دراسات

عناصر قوة الشيعة التي يراد ضربها/13/جماعات المقاومة الإسلامية الشيعية

2440 2021-11-11

  د. علي المؤمن ||   * الجماعات الأولى:    ظهرت الفصائل الإسلامية الشيعية الثورية المسلحة في التاريخ الحديث والمعاصر، بالتزامن مع موجات الإحتلال الغربي للبلدان الإسلامية، والحركات التحررية المضادة له، وكانت بداياتها في الهند خلال القرن التاسع عشر الميلادي ضد الاحتلال البريطاني، ثم في ايران ضد النفوذ البريطاني والروسي وضد الاستبداد الشاهنشاهي في مطلع القرن العشرين الميلادي، وكان الفصيلان الأبرز "نهضة الغابات" بقيادة الشيخ ميرزا كوجك خان في شمال ايران، وحركة رئيس علي دلواري في جنوب إيران، فضلاً عن الجماعات المسلحة التي ظهرت خلال ثورة المشروطة ومابعدها.    وفي الفترة ذاتها كانت هناك حركات مسلحة تستهدف الاحتلال التركي العثماني في العراق، ثم الاحتلال البريطاني، وأهمها الفصيل الذي قاده السيد محمد سعيد الحبوبي في العام 1914، وأعقبه تأسيس حزب النجف السري والجمعية الإسلامية في كربلاء وحركة النهضة الإسلامية في النجف، التي مهدت لثورة النجف ثم ثورة العشرين الجماهيرية المسلحة. وكانت عشائر العراق الشيعية ـــ هي الأخرى ــ عبارة عن فصائل مسلحة تأتمر بفتاوى المرجعية الدينية وتوجيهاتها في التحرك الثوري المسلح ضد الإحتلال التركي ثم البريطاني.    كما ظهرت في العقود الثلاثة الأولى من القرن الماضي فصائل شيعية مسلحة ضد الاحتلال الروسي ثم السوفيتي في آذربيجان وبعض مناطق القوقاز. وكذلك ضد الاحتلال الفرنسي في لبنان وسوريا في اربعينات القرن العشرين.    وشهد عقد الخمسينات والستينات من القرن العشرين ظهور عدد من الجماعات الشيعية المسلحة في كشمير ضد الاحتلال الهندي، وكذا في ايران ضد الاستبداد الشاهنشاهي، وكان أهمها "منظمة فدائيان إسلام" والجناح العسكري في"حزب ملل إسلامي" و"منظمة مجاهدين خلق" (قبل انحرافها عقدياً، إذ بدأت منظمة إسلامية جهادية) بقيادة محمد حنيف نجاد. وأعقبها ظهور "أفواح المقاومة اللبنانية" (أمل) في العام 1975. وكان خلالها حزب الدعوة الإسلامية يعمل على إنشاء وتنمية أجنحته العسكرية في لبنان والعراق. ثم ظهرت مجموعات مسلحة كثيرة في إيران بالتزامن مع اندلاع الثورة الإسلامية، كان أهمها المجموعات السبع التي توحدت فيما بعد تحت اسم "منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية". * مرحلة ما بعد العام 1979:    شهدت مرحلة مابعد العام 1979 منعطفاً تاريخياً في مسار العمل الإسلامي الشيعي المسلح، بالتزامن مع سبعة أحداث كبيرة، هي:    1-تأسيس الجمهورية الإسلامية في ايران وإجراءات حمايتها    2- القمع الشديد الذي تصاعد ضد الحالة الدينية في العراق من قبل النظام البعثي    3- الاجتياح العسكري السوفيتي لأفغانستان،    4- الحرب العراقية الإيرانية    5- الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وصولاً الى اجتياحه    6- نشاط الجماعات الوهابية التكفيرية ضد شيعة باكستان والهند.    7- الحراك الجماهيري والمسلح الجديد ضد الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين.    هذه الإنعطافات السبع عجّلت في ظهور المزيد من الفصائل المسلحة التي تهدف الى الدفاع عن بلدان الحضور الشيعي وحماية شيعة هذه البلدان من حملات القمع والاجتثاث. وكان أبرز هذه الفصائل التي ظهرت في هذه الفترة: "حرس الثورة الإسلامية" في إيران في العام 1979، وعدد من الفصائل العراقية في العام نفسه، أهمها: "قوات الشهيد الصدر" التابعة لحزب الدعوة والجناح العسكري لمنظمة العمل الإسلامي و"حركة المجاهدين العراقيين"، ثم "قوات بدر" في العام 1985.    كما تأسس عدد من المنظمات المسلحة في أفغانستان في العام 1980، أبرزها: "منظمة نصر" و"حراس الجهاد الإسلامي" والجناحان العسكريان للحركة الإسلامية (آصف محسني) وحزب الدعوة، ثم توحدت جميعها في الجناح العسكري لحزب الوحدة الإسلامية في العام 1989.    وكذلك لعبت "قوات الإمام علي" في باكستان في ثمانينات القرن الميلادي الماضي دوراً في حماية الشيعة من الهجمات الإرهابية المتكررة للجماعات الوهابية المسلحة.    وفي لبنان تأسست "قوات الصف" التابعة لحزب الدعوة في لبنان في العام 1976 والجناح العسكري لحزب الله في لبنان في العام 1982، وقد حلَت "قوات الصف" نفسها بعد حل تنظيم حزب الدعوة اللبناني نفسه، واندمجت في الجناح العسكري لحزب الله، وبات هذا الجناح مع الجناح العسكري لحركة أمل القوتان العسكريتان الايديولوجيتان الشيعيتان الوحيدتان في لبنان.    كما ظهرت في فلسطين "حركة الجهاد الإسلامي"، وهي تنظيم ايديولوجي مسلح يضم خليطاً مذهبياً سنياً شيعياً، وقد أسسها الدكتور فتحي الشقاقي في العام 1981.    وفي آذربيجان أيضاً ظهرت فصائل شيعية مسلحة حاربت الى جانب الجيش الآذربيجاني في العام 1992 لانتزاع المناطق الآذربيجانية المحتلة من أرمينيا، أبرزها الجناح العسكري للحزب الإسلامي. * مرحلة صعود جماعات المقاومة الشيعية:    شهدت الموجة الثالثة التي تزامنت مع الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط النظام البعثي في العام 2003، وتصاعد حدة استهداف الشيعة في العراق من الجماعات الوهابية التكفيرية، وخاصة تنظيم القاعدة وتنظيم د۱عش، ثم الحرب الداخلية والإقليمية ضد النظام السوري؛ ظهور عدد كبير من الفصائل الشيعية المسلحة، أهمها في العراق: "جيش المهدي" و"سرايا السلام" التابعين للتيار الصدري و"عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" و"حركة النجباء" و"سرايا عاشوراء" و"كتائب جند الإمام" و"فرقة العباس" و"فرقة الإمام علي"، والتي توحّد أغلبها في هيئة الحشد الشعبي، وهي هيئة حكومية رسمية، لعبت دوراً رئيساً في مواجهة تنظيم داعش الوهابي، وتحرير الأراضي العراقية التي احتلها بعد العام 2013.    أما في اليمن، فقد نهض الشيعة الزيدية والإثنا عشرية منذ العام 2004 بعمل جماهيري مسلح كبير، دفاعاً عن وجودهم واسترجاعاً لحقوقهم، وقد حمل هذه العمل اسم "حركة الشباب المؤمن" ثم "حركة أنصار الله" فيما بعد، وتمکن جیش الحركة بعد العام 2014 من القيام بثورة أطاحت بالنظام والسيطرة على العاصمة وإقامة نظام تشاركي جديد.    وفي سوريا؛ تأسست ـــ خلال الحرب الداخلية والإقليمية ضد نظامها في العام 2011 ـــ "قوات الدفاع الوطني" السورية، وهي قوات رسمية وطنية مكونة من الشيعة السوريين غالباً. وقاتلت الى جانبها قوات "زينبيون" الباكستانية وقوات "فاطميون" الأفغانستانية، فضلاً عن بعض الفصائل العراقية واللبنانية، وقد حققت - الى جانب بعضها- انجازات عسكرية كبيرة على الأرض ضد الجماعات الطائفية والتكفيرية، وكانت أحد أهم الأسباب التي حالت دون سقوط سقوط بيدها.    كما ظهرت في فلسطين "حركة الصابرين" بوصفها فصيلاً شيعياً ايديولوجياً مقاوماً في العام 2014 بعد انشقاقها من حركة الجهاد الإسلامي، وبات لها وجود ثقافي وعسكري ملحوظ. * الحصيلة النوعية والكمية لجماعات المقاومة:     ويمكن القول؛ أن أهم خمس قوات مسلحة منتمية الى الواقع الإسلامي الشيعي في الحال الحاضر، هي:    1- "قوات حرس الثورة الإسلامية" في ايران، وهي قوات مسلحة حكومية رسمية، يصل عديدها الى حوالي(550) ألف عسكري، إضافة الى قوات المتطوعين (البسيج) البالغ عددهم (15) مليون شخص. وتشكل "قوات القدس" المعنية بالشأن الخارجي جزءاً أساسياً من تشكيلات قوات حرس الثورة.    2- قوات "الحشد الشعبي" في العراق، وهو جزء رسمي من القوات المسلحة العراقية، ويبلغ عديدها الرسمي حوالي (130) ألف عسكري، إضافة الى قوات الاحتياط والمتطوعين الذين يقارب عددهم (500) ألف شخص.ورغم وجود فصائل سنية ومسيحية عاملة في إطار الحشد الشعبي؛ إلا أن البنية العقدية للحشد وكتلته البشرية الأساسية تنتميان الى الاجتماع الديني الشيعي.    3- "قوات الدفاع الوطني" في سوريا، وتتكون من متطوعين شيعة سوريين، يقارب عددهم (25) ألف عسكري، وتعمل بشكل رسمي الى جانب القوات المسلحة الحكومية،    4- الجناح العسكري لحزب الله في لبنان، وهو حزب مشارك في الحكومة، ويبلغ عدد قواته حوالي (30) ألف مسلح، إضافة الى (50) ألف احتياط.    5- الجناح العسكري لحزب الوحدة في افغانستان، وهو حزب مشارك في الحكومة، ويبلغ عدد قواته الرسمية والاحتياط حوالي (50) ألف مسلح.    6- القوات المسلحة لأنصار الله في اليمن، وهي خليط مذهبي شيعي (زيدي ــ اثنا عشري)، يقدر عدده (400) ألف مسلح.    وتحظى أغلب الفصائل التي ظهرت خلال الموجتين الثانية والثالثة، بدعم "قوات القدس" التي كان يقودها الجنرال الإيراني ق۱سم سليم۱ني، قبل اغتياله على يد القوات الأمريكية في مطلع العام 2020، وهي قوات تابعة لحرس الثورة الإسلامية في إيران. * رهانات نزع سلاح المقاومة الشيعية وتفكيكها:     من خلال دراسة دوافع تأسيس الفصائل المسلحة الإسلامية الشيعية، ومسارات حراكها وأدائها؛ يظهر بوضوح أنها حركات دفاعية تقاوم محتلاً خارجياً أو مستبداً قمعياً داخلياً، وليست جماعات طائفية مهاجمة، تحمل السلاح لتصفية حسابات داخلية أو لحسم خصومات سياسية، وأنها مصاديق ثقافة المقاومة وسلاح الدفاع عن النفس، وهي ثقافة قديمة جديدة، ظل الشيعة يتمسكون حفاظاً على وجودهم وكيانياتهم.    وبما أن سلاح هذه الفصائل يلعب دوراً أساسياً في حماية بلدان الحضور الشيعي والمجتمعات الشيعية، من التهديدات المتواصلة للخصوم، سواء كانوا دول احتلال أو أنظمة قمعية أو جماعات سياسية طائفية، ويحافظ على منجزات الشيعة السياسية التاريخية التي حققوها خلال العقود الأربعة الأخيرة؛ فإن الدعوات من هؤلاء الخصوم ظلت تتصاعد باطراد، لضرب هذه الفصائل وحلها ونزع سلاحها، تحت مختلف الذرائع، وفي مقدمتها الإرهاب، من أجل القضاء على أحد أهم عناصر قوة الردع والدفاع عن النظام الاجتماعي الديني الشيعي وحماية قواعده البشرية، وإعادة الشيعة الى عصور الاجتثاث والقمع والتشريد والمقابر الجماعية. والحال أن هذه الفصائل وحواضنها الاجتماعية هي خط المواجهة الأول ضد مصادر الإرهاب، سواء المتمثل بإرهاب الاحتلال والاستكبار أو إرهاب الدولة أو إرهاب الجماعات العنصرية والتكفيرية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك