دراسات

القرضاوي من التفكير الى التكفير / 1

2649 2021-05-22

 

د. علي المؤمن ||

 

    لا أنكر أني كنت معجباً بالفقيه الحركي السني الشيخ يوسف القرضاوي، وأني قرات كثيراً من كتبه ودراساته خلال فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، بل شكَلت كتاباته جزءاً من ثقافتي الإسلامية العامة في تلك المرحلة، في إطار  انفتاح الاسلاميين الحركيين الشيعة ( تحديداً مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر ومدرسة الإمام الخميني) على كتابات المفكرين والكتَاب الإسلاميين الحركيين السنة، وخاصة المصريين منهم، كالشيخ حسن البنا وسيد قطب وعبد القادر عودة والشيخ محمد الغزالي والشيخ سيد سابق والشيخ يوسف القرضاوي وزغلول النجار وغيرهم. وأتذكر مما قرأت للشيخ القرضاوي بشغف وتأمل: "ملامح المجتمع المسلم"، "الإجتهاد في الشريعة الإسلامية"، "ثقافة الداعية"، "فقه الدولة الاسلامية"، "الإسلام والعلمانية"، "فقه الأولويات"، "الصحوة الاسلامية"، وغيرها من الكتب والدراسات التي لا أزال أحفظ كثيراً من مضامينها، فضلا عن استفادتي منها في دراساتي ورسائلي الجامعية.

   وتطور إعجابي بالقرضاوي، بعد أن بدأت بمراسلته خلال العام 1998 حين بدأنا بتأسيس "المركز الاسلامي للدراسات المستقبلية"، بدعم السيد محمد حسين فضل الله والشيخ مهدي العطار والشيخ محمد علي التسخيري، وعرضت على الشيخ القرضاوي فكرة المركز ومنهجيتنا في الدراسات المستقبلية الإسلامية، وطلبت رأيه ومشورته، كما طلبت أن يكون عضواً في الهيئة الاستشارية العلمية للمركز الى جانب ستة عشر عالماً ومفكراً من تسعة بلدان عربية واسلامية. فأولى الشيخ القرضاوي الموضوع اهتماماً مناسباً، وأرسل مستشاره (وهو أستاذ مصري في جامعة قطر)؛ ليطلع على أفكار المركز وتوجهاته عن قرب. وحينما عاد المستشار الى قطر؛ أبلغني بموافقة الشيخ القرضاوي؛ فكانت فرحتي كبيرة؛ لأن وجود اسم الشيخ القرضاوي معنا هو مكسب علمي ومعنوي للمشروع. ومن يطلع على مجلة (( المستقبلية)) العلمية المحكمة، التي أصدرنا عددها الأول في العام 1999؛ سيجد اسم الشيخ القرضاوي مثبتاً ضمن الهيئة العلمية للمركز.  

   ولكن؛ بعد سقوط نظام البعث الطائفي في العراق في العام 2003، ثم مؤشرات الصعود الشيعي في المنطقة؛ حدثت انعطافة نوعية في منهجية تفكير العلامة القرضاوي وخطابه وسلوكه، فتحول خلال سنوات معدوادات من مفكر إسلامي حركي مجدد ومصلح ديني متميز، الى عنصر محوري في الفتنة الطائفية والتمييز المذهبي. وحين نقول أن القرضاوي علاّمة؛ فهو بالفعل كذلك؛ وفقا للمصطلح السائد في أوساط العلم الشرعي، بل أنه مفكر وفقيه ورمز سني متفرد. وهنا تكمن المشكلة. فأن يقوم رجل بهذا المستوى بدور فتنوي طائفي، يؤدي الى تمزيق الأمة وتقطيع أوصالها، وصب الزيت على رماد النفور وحالة عدم الثقة بين المسلمين، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض واستباحة الذمم، والدعوة الى الكراهية والتمييز الطائفي؛ لهو أمر يدعو الى الدراسة والتأمل والتحقيق؛ للوقوف على خلفيات هذا التحول وحيثياته وتبعاته؛ للحد من خطورتها وتحجيم آثارها.

   المفارقة؛ أن باحثاً مصرياً صديقاً كان يؤكد خلال حديثنا عن تحول القرضاوي من التفكير الى التكفير، قائلا: ((القرضاوي لم يتغير، بل أنتم لم تكونوا تعرفوه من قبل)).

   تتمة الموضوع في الحلقة القادمة: ((القرضاوي من مصلح إسلامي الى محرض على القتل)).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك