دراسات

العراق والعقوبات الإقتصادية على إيران

2547 2018-08-11

ضياء المحسن

مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة دأبت بعد سقوط الإتحاد السوفيتي، على معاقبة الدول التي لا تسير على نهجها، مستخدمة أساليب مختلفة، منها العسكرية والإقتصادية، في محاولة لتركيع هذه الدول للسير على وفق ما ترسمه الإدارة الأمريكية لهذا البلد أو ذاك، متجاهلة الأمم المتحدة، ضاربة بمواثيقها عرض الحائط، خاصة مع العرض بأن الولايات المتحدة تساهم في تمويل الأمم المتحدة بمبلغ كبير، وكثير من المنظمات التابعة للأمم المتحدة مقراتها في أمريكا، الأمر الذي تغض فيه الأمم المتحدة الطرف عن تصرفات الشرطي الأمريكي.

العقوبات الإقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة تستند الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبناء على موافقة مجلس الأمن الدولي، كون الدولة التي يتم وضعها ضمن هذا الفصل تشكل تهديد على السلم والأمن الدوليين.
في حالة إيران، نجد أن الولايات المتحدة تجاهلت الأمم المتحدة ومواثيقها، وحتى أنها تجاهلت مجلس الأمن الدولي، والتي هي عضو دائم فيه، وقررت أن تُوقع عليها عقوبات إقتصادية بحجة أنها ترعى الإرهاب الدولي، بالإضافة الى محاولة إمتلاكها للسلاح النووي، في وقت يتذكر جميع المراقبين للوضع السياسي أن إيران وقعت إتفاق مع المجموعة 5+1 فيما يتعلق بفتح منشأتها النووية وإخضاعها للمراقبة، مع موافقة المجموعة على مضي إيران في تخصيب اليورانيوم بنسب معينة وافق عليها المجتمعون، كل هذا حصل في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكان يعده بمثابة إنتصار له.
مع مجيء الرئيس ترامب الى البيت الأبيض، إختلف الوضع كليا مع وجود أيدي خفية تحاول الضغط على البيت الأبيض لنقض الإتفاق النووي وضرب إيران بحجة مساعدة المجموعات الإرهابية، وكان هذا بدفع من السعودية والإمارات اللتين دفعتا رشوة ضمن صفقة القرن تقدر بأكثر من 500 مليار دولار، وهو الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي يرضخ لضغوط هاتين الدولتين.
دخلت العقوبات الأمريكية على إيران موضع التطبيق شيئا فشيئا، من خلال الضغط على الشركات العاملة في مختلف القطاعات في إيران، ما حدا بتلك الشركات الى مغادرة الأراضي الإيرانية، ولم يكتفِ الرئيس ترامب بذلك، بل أنه هدد كل من يتعامل مع إيران بإيقاع عقوبات إقتصادية عليه، وهو الأمر الذي حدا برئيس الوزراء العراقي الى تنفيذ المقاطعة فعليا على إيران.
لسنا هنا نناقش تنفيذ المقاطعة من الجانب السياسي، فهو أمر ليس هذا محله، بل إننا نحاول مناقشة الأمر من الناحية الإقتصادية البحتة، من خلال طرح عدد من الأسئلة والإجابة عليها.
ماذا يستفيد العراق من مقاطعة إيران إقتصاديا؟
ما هي الأضرار التي سوف تلحق بالإقتصاد العراقي، فيما لو تم تطبيق العقوبات الإقتصادية.
أيهما أكثر ضررا على العراق، تطبيق العقوبات، أم عدم تطبيقها؟
قطعا لن يستفيد العراق من المقاطعة الإقتصادية لإيران، فلو نظرنا الى حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران، نجد أنه يقترب من 18 مليار دولار سنويا، وهو رقم ليس بالهين، خاصة إذا ما علمنا أن أغلب إستيرادات العراق من المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية تأتي عن طريق إيران، من ثم ليس هناك من بلد أو بلدان مجتمعة تستطيع أن تغطي حاجة السوق العراقية من هذه المحاصيل الزراعية، وفي هذه الحالة سوف يتعرض السوق العراقي الى هزة كبيرة نتيجة إرتفاع السلع الى معدلات كبيرة، وهو الأمر الذي يؤدي بالنتيجة الى إرتفاع معدلات التضخم التي هي مرتفعة بالأساس.
فيما يتعلق بالأضرار الإقتصادية على الإقتصاد العراقي، الأمر الأول هو إرتفاع أسعار المنتجات الغذائية والمحاصيل الزراعية لمعدلات لن تستطيع الدولة السيطرة عليها، بسبب عدم قدرة المعروض من السلع على مواجهة الطلب من قبل المواطن، وهو ما سيؤدي بالنتيجة الى إرتفاع معدلات التضخم، وإنخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، ما ينتج عنه بالضرورة قيام أصحاب النفوس الضعيفة الى تهريب الدولار، وقد يؤدي حتى الى قيامهم بتزوير العملة المحلية.
نجد أن الضرر الأكبر هو في تطبيق العقوبات، ذلك لأن التعاملات العراقية مع البنوك الأمريكية محدودة، خاصة في الفترة القريبة والتي تستند في الأساس الى شراء سندات الخزينة الأمريكية، لأن العراق يبيع نفطه الأن لأوربا والهند والصين واليابان، بنسبة تزيد على ما يبيعه للشركات الأمريكية.
لم تكن الحكومة العراقية بشخص رئيس الوزراء موفقة في تطبيقها للعقوبات الأمريكية على إيران، ونجد أنها محاولة لكسب ود الجانب الأمريكي في الترشح لفترة ثانية، وهو الأمر الذي ينعكس عليه سلبا، خاصة مع وجود الفصائل المسلحة التي تدين بالفضل لإيران التي ساعدتها ووقفت الى جانبها في الحرب ضد الإرهاب وتخليص المدن العراقية من عصابات داعش الإرهابية، وهو الأمر الذي لم تأخذه في حساباتها الحكومة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك