دراسات

جدل الإنتماء والولاء في الميدان الإجتماعي السياسي/ 1

2999 2021-06-15

 

حسن المياح ||

 

هذه مقدمة تمهيدية من أصل دراسة سياسية إجتماعية عامة شاملة  --  على شكل حلقات  --، لما يجري من صراع في ساحة الميدان السياسي في واقع المجتمع العراقي. وفيها سنتناول المعترك الآيدلوجي والصراع العقيدي بين الأحزاب والتشكيلات السياسية، والغاية التي تكونت من أجلها هذه الأحزاب، وتنافسها المحموم من أجل التصدي وتحمل مسؤولية قيادة الحياة والمجتمع والإنسان، ومعرفة درجة صدقها ونواياها، وما تصبو اليه، وتتأمل تحقيقه من خلال ممارسة السلطة وقيادة الامة وتدبير أمور وشؤون الشعب العراقي في وطننا الحبيب العراق العظيم الشامخ عزآ وكرامة، والغني بالخيرات والثروات التي وهبها الله تعالى للإنسان العراقي. وهل أن كل ما يقوم به الحزب أو التشكيل السياسي أو الفرد المنتمي في الحزب، هو عمل سياسي حقيقي، أو هناك غاية أخرى في نفسه يقضيها.

    الجدل -- في الفكر الماركسي --  يعني الصراع بين متضادين، من أجل محو الآخر، والتسلط في محله.

والجدل -- في الفكر الإسلامي -- هو تهذيب التنافس على أساس التوازن وتقويمه، وتقديم الأهم على المهم.

والإنتماء هو الإيمان بالعقيدة، والإمتثال التام لتطبيق أحكامها وتشريعاتها، والإلتزام بكل مقرراتها ومفاهيمها، وما ينبثق عنها من نظام إجتماعي سياسي، وما فيها من قيم خلقية، والسير على هدى وإستقامة خطها الرسالي.

والولاء هو التطبيق العملي لغريزة حب الذات المتأصلة في الإنسان.

والولاء يأتي بعد الإنتماء، ولا يتقدمه.

نريد في هذا المقال أن نبحث تصرف الإنسان الذي يتصدى للمسؤولية ( المسؤول السياسي والحكومي )، والأساس الذي يبني عليه تصرفه العملي والخلقي في قيادة الأمة ( المجتمع )، ومدى توفيقه بين العقيدة التي يحملها ويؤمن بها، وبين التطبيق العملي لرسالته في قيادة البلاد والعباد.

هذه الدراسة ستوضح الخطوط العريضة لسياسة كل حزب، أو تجمع، أو تيار سياسي في قيادة الأمة في واقعها الحياتي، وستزيل كل اللبس والتضليل والإنتقاد اللاموضوعي، الذي من خلاله يتهجم على الطرف الآخر المقابل من دون وعي وفهم، ولكن لمجرد التحامل والتسقيط والمحاربة من أجل طرده من ساحة العمل السياسي، والغاءه من الوجود الفعلي في العملية السياسية.

فكل حزب، أو تيار سياسي له عقيدة يقوم على أساسها، والتي يؤمن بها كل أفراد ذلك الحزب، وعلى أساسها ينطلق عملهم الفكري والثقافي والسلوكي في الميدان السياسي الإجتماعي، ويخوضون الصراع تلو الصراع مع الأحزاب الآخرى في الإنتخابات للفوز بمقاعد أكثر، وعقد تحالفات مع أحزاب وتشكيلات سياسية أخرى، من أجل تكوين الكتلة الأكبر في البرلمان، والتي يحق لها تشكيل الحكومة على أساس تفوقها في عدد المقاعد. وتبقى الأحزاب والتشكيلات السياسية الاخرى معارضة في البرلمان لمراقبة الحكومة ونقدها وتقويم الإنحرافات، من أجل إستقامة مسيرة قيادة البلاد وإسعاد العباد في حياتهم وواقعهم الإجتماعي.

بطبيعة الحال، إذا كان حزب أو تشكيل واحد يفوز بتشكيل الحكومة، فإن برنامجه سيكون أكثر وضوحآ، وستعرف عقيدته التي يؤمن بها، وعلى أساسها يعمل، وهذا ما يسمى بالحزب الحاكم، لأنه هو وحده الذي يدير دفة قيادة الأمور، ولذلك هو يتحمل كامل المسؤولية في حالة الإنحراف والفشل وكل التبعات، وسينال الشكر والتقدير والإحترام وثقة الشعب إذا كانت مسيرة قيادته صالحة، ومحققة النفع للشعب مع الحفاظ على سيادة وثروات البلد، وحفظ الكرامات والتمتع بالحرية الإنسانية الحقيقة، وقيادة السفينة الى شاطيء الأمن والأمان، وتحقيق السعادة لأفراد المجتمع كافة.

لكن فوز حزب أو تشكيل سياسي واحد في واقعنا الإجتماعي، وتفرده في الحكم، وعلى أساس النهج الديمقراطي والإنتخابات الحرة النزيهة صعب جدآ، وبعيد المنال. 

ولكن إذا تشكلت الكتلة الأكبر، وهي مزيج وخليط من عدة تشكيلات وأحزاب سياسية فائزة في الإنتخابات، لا أظن أن التوافق على برنامج عام شامل، تؤمن به هذه الكتل المتجمعة بدرجة واحدة، أو متساوية، سيكون سهلآ ميسورآ ؛ ولكن سيكون هناك رضآ الى حد ما، وبرؤى متقاربة على برنامج سياسي يكون منهاج عمل لهم في قيادة الأمور وتنفيذ المسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع.

وهذه النقطة هي التي تشكل العقدة، ومفرق طريق، وتكون هي الشماعة التي يعلق عليها -- كل حزب وتشكيل سياسي في الكتلة الكبيرة المشكلة للحكومة -- إتهامه للآخر والتلكوء الحاصل. وهذه النقطة هي كذلك تشكل حالة ضعف للكتلة الحاكمة، والتي من خلالها تتعرض الحكومة للنقد والإنتقاد وكيل التهم والإخفاقات، وما يحدث من إنحرافات وفساد وفشل وتعطيل خدمات، وما الى ذلك من أمور أخرى في ميدان العمل السياسي، وفي واقع حياة الشعب العراقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك