دراسات

مفهوم الاقتصاد الاسلامي عند الشهيد الصدر

3332 2019-04-09

علي عبد سلمان

 

بعض المفاهيم العلمية قد يكون لها معنى محدد واضح مستقر ومتفق عليه بين المتخصصين في علم ما، كالاصطلاحات التي لها معاني محددة. وبعض المفاهيم قد لا يكون هناك اتفاق بين المتخصصين حول معناه، بحيث يفهم كل واحد منهم معنى مختلفاً.

وقد كان الإمام الصدر دقيقاً وواضحاً في تحديد المفاهيم التي استخدمها.

إذ أشار إلى أن بعض المفاهيم حملت شحنة تاريخية من مجتمعات أخرى، وتطبيقها على واقعنا يؤدي إلى مسخ الحقائق وتشويهها. كما أن بعض المفاهيم حمل شحنة ايديولوجية بشكل مستتر أو بشكل ضمني غير واضح، لذلك لا بد للباحث أن يدقق في معاني المفاهيم، وان لا يستخدم المفهوم في غير معناه الذي وضع له.

في هذا الصدد يقول الإمام الصدر: «وبودي أن أقول هنا وفي المقدمة شيئاً عن كلمة «اقتصادنا» وما اعنيه بهذه الكلمة حين أطلقها؛ لأن كلمة الاقتصاد ذات تاريخ طويل في التفكير الإنساني. وقد اكسبها ذلك شيئاً من الغموض نتيجة للمعاني التي مرت بها. وللازدواج في مدلولها بين الجانب العلمي من الاقتصاد والجانب المذهبي. فحين نريد أن نعرّف مدلول الاقتصاد الإسلامي بالضبط، يجب أن نميّز علم الاقتصاد عن المذاهب الاقتصادي. لننتهي من ذلك إلى تحديد المقصود من (الاقتصاد الاسلامي)».

هنا يحاول الشهيد الصدر ان يزيل الغموض والالتباس فيعرف علم الاقتصاد تعريفاً دقيقاً واضحاً ثم يعرّف المذهب الاقتصادي فيقول: علم الاقتصاد: هو العلم الذي يتناول تفسير الحياة الاقتصادية وأحداثها وظواهرها، وربط تلك الاحداث والظواهر بالاسباب والعوامل العامة التي تتحكم فيها.

وأما المذهب الاقتصادي: فهو عبارة عن الطريقة التي يفضل المجتمع اتباعها في حياته الاقتصادية، وحل مشاكله العملية.

ويستمر في تعريف كلمة «الاقتصاد الإسلامي» فيقول: «.. نحن حين نطلق كلمة الاقتصاد الإسلامي لا نعني بذلك علم الاقتصاد السياسي مباشرة، لان هذا العلم حديث الولادة نسبياً، ولأن الإسلام دين دعوة، ومنهج حياة، وليس من وظيفته الآلية ممارسة البحوث العلمية. وإنما نعني بـ «الاقتصاد الإسلامي» المذهب الاقتصادي للإسلام الذي تتجسد فيه الطرقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية بما يملك هذا المذهب ويدل عليه من رصيد فكري.

إن وظيفة العلم لا تقتصر على الوصف والتقرير فقط. فالعلم يهدف إلى فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية. اما عملية تغيير الواقع وتقويمه بالمقاييس الأخلاقية فليست من العلم في شيء. إنها ترتبط بالمذهب الاقتصادي. وعلى الباحث أن يكون حذراً في استخدام المفاهيم وتعريفها. فقد تكتسب المفاهيم مدلولات جديدة.

«..فالكلمة حتى إذا كانت محتفظة بمعناها اللغوي الأصيل على مر الزمن، قد تصبح خلال ملابسات اجتماعية معينة، بين ملدولها فكر خاص أو سلوك معين، مشروطة بذلك الفكر أو السلوك حتى ليطغى أحيانا مدلولها السيكولوجي على معناها اللغوي الأصيل».

البعد الإنساني في الاقتصاد الإسلامي

وهناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها وهي أن الإسلام لا يكتفي بالجانب الموضوعي في تنظيم الحياة الاقتصادية، إنما يهتم بالعنصر الروحي والفكري، أو بتعبير آخر البعد الأخلاقي أو البعد الإنساني.

وكما يقول السيد الصدر «هناك المزاج النفسي العام للمجتمع الإسلامي. وهذا لا يدخل في الحساب العلمي. لان هذا المزاج ليس شيئاً مادياً له درجة محدودة أو صيغة معينة، يمكن أن تفترض مسبقاً وتقام على أساسها النظريات العلمية»([5]).

«فعلم الاقتصاد الإسلامي لا يمكن أن يولد ولادة حقيقية، إلا إذا جسّد هذا الاقتصاد في كيان المجتمع، بجذوره ومعالمه وتفاصيله، ودرست الأحداث والتجارب الاقتصادية التي يمر بها دراسة منظمة».

ومالم يتجسد الاقتصاد الإسلامي في مجتمع معين، ولم يطبق في الحياة الواقعية، لا يمكن وضع علم الاقتصاد الإسلامي. إذ إن العلم لا ينشأ من فراغ، والنظريات العلمية لا تصاغ على أسس افتراضية، بل يجب أن تؤخذ من الواقع المحسوس. والموضوعية في البحث تتطلب أن نقبل الواقع كما هو، وان نبني على أساس تحليل ما هو موجود، لا على ما عندنا من أفكار ودراسات أو أجزاء من دراسات او فروض او نظريات مسبقة. انما يجب ان تنطلق النظرية بالاستقراء العلمي وبالطريقة التجريبية من الواقع الذي نعيشه، وندرس ذلك الواقع دراسة منهجية ثم تصاغ الفكرة صياغة علمية. وذلك بملاحظة الظواهر الاجتماعية ملاحظة دقيقة والسير في البحث خطوة خطوة حتى تنتهي بالقوانين التي تفسر الظواهر الاقتصادية والاجتماعية. والعلم يشمل كل نظرية تفسر واقعاً من الحياة الاقتصادية بصورة منفصلة عن فكرة مسبقة او مثل اعلى للعدالة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك