دراسات

الحسين (ع) في الاندلس..!


 

سامي جواد كاظم||

 

يتربع الإمام الحسين (ع) على قلب كل مسلم، بل وكل حر من أحرار البشرية ناهيك عن جنسه ومعتقده، ولذلك كثرت الرايات التي ترفع الإمام الحسين (ع) شعارا في حركتها التحررية أو الثورية أو التصحيحية، سلمية كانت أو مسلحة، بغض النظر عن النوايا والأهداف المضمرة، ولم تكن الأندلس ببعيدة عن هذه الرايات، ولذلك فان الدكتور كاظم شمهود طاهر يؤيد رأي المحقق الكرباسي أن الإسلام دخل الأندلس ودخل معه التشيع والولاء لأهل البيت (ع) من طرق عدة، أهمها عبر الجيش الإسلامي الفاتح، الذي كان فيه: "عدد كبير من العوائل العربية التي تدين بنصرة أهل البيت، وكان معظمها من العراق واليمن"، منهم القائد حسين بن عبد الله بن حنظلة الصنعاني المشهور بحنش الصنعاني (ت 100 هـ)، والقائد عبد الله بن سعد بن عمار بن ياسر (ت 143 هـ)، والقائد الحسين بن يحيى الخزرجي (كان حيا عام 165 هـ)، فضلا عن أن موسى بن نصير كان من الموالين لأهل البيت (ع)، وكان هذا الولاء أحد أسباب خلعه في العام 96 هـ من قبل سليمان بن عبد الملك الأموي (ت 99 هـ)، ثم اعتقاله والتنكيل به وتعذيبه وتجريده من كل ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة.

ويرى المعد أن قبائل البربر في شمال أفريقيا والأندلس كانت محلا خصبا للتشيع، بخاصة وان بعض القبائل العربية وبخاصة السلطات الأموية مارست معها العصبية القبلية والقومية مما دفعها الى المعارضة والثورة على الواقع السيئ، ولذلك: "تردد لأول مرة صدى التشيع في الأندلس بين صفوف البربر، وكانت المناطق البربرية ميدانا لجميع الثورات الشيعية في الأندلس، يمدها ذلك الطوفان الهائل للتشيع الذي شمل جميع شمال أفريقيا خاصة بعد تأسيس أول دول علوية في المغرب الإسلامي وهي دولة الأدارسة سنة 173 هـ، وقد اعتنق التشيع قبائل بربرية كبيرة معروفة كان لها امتداد واسع في المغرب والأندلس، منها بنو حماد وبنو زيري وقبيلة الصنهاجيين وقبائل كتامة".

وبتقدير المؤلف فان الإسلام الشيعي دخل الى الأندلس من طريقين:

الأول: عبر الأندلسيين الذين رحلوا الى المشرق الإسلامي وبالأخص الى العراق ومصر والمغرب ثم عادوا متأثرين بثقافة أهل البيت (ع)، وكان في مقدمتهم محمد بن عيسى القرطبي الذي كان حيا في العام 221 هـ.

ثانيا: عبر عدد من علماء المشرق الإسلامي الذي باشروا بنشر ثقافة أهل البيت (ع)، ومنهم أبو اليسر الرياضي إبراهيم بن محمد الشيباني (ت 317 هـ)، البغدادي النشأة والذي تجول وعمل في المغرب الإسلامي والأندلس.

وكان للقمع الذي مورس بحق أهل البيت (ع) والموالين لهم في المشرق الإسلامي من الأسباب الداعية الى هجرة رجالات الإسلام الى المغرب الإسلامي ومنه الى الأندلس، ومنهم نسل الإمام الحسن بن علي (ع) (ت 50 هـ)، وحسب تعبير الدكتور طاهر: "تمركز هؤلاء العلويون في شمال أفريقيا ثم عبروا الى شبه جزيرة أيبريا، وكان لهم دور كبير ومهم في نشر الثقافة الشيعية في الأندلس"، كما كان لهجرة أبناء الصحابي الجليل عمار بن ياسر (ت 37 هـ)، وأحفاد الصحابي الجليل مالك بن الحارث النخعي الأشتر (ت 39 هـ) الى الأندلس دور كبير في نشر الإسلام في هذه البلاد، وحسب تعبير المحقق الكرباسي: "ان المهاجرين أو الداخلين الى الأندلس من الشيعة كانوا من البيوتات التي تعتبر في حينها أعمدة وأساطين التشيع، وهذا يعني أنهم وجدوا لأنفسهم في الأندلس أرضية مناسبة رغم وجود الحكم الأموي هناك".

وعلى الرغم من الصراعات بين الإمارات وظهور ثورات بالضد من الحكم الأموي وقمعها، حتى عدها البعض بنحو 14 ثورة، مثل ثورة شقيا بن عبد الواحد المكناسي (ت 160 هـ)، فان الكرباسي يؤكد: "رغم كل الصراعات فان التشيع سرى في تلك البلاد حتى شاع وظهر بحيث أصبحت القضية الحسينية والتي هي من أقوى ظواهر التشيع فاشية في الأندلس، وقد برز شعراء عدة وهم يرثون الإمام أبا عبد الله الحسين (ع) كما جرت الطقوس والشعائر الحسينية في عاشوراء، وظلت حتى نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس عام 898 هـ".

ومع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي، تعززت مدرسة أهل البيت في إسبانيا من خلال هجرة الباكستانيين واللبنانيين للعمل في إسبانيا كما ساعد قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في العام 1979م وهجرة العراقيين في عهد نظام طاغية العراق الى زيادة المشاريع الحسينية، وتؤشر الأرقام أن: "أول حسينية تأسست في إسبانيا من التاريخ الإسلامي الحديث هي حسينية الأمة في مدينة غرناطة وكان من وراء تأسيسها مجموعة من الطلاب الإيرانيين واللبنانيين الذين كانوا يدرسون في جامعة غرناطة، وكانت تعرف هذه الجالية بالأمة فأطلق الاسم على الحسينية أيضا وتاريخها يعود الى سنة 1406 هـ- 1986م"، على ان أول مسجد لشيعة أهل البيت (ع) في العصر الحديث أقيم في العام 1376 هـ باسم مسجد أهل البيت في برشلونة، كما ان محبي أهل البيت (ع) تمكنوا ولأول مرة في تاريخ إسبانيا الحديثة في يوم العاشر من شهر محرم العام 1426 هـ من تنظيم مسيرة حسينية حاشدة في مدينة برشلونة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك