التقارير

للمفاوضات الاستراتيجية القادمة:هل توجد مصالح مشتركة بين إدارة امريكية عنصرية وحكومة تحديات وازمات في العراق ؟!  


  د .جواد الهنداوي * ||

              

              وصفْ المفاوضات بانها استراتيجية هو أمرٌ مبالغ به ، و لرغبة الرئيس ترامب او وزير خارجية حكومتهِ ، و من اجل الإعلام و إيهام الرأي العام الامريكي بإنجازات ، وهو مُقبل على انتخابات ، كان للرئيس ترامب املاً في الفوز بها .

             درجَ الرئيس ترامب على تعظيم ما يُقدِمْ عليه ، كحال أطلاق مصطلح " صفقة القرن " على جهودهِ و جهود ادارته و اللوبي الصهيوني واسرائيل ، الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية ، وتوسيع وهيمنة اسرائيل .

          كي يكون الاتفاق استراتيجيا و منتجاً بين دولة وأخرى ،في المضمون والأهداف والنتائج ، وليس فقط بالتسميّة، ينبغي ان يجمعهما مشتركات او قواسم مشتركة استراتيجية سياسية و /او فكرية او اقتصادية او جغرافية او أمنية إلخ ...

        هل ياترى بين امريكا والعراق مشتركات جغرافية او سياسية او اقتصادية او أمنية او ثقافية ؟

         المشترك الجغرافي بين العراق وأمريكا ذو طابع سلبي وليس إيجابي ويقود الى " تباعد استراتيجي" و ليس الى اتفاق استراتيجي ، ويتمثل هذا المشترك الجغرافي في ظاهرتيّن ؛ الظاهرة الأولى وجود قواعد امريكية في العراق ، و قدْ طالبَ الشعب العراقي بتفكيكها و رحيل أفرادها و معداتها ، والظاهرة الثانية هو وجود الكيان الاسرائيلي الصهيوني المغتصب ، وهو في حالة حرب مع العراق ، وسياسة امريكا تجاه العراق و تجاه المنطقة موزونة و محكومة وفقاً لمصلحة هذا الكيان ! فهل  ينتظر العراق دعماً وتعاوناً استراتيجياً امريكياً يساهم في نهضة و تطوير العراق ، وهل ترضى اسرائيل بذلك ؟

       سياسياً ،تسعى امريكا الى تمرير صفقة القرن ،وتسعى الى توسيع مساحة اسرائيل بضم اراضي من الضفة الغربية ومن غور الأردن ، وتسعى الى ان يكون  جزء من الأردن وغرب العراق وطناً بديلاً للفلسطينيين ،

الذين سيهجرّون من الضفة ، و ستُمرر هذه المشاريع التوسعيّة الآن و حتى عام ٢٠٢٥ ، و امريكا هي الداعم الفكري والسياسي لهذا المشروع التوسعي لا سرائيل ، وأمريكا هي المنسّق المالي و الامر في تمويل هذه المشاريع .هل هنالك تلاقي سياسي بين ما تريده امريكا لاسرائيل في المنطقة وبين مصلحة العراق ؟

     بالتأكيد ، ليس لموضوع اسرائيل ايّ حضور في التفاوض الامريكي العراقي ،ولكن الأهداف السياسية لأمريكا في المنطقة وتجاه العراق ينبغي ان تسيير في مصلحة اسرائيل ، و الاّ ماهي المصلحة الامريكية الاستراتيجية في المنطقة ؟ لم يعُدْ النفط هو المصلحة ، وانّما مصلحة وهيمنة اسرائيل و لزومية ان تكون الإرادة السياسية الامريكية هي السائدة في المنطقة .

       سياسياً يسعى العراق الى ترسيخ أمنه و استقراره ، و أمن و استقرار العراق هو جزء من امن واستقرار المنطقة . هل سياسة الإدارة الامريكية اليوم هي في صالح أمن واستقرار المنطقة أمْ سياسة التدخل و اثارة الاضطرابات والفتن في المنطقة و ابتزاز دولها وسرقة ثرواتها وتجفيف صناديقها السيادية ؟

       أقتصادياً ، لازال العراق ، و رغم علاقاته الاستراتيجية مع امريكا ، يعاني من مشاكل أساسية في الخدمات و الاستثمار و التنمية ، و مرّد َ ذلك ليس فقط الفساد والبيروقراطية و إنما ايضاً افتقار العراق و المنطقة الى الامن والاستقرار و فرض سياسة العقوبات على دول المنطقة (ايران ،لبنان ،سوريا ) ، وتهديد وابتزاز الدول الاخرى (السعودية ) ، و دعم فصائل الإرهاب والجماعات المسلحة في سوريا . لن نتوقعْ تطور استثمار للقطاع الخاص و للقطاع العام في العراق و البلد و المنطقة تحت رحمة التهديد والوعيد و العقوبات .

        ستبدأ و ستمضي المفاوضات مع إدارة امريكية تتبنى أجندات صهيونية اسرائيلة تجاه المنطقة ،و تمارس التمييز والاضطهاد العنصري ضد مواطنيها من أصول أفريقية ، و تُواجه تنديد شعبي واسع من الامريكيين ، وتوصفْ بالعنصرية .

        لا اجدُ في المفاوضات العراقية الامريكية القادمة

جوانب استراتيجية، لن تكْ ابعد من صيغة مفاوضات  ثنائية بين دولتيّن ،تنظّم انسحاب آمن و سريع للقوات الامريكية و القواعد الامريكية في العراق ، او ابقاء جزءاً من القوات الامريكية في العراق وتحت غطاء قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش .

       ما يهّم اسرائيل هو بقاء قوات امريكية و بقاء قاعدة عين الأسد في العراق وفي المنطقة الغربية ، ولأسباب و لاهداف تتعلق بالمشاريع الاسرائيلية في المنطقة (في الضفة الغربية ،في الأردن ،في لبنان ، في سوريا ،في العراق ) .

       لسنا ضّدَ هذه المفاوضات ، ولكن لا نُغري الرأي العام العراقي و نحمّل المفاوضات  ابعاد اقتصادية و سياسية استراتيجية ، والبلديّن ( امريكا والعراق ) يفتقران الى استراتيجية في سياساتهما ، او في تباعد في المتبنيات الاستراتيجية إنْ وجدت .

*سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك