دراسات

الشيعة..إشكالية معرفية لدى النخب السنية

2181 2021-05-11

 

د. علي المؤمن ||

 

   لايزال أغلبنا؛ لايعد فكر الشخصيات الإسلامية السنية الحركية فكراً سنياً مذهبياً أو طائفياً، بل فكراً إسلامياً عاماً وثقافة إسلامية مشتركة. ولكن؛ في المقابل لم يكن العكس صحيحاً إلّا بالنادر. ولطالما عتبنا على الإسلاميين السنة أنهم لايقرأون للمفكرين الإسلاميين الشيعة. وهذا كان ديدني مع أغلب من عرفتهم عن قرب من المفكرين والأكاديميين الاسلاميين السنة في كثير من البلدان العربية والاسلامية، ولاسيما البلدان التي أقمت فيها، كالأردن وسوريا ولبنان والسودان والجزائر وتركيا، وخاصة من تشكلت لدي صداقات قريبة معهم.

    أتذكر مرة أني كنت في زيارة الى بيت الدكتور عبد الرحيم علي في الخرطوم في العام 1996، وكان يعد حينها القيادي الظل في الحركة الاسلامية السودانية بعد الدكتور حسن الترابي، وكعادتي اتجهت الى مكتبته أطالع عناوين الكتب؛ فلفت نظري أن مكتبته التي تحتوي على أكثر من خمسة آلاف عنوان كتاب؛ ليس فيها مؤلفات لمفكرين وعلماء دين شيعة، عدا عن خمسة كتب فقط حسبما أتذكر، أحدها للسيد محمد باقر الصدر واثنين للشيخ مرتضى المطهري والرابع للامام الخميني وآخرها للدكتور علي شريعتي. فسألته عن سبب عدم وجود كتب اسلامية شيعية في مكتبته؛ فقال: يا أخي الشيعة لايرسلون لنا كتبهم. قلت له: وهل هذه الآلاف من الكتب لديك هي إهداءات وكتب مرسلة من مؤلفيها !؟.     

   وبقيت أركز على هذا الموضوع، في  مختلف المناسبات، وأمام رموز اسلامية سنية كبيرة، وأبدي استغرابي أن لاتحتوي المكتبات الخاصة للمفكرين والمثقفين الإسلاميين السنة على كتب نظرائهم الشيعة، وأن لاتتعرف النخب السنية على فكر التشيع من مصادره وليس من مصادر خصومه، ومن ذلك؛ حديثي في الندوة الخاصة التي عقدت في القاهرة في العام 2000 بحضور ست عشرة شخصية فقط من علماء ومثقفي الشيعة والسنة، بينهم شيخ الأزهر المرحوم الدكتور الطنطاوي ومفتي مصر الدكتور فريد نصر واصل ووزير الأوقاف المصري وأمين المجلس الإسلامي الأعلى المصري الدكتور حمدي زقزوق وغيرهم. في تلك الندوة تحدثت عن ضرورة أن تطَلع النخب السنية على المذهب الشيعي وعقائده و فقهه وفكره من كتبه التي يجمع عليها رجال المذهب، وكذا التعرف على نتاجات الفقهاء والمفكرين والباحثين الشيعة، لأنه المدخل العلمي للتعارف الحقيقي، الذي يحول دون الجهل بحقائق الآخر وما يتبعه من ممارسات التجهيل لعامة الناس، وبالتالي؛ الإصرار على بقاء قواعد الفرز الطائفي والفتنة المذهبية. 

   والحقيقة ان هذا الموضوع كان ولايزال مؤلماً ومؤرقاً؛ ولعله، الى أحد أهم أسباب حالة عدم الوعي المتعمد وغير المتعمد لدى مفكري السنة وعلمائهم ومثقفيهم وكتّابهم؛ بعقائد الشيعة وفقههم وفكرهم واتجاهاتهم الحركية؛ الأمر الذي يؤدي قسراً الى تفسيرات طائفية لدى هؤلاء في كل تحرك أو حدث يكون طرفه شيعي.

   والمشكلة أن ممارسات التجهيل لعامة الناس يقوم بها من يعدون من أهل العلم والفكر والثقافة الحركية؛ وإلَا كيف نفسر إصرار كثير ممن يعد نفسه من أهل العلم بأن الشيعة مجوساً، وأنهم مذهب يهودي وطائفة ماسونية، وغيرها من التخاريف المضحكة ؟! بل ويبذلون جهوداً خاسرة مضنية لإثبات ذلك من كتب المشايخ السلف من أعداء الشيعة. وبالتالي؛ يحكمون على الشيعة بالكفر والشرك والزندقة عقائدياً، والخيانة والعمالة سياسياً؛ وبأنهم مهدوروا الدم عملياً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك