دراسات

الخلود..!  

2293 2020-07-03

محمد وناس ||

 

يبقى هاجس الخلود  من اكبر وأكثر الافكار التي شغلت الفكر الانساني منذ ادم الى اليوم .

ومنذ اول نص ادبي فكري وصل الينا والمتمثل في ملحمة جلجامش , حاول الانسان ايجاد وسيله للتغلب على الموت بالبحث عن عشبه الخلود ليكتشف ان الموت امر محتم لا مهرب منه

وليكتشف ايضا ان الموت لا يعني الفناء . وليس بالضرورة ان يكون الموت مانعا للخلود

ثم تتابع الابداع البشري في انتاج فكر يفصل بين الموت والفناء وإيجاد سبيل للخلود وان كان هذا السبيل معنوي . في اكثر من منتج على غرار الاوديسة او جمهوريه افلاطون  وغيرها من الابداعات البشرية التي تناولت هذه القضية على طول تاريخ الفكري البشري ,

 لتأتي الكتب السماوية لتضيف الى هذا النتاج الفكري صوره اوضح  للحياة الماديه بعد الموت  ( الاخرة والجنة والنار  والحساب والعقاب ) مع اختلاف الاديان في تصوير هذه الحياة .

·        ما هو الخلود ؟؟؟؟؟ 

والسؤال هنا يبتعد عن المادية في معادلة الخلود المادي او الخلود الأثري

وما الذي جعل اسماء مثل لقمان الحكيم خالدا الى اليوم او سقراط . او افلاطون . او زارادشت او بوذا .  ابن سينا  او الفارابي . بغض النظر عن ما يحملون من معتقد

في نظره سريعة لهذه الاسماء تجد ان اغلبهم لم يكن لهم زعامة سلطوية  في مجتمعاتهم فلقمان الحكيم  كان عبدا مملوك . وسقراط من بسطاء القوم وزارادشت لم يكن احسن  حال منهم  وابن سينا ملاحقا  مهددا بالموت , لكننا الى اليوم نذكرهم ونحترم ما قدموه من فكر ونقف اجلالا لهم حتى وان اختلفنا معهم في الرؤيا والفكر.

كما يحمل لنا التاريخ اسماء اخرى ,لا يمكن  ذكرها الى مقرون بسلبيه او انتهاك لجانب من جوانب الانسانية . ( نيرون ,, هتلر ستالين ..... )

فهل يصح ان نعرف الخلود على انه (مجرد ترك الاثر لأطول فترة من الزمن وبقاء الاسم في ذاكرة البشرية الى ابعد ما يمكن ) ,

وهذا التعريف غالبا ما يرتبط بأصحاب السلطان , وغالبا من يكون التسلط والجبروت قرين اصحاب السلطة , وتعاقب الانتصارات او المكاسب على السلطان يدفعه للتجبر وبحكم النفس البشرية التي تحب الهيمنة وبدافع غريزة التسلط يتحول فكر الحاكم او السلطان الى ان يمتطي صهوة العظمة فيحسب ان ما تحصل عليه بفعل امكانياته الشخصية فلا يرى من هم سواه او ما دونه من الافكار فيساوره هوس الخلود والبقاء عن طريق فرض سلطانه

التعريف الاخر للخلود ( ان يقدم منتج  مؤثر في تقدم  البشرية الى الامام )

ومع ان التعريف الثاني يحمل صورة طيبة لمعنى الخلود لكنه غير كافي ولا يعطي المعنى الحقيقي .

فكثير من الابداعات الخالدة لو اعدنا قراءتها اليوم نجدها غير مناسبة او غير قابلة للتطبيق لكننا مازلنا ننظر لها نظرة احترام وتبجيل . وعلى سبيل المثال تشريعات حمورابي فكثير منها اليوم غير منطقي وغير قابل للتطبيق ومع هذا مازال اسم حمورابي وتشريعاتة خالدة وباقية وحاضرة  بقوه وبتقدير عالي  في استشهاد اي باحث او متحدث وحتى المتلقي  , وسبب هذا الخلود لا يعود الى جزئياتها او نصوص تشريعاتها بقدر ما تحمله فكره انشاء قانون  ينظم وتعاملات الفرد وحقوقه وواجباته تجاه  باقي المجتمع وتجاه باقي الافراد وبالعكس  .

فلا يمكن ان يقتصر الخلود على المنتج  الفكري او العملي الذي يشغل فتره من حيز الزمن

خلود الفعل ..

قد يكون اختراع الكتابة اعظم منتج  بشري منذ ادم الى يومنا الحاضر . مع ذلك لا نعلم من هو الشخص الاول الذي وضع قواعد هذا المنجز العملاق . مع اننا اليوم لا نستغني ولا يمكن تصور الحياة بدون الكتابة .

·        خلود الشخص .

نحمل في ذاكرتنا كم من الاسماء والشخصيات ونضعها في منزله الخالدين بدون ان نعلم لهم منجز واضح فيه نتاج عملي او علمي او فكري للبشرية . ويكاد يكون سب خلودهم فعل لحظي او موقف مفصلي على احدى نقاط خط الزمن وقد لا نعلم عنهم شيء او من هم سوى  هذا الموقف او اللحظه التي خلدتهم لكنهم باقون .

( شعلان ابو الجون ) رجل خلده موقف ويكاد يكون اغلب العراقيين لا يعلمون من هو شعلان ابو الجون

خلود الاشخاص لا يشترط به دوام الفعل على خط الزمن على العكس من خلود الفعل او خلود الفكرة التي يستوجب دوامها . وقيمة بقاءها او خلودها يستند الى دوام خدمتها للمجتمع  . فكثير من المنجزات البشرية خلدت الى زمن ثم ذابت واختفت مع انتفاء الحاجه لها ( رسائل المورس),

وهنا نستطيع ان نصنف الخلود الشخصي الى قسمين

·        الخلود بواسطة

فالمسيح عليه السلام سبب خلوده ارتباطه بالمسيحية .

مع ان حبيب  بن مظاهر الاسدي يمكن تصنيفه ايضا على انه خلود اللحظة او خلود الموقف على نقطة من خط الزمن . كذلك ينطبق عليه الخلود بواسطة . فلو لا وجود الحسين والتصاق اسم حبيب بن مظاهر بالحسين ما كان لهذا الاسم نصيب من البقاء طول هذه المسافة الزمنية مع ان التاريخ ينقل لنا عشرات المواقف مثل مواقف حبيب بن مظاهر وتمر علينا في حكايات الايام قصص تشبه قصه حبيب بن مظاهر . لكنها لا تلتصق بالذاكرة ولا ترقى الى مستوى الخلود في نفسيه المتلقي لعدم اقترانها بخالد اعظم .

·        الخلود  بالذات ..

من يضعون للبشرية نقطه تحول . او يصنعون انعطافه مؤثرة ودافعة لخط مسار البشرية  . او موقف يعيد قطار الانسانية المترنح الى جادته الصحية بانتفاضة فكرية او عملية كسابقة اولى , اصحاب الافكار الاصيلة والثورية والمبدعة . هم من يصح ان نطلق عليهم خالدون بذاتهم .

ومن يحملون هذه الصفه هم الاعظم من بين الخالدين ويحملون اعلى درجات الخلود

فكرة المنطق الارسطي . وما قدمه ارسطو من ابداع في هذه الفكره والتي مازالت الى اليوم قائمة وضرورية من ضروريات الحياة جعلت ارسطو من الخالدين بذاتهم وابداعهم الشخصي غير مرتكزين على ابداع غيرهم .

كذلك الحسين . خالد بذاته وبما قدمه من موقف في لحظه مفصلية من تاريخ المجتمع الاسلامي جعلت من  كربلاء نقطه انعطاف عملاقه وجوهرية في التاريخ تستحق ان تبقى خالدة الى اخر الزمان

وقد يكون الامام علي ابن ابي طالب   والامام الحسين  . هم الامامين الوحيدين الخالدين بذاتهما من بين ائمة الشيعه الاثنى عشر المرتكز خلودهم وخلود التشيع  على هذين الامامين .

وهنا ياتي سؤال قد يحمل من الخطورة الشي الكثير .

هل  عيسى . وموسى  . ونوح  خالدين بذاتهم ام بواسطة

وهل المسيحية . واليهودية . والاسلام  كفكر  خالدة بذاتها  ام بواسطة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك