الله الأعظم حين كبر ووصل إلی مرحلة التبليغ والرسالة والأبوة،كان يهتم كثيرا ببناء الشخصية وتسليحها بالثقة والإيمان والاعتداد بالنفس،وقد منح السيدة الزهراء مكانة مرموقةً لم تُمنح لأحد من قبلها  ولا من بعدها حين أطلق عليها :(أمُّ أبيها) وعلی هذا المنوال تعامل مع السيدة زينب وأخويها الإماميين الأحسنيين من قبل،تخيل أنه كان يُجلسها ليستمع إلی كلامها وهي في عامها الرابع أو الخامس ،فتقص عليه رؤياها فيبكي ويفسر لها الرؤيا مستشرفا ثقل دورها وصعوبة حياتها وكثرة الشدائد التي ستشهدها.(٤) أما علي بن أبي طالب، الوالد القائد الشجاع،كان يجلسها في حجره ويلاطفها ويحاورها ويرد علی تساؤلاتها،ويجاريها في  الحديث ولاسيما وهي عقل متقد،وذكاء ثاقب سابق لعمرها،فصيحة بليغة لها رؤيتها الخاصة ورأيها الخاص رغم أنها طفلة(٥)،وبهذه التربية وبهذا المنهج البنّاء،وبهذه المشاهدات التي عاشتها السيدة زينب، ولاسيما معايشتها لأمها الزهراء وطريقة  تعاملها الأسرية،ومصاحبتها لها وهي تدافع عن قضيتها وتنصر الإمام وتحفظ وصية الرسول،وتخطب بصوت يصدح بالحق،ويفيض بالإيمان المطلق بالله تعالی،بهذا كله بُنيت شخصية السيدة زينب (عليها السلام) لتكون بعد ذلك نخلةً شامخة لاتهزها ريحٌ ولاتنال منها!!(٦) ولايمكن للأسرة المسلمة الآن أن تربي بناتها وتطمح بأن يكون لهن شأن ومكانة من دون استلهام هذا المنهج التربوي،من دون أن يجلس الوالدان  ليحاورا  الأطفال ويستمعا إليهم،وليزرعا فيهم قوة الشخصية والثقة بالنفس والثبات الذي يؤدي إلی تحقيق التمكين لهم، ولاسيما للأنثی التي مازالت مهمشةً مظلومةً خاضعةً إلی مرحلة ما قبل التحضر الذي جاء به الإسلام وطبقه الرسول الأعظم وأهل بيته(صلوات الله عليهم أجمعين).  ⭕التمكين الاجتماعي: انتقل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الی الكوفة،فصارت بذلك مركز الحكم وعاصمة الدولة،وانتقلت مع الإمام أسرته ومنهم السيدة زينب(عليها السلام) وهي سيدة متزوجة من سيد هاشمي ،كان قد دعا له رسول الله بالتوفيق في تجارته،فصار من الأثرياء الكرماء الأجواد وهو(عبد الله بن جعفر الطيار) الذي سبقهم في الهجرة من المدينة إلی الكوفة إذ كان مع جيش الإمام،وعلی الرغم من الأحداث الجسيمة التي  حدثت إبان حكم أمير المؤمنين إلا أن السيدة  زينب(عليها السلام) كان لها الحضور الاجتماعي والثقل المعرفي في الكوفة،فكان لها درس تحضره نساء الكوفة،فتفسر لهم كتاب الله وتعلمهم وتربيهم وتروي لهم عن جدها وأمها وأبيها(٧). فهذه الأم السيدة العفيفة المحجبة،العابدة الزاهدة،لم يمنعها حجابها والتزامها وصلاتها ونوافلها وأمومتها من أداء دورها والتأثير في مجتمعها،رغم الظروف غير المستقرة،ورغم الفتن والمؤامرات،فهي حلقة من حلقات الرسالة المتواصلة،وهي امتداد للسيدة الزهراء العابدة العالمة العاملة،وهي اللسان الفصيح البليغ الذي ورث عن سيد البلغاء والمتكلمين الفصاحة والبلاغة، وهي وتدٌ من أوتاد الأسرة العلوية المتآلفة المتماسكة،وهي علی هذا تجسد  أبهی صور التمكين الاجتماعي في مجتمع خليط تتجاذبه تيارات مختلفة ،فمن منحها هذا التمكين؟  لقد بينا وذكرنا أن الرسول الأعظم ونفسه علي بن أبي طالب اهتما بقضية بناء الشخصية والتأسيس لتمكين المرأة،والعمل علی منحها المكانة اللائقة بها،ومع ذلك كله فإن تمكين السيدة زينب  وحضورها الاجتماعي نابع من وعيها وإيمانها ومن استثمارها لما أُتيح لها من خزين علمي وعقدي وبلاغي واقتصادي،فكان بإمكانها أن تنشغل بحياتها الخاصة ضمن إطار أسرتها الصغيرة أو الصغيرة والكبيرة معا،لكنها لم تترك دورها كإنسانة رسالية،تؤمن أن لكل فرد رسالةوهدفا لايتحقق إلا بالعمل والسعي والثبات،وعلی ذلك لابد لمن يتحدث أو تتحدث عن تمكين المرأة الوقوف بتأن وتأمل وتدبر واستثمار لحياة العقيلة زينب(عليها السلام).  التمكين الإعلامي: في وقت مبكر جدا حازت السيدة زينب(عليها السلام) علی مساحة مؤثرة ومتفردة في التمكين الإعلامي،فكان حضورها الإعلامي علامة فارقة في التأريخ،فقد استطاعت أن تحول الألم والجراح والفقد والظلم والعدوان والعنف إلی انتصار مدو،امتد أثره إلی لحظتنا الآنية!! فكيف تمكنت هذه السيدة من تحويل مشاهد  الفقد التي تسلب الإنسان قدرته علی الاختيار واتخاذ القرار والتواصل السريع مع الآخر، والتفاعل مع المجتمع رغم قسوة الظروف،تحويلها إلی مشاهد انتصار وظفر؟! هذه السيدة  قد منحها الإسلام المحمدي،والتربية المحمدية،والتنشئة العلوية القدرة علی التألق الإعلامي،والقوة الخطابية الرهيبة،إذ وقفت تخطب بعد استشهاد أخيها الإمام الحسين وسائر أهل بيته،ومنهم أولادها الأربعة،خطبت في الكوفة وقد أشارت بيدها  إلی الناس أن اسكتوا،فارتدت الأنفاس صامتة أمام الصوت العلوي،وراحت  تخطب بفصاحة علي بن أبي طالب وبلاغته،وقد خطبت في  مجلس ابن زياد وكذلك خطبت في مجلس يزيد،رأس السلطة الحاكمة الغاشمة، فحين كانت الأجواء في المجلس أجواء شماتة وزهو وطغيان من قبل السلطة الأموية،استطاعت السيدة زينب أن تقلب هذه الأجواء،وتخرس الألسن،وتميط اللثام عن خسة الأمويين أمام الناس حينها،وأمام التأريخ الذي امتد إلی عصرنا الحالي،فوقفت بكل شموخ تدافع عن دينها وإيمانها وإمامها،بخطبة مزلزِلةٍ،ختمتها باستشرافٍ متحقق أمامنا الآن، فقالت: [ثُمَّ كِدْ كَيْدَكَ وَاجْهَدْ جُهْدَكَ! فَوَ الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْوَحْيِ وَالْكِتَابِ وَالنُّبُوَّةِ وَالِانْتِجَابِ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَلَا تَبْلُغُ غَايَتَنَا. وَلَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَلَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا. وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَكَمَ لِأَوْلِيَائِهِ بِالسَّعَادَةِ وَخَتَمَ لِأَوْصِيَائِهِ بِبُلُوغِ الْإِرَادَةِ نَقَلَهُمْ إِلَى الرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَالرِّضْوَانِ وَالْمَغْفِرَةِ وَلَمْ يَشْقَ بِهِمْ غَيْرُكَ وَلَا ابْتَلَى بِهِمْ سِوَاكَ وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الْأَجْرَ وَيُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَالذُّخْرَ وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخِلَافَةِ وَجَمِيلَ الْإِنَابَةِ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ](٨) فبعد وقفتها وموقفها وخطابها القصدي الدقيق،امتد أثرها الإعلامي إلی الآن،وخاب سعي من حاربها وحارب أهل بيتها،وسيظل رأيها واستشرافها  حاضرا ماثلا إلی ما شاء الله تعالی. إن السيدة زينب  امتلكت القدرة واصطنعت لنفسها التمكين حتی في أقسی الظروف وأشدها،فاستطاعت أن تستثمر الرصيد الإسلامي والمخزون الإيماني الذي تمتلكه،لتغيير المعادلة،وقلب الصورة التي أرادها لها العدو،فحولت الموقف الی انتصارات إعلامية متلاحقة،وأثبتت للدنيا أن للمرأة كيانيةً مستقلةً،وقدرةً وقابليةً علی المواجهة وإبداء الرأي،وتبيان الحجج،وهذا بخلاف ما هو سائد،أو يراد له أن يسود عن طبيعة المرأة المسلمة،فالسيدة زينب قدوةٌ وصورةٌ فعليةٌ واقعية عن تمكين المرأة المسلمة، فالمرأة بعد زينب ليست كالمرأة من قبلها!! فهي جبل الصبر وهي العالمة غير المعلَّمة وهي سرُّ أبيها وهي شريكة الحسين،وهي نائبة الزهراء  وهي عابدة آل علي،وهي العقيلة،ومن بعد إذن رسول الله (صلی الله عليه وآله) نطلق عليها  ألقابا وكنی جديدة تليق بموقفها،وبما قدمته للمرأة المسلمة مثل( المُنتصِرة،المَنارة،سيدةُ عاشوراء،سيدة الأربعينية،المخدوم زوارها،المكفول زوارها، المحميُّ ضريحها، أمُّ المَشَّائين إلی كربلاء).  ⭕ التمكين الإداري: ويُقصد به تحقيق النجاح في إدارة الأمور،والقدرة علی نظمها وتوجيهها بما يخدم الجميع،وقد اختصت السيدة  زينب بهذا التمكين المتفرد،متفرد لأنها كانت طفلة صغيرة،تتمكن من إدراة شؤون المنزل وتشع عطفا ومحبةً وأمومةً علی أخويها وأبيها الإمام علي،ولايخفی أن القدرة علی الإدارة بالنسبة للنساء في هذه الأسرة النبوية كان منهجا وسلوكا معروفا ظاهرا،فالسيدة خديجة  لعبت دورا رئيسا في إدارة شأن التأسيس الإسلامي بالاشتراك مع رسول الله الأعظم وعلي بن أبي طالب(صلوات الله عليهم) وكذلك السيدة فاطمة الزهراء أدرات دفة الحياة بعد أمها،وخففت عن والدها شدة الحزن والألم،ودفعت ودافعت عنه أمام قريش وإساءتهم إليه، إلا أن دور السيدة زينب كان متفردا وذلك لأنها شهدت حدثي رحيل وفراق أمامها،و من قبل ذلك عاشت عذابات والدتها وهي تری إنقلاب القوم والتفريط بالوصية،وهذه الأمور الجسيمة وعلی الرغم من فداحتها كانت عوامل نجاح السيدة زينب وتمكينها إداريا؛لذا وبمجرد رحيل السيدة الزهراء (عليها السلام) أصبحت العقيلة زينب هي سيدة المنزل ولم ينافسها أحد في ذلك، وحتی بعد زواجها  لم تبتعد عن بيت الإمام وإدارة الشؤون الخاصة والعامة،وقد احتفی الإمام علي بهذه المكانة،بل هو من أسس لها،وهو من أراد لها أن تكون علی هذا النحو. وقد بيّنا أن الإمام علي اصطحبها في  رحلته إلی الكوفة حين أصبحت مركز الحكم وعاصمة الدولة،وكان لايستطيع مفارقة السيدة زينب ويأنس برأيها ويلقبها بـ(سر أبيها) وحتی حين حان موعد الالتحاق بالرفيق الأعلی،وحان موعد الشهادة كان في ضيافة ابنته زينب،إذا كان يفطر في كل  ليلة عند  واحد من أولاده،إذن فالسيدة زينب راعية المنزل القريبة من والدها وإخوتها،المنظمة للشؤون في كل الظروف وأقساها(٩). وأبرز أدوار التمكين الإداري للسيدة زينب كان في رفقتها لأخيها الإمام الحسين وأهل بيته،فهي المديرة المنظمة لشأن الأسرة،وهي الشريكة الفعلية للإمام في نهضته الإصلاحية،فلم يكن دورها ضمن حدود إسناد فرد من أسرتها،بل كان دورها في قيام النهضة الحسينية ضد السلطة الأموية الناقضة للعهود والوعود،الغادرة المتحكمة بحياةالناس وأرواحهم وأموالهم،إن قدرة السيدة زينب علی رعاية العيال والحفاظ عليهم وحمايتهم وقوتها وصلابتها،رغم أنها امرأة تشاهد فقد إخوتها وأبناءها أمام عينيها،يمثل قمة التمكين الإداري الناجح،وهذا التمكين وفي هذه المرحلة قد أسس له وثبته الإمام الحسين حين اصطحبها وحين أوصاها بالعيال،وكذلك دعمه وثبته الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي جعل لها  الدور المحوري في المحافظة علی الركب العلوي والمحافظة علی الأطفال،ولاسيما وقد كان(ع)مريضا عليلا!!  فإشاعة روح التسليم والإيمان المطلق بين أفراد أسرتها من أهم عوامل نجاحها  فكانت تقول: "اللهم تقبل منّا هذا القليل من القربان"(١٠) وكانت تقول لابن زياد: مارأيتُ إلا جميلا!! وكانت تتنازل عن حصتها من الطعام أثناء الطريق إلی الأطفال والنساء وتطوي  يومها وليليتها جائعة!! وكذلك استطاعت  أن تحمي ابنة الحسين(فاطمة) حين طلب رجل من الشام أن توهب له كجارية،فسارعت إلی عمتها تلوذ بها،فهدأت من روعها ثم قالت: ـ كذبت ولؤمت ما ذلك لك ولا لأميرك!! فرد عليها يزيد قائلا:كذبت ولله ، إن ذلك لي ، ولو شئت أن أفعله لفعلت . فأجابته السيدة العقيلة:كلا والله ما جعل الله لك ذلك الا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا!! (١١) بهذا الذكاء وسرعة المعالجة والثبات استطاعت السيدة زينب أن تدير أزمة حادة،ومواجهة خطيرة مع رأس السلطة الأموية،لتتمكن من حماية أهل بيتها وتفضح يزيد أمام الحاضرين في مجلسه،وأمام التأريخ الممتد إلی الآن،فالسيدة زينب شكلت أبهی صور التمكين الإداري الناجح،وستبقی تجربتها مدرسةً لكل من ينادي بتمكين المرأة ودعمها.  ⭕كلمةٌ لابد منها: نحن نعيش هذه الأيام المباركة لذكری ولادة السيدة زينب،ونعيش أيضا  ما يُعرف بحملةالـ( ١٦ يوم) لمناهضة العنف ضد المرأة،وقد ضجت المنصات البحثية الإلكترونية والحضورية بمؤتمرات وبحوث وورش عمل حول هذا الموضوع،وقد اطلعنا علی عدد كبير من المقالات،ومثله من المنشورات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية،وبالمجمل تنادي هذه الطروحات بتخليص المرأة من العنف والتهميش،وبمجملها تنادي بتمكين المرأة،وبمجملها تعتمد علی مادة بحثية مستوردة ومقولات مستوردة  جاهزة،وعلی نماذج مستوردة غربية!! ولا تخلو هذه الطروحات من تعريض بالإسلام ومحاكمته من دون التفريق بين النظرية والتطبيق،من دون الالتفات الی  المدارس النسوية التي منحها الإسلام التمكين والقدرة والرفعة،وعليه لايمكن انتشال المرأة من واقعها من دون أن تمتلك هي وبذاتها وعيا وإدراكا عميقا يحقق لها حرية الفكر واستقلاليته،ويخلق لديها اعتزازا بهويتها وانسجاما مع بيئتها ومجتمتها،وكل المحاولات من هذا القبيل تكون هجينة ناقصة ولايمكنها إحداث أي تغيير منشود؛بل علی العكس ستستهم في خلق جيل نسوي مغمور الهوية،فاقد الانتماء،متغرّب،يعاني من عقد وأمراض اجتماعية ونفسية وعلی رأسها الدونية؛لذا يجب علی المرأة أن تكون هي بذاتها،لا أن تكون نسخةً مشوهة كقصيدة مُترجمةٍ،أخلت الترجمةُ في إيقاعها وحرّفت معناها!! لنتعلم من السيدة خديجة والسيدة فاطمة الزهراء والسيدة زينب معنی التمكين والتحرر والعمل والرفعة.  ــــــــــــــــــــــ الهوامش:  ــــــــــــــــــــــ  ١- ينظر: ابن منظور،لسان العرب،مادة مكن،وأحمد مختار عمر،معجم اللغة العربية المعاصرة:مادة مكن.  ٢-.ينظر : https://web.archive.org/web/20150706180440/http://www.ccpa-accp.ca/encouraging-and-empowering-girls/ ٣- ينظر: باقر شريف القرشي، السيدة زينب،رائدة الجهاد في الإسلام: ٣٩ والقزويني،محمد كاظم،زينب الكبری من المهد إلی اللحد:     :٣٧- ٣٨ ٤- ينظر:الشيخ جعفر النقدي، زينب الكبری، :١٨ ٥- يُنظر:المصدر نفسه:٣٤ ٦- ينظر:القزويني،محمد كاظم، زينب الكبری من المهد إلی اللحد:٥٢ ٧-   يُنظر:  الشيخ المجلسي بحار الأنوار:٤١/ ٣٠٠ ،وابن عساكر،أعلام النساء:١٨٩ ٨- ابن طاووس،اللهوف في قتلی الطفوف:٢١٧- ٢١٨ ٩-  ينظر:الشيخ جعفر النقدي، زينب الكبری:٣٦، ٤٨ ١٠- المصدر نفسه:٧٥ ١١- ينظر:باقر شريف القرشي،حياة الإمام الحسين:٣/ ٣٨١
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك