وحسبما يقول جوس رييت، الباحث في معهد اوكسفورد لدراسة الانترنت "ان السلطة المطلقة للبنية التحتية الاميركية تتكون من انه في غالب الاحيان فإن مسار المعلومات انما يمر عبر الولايات المتحدة الاميركية، بالرغم من انه لا يوجد سبب جيوبوليتيكي لذلك". ويضيف "ان الامر الواقع الحالي هو الذي يجعل الولايات المتحدة الاميركية تستفيد كثيرا".ان الامر الواقع الحالي هو لمصلحة اميركا، لان التجسس الانترنتي يخترق الحياة اليومية للناس وبطريقة لا تستطيع معها الاشكال الاخرى التقليدية من التجسس ان تصل اليها. وهكذا مثلا في بلدان كايطاليا، حيث ثقافة التنصت الشامل تعني ان السلطات تتنصت بانتظام على المحادثات الشخصية، ولكنها لا تستطيع ان تصل الى مستوى التفاصيل، التي يتم الحصول عليها من تحليل حركة الايميل الالكتروني والبحث في الانترنت.ويقول رييت "ان هذا سيئ الى درجة، كما لو ان احدهم يقوم بقراءة دفتر يومياتك". "لا بل هذا اسوأ بكثير من قراءة دفتر يومياتك، لانك انت لا تكتب كل شيء في دفتر يومياتك". وبالرغم من ان التفاصيل كيف ان برنامج "الموشور" (PRISM) الخاص بالوكالة الوطنية للامن القومي الاميركي كان يسحب المعلومات من شركاته بقي سريا للغاية، فإن الوثائق التي نشرها المستشار السابق للوكالة ادوارد سنوودون في جريدتي "غارديان" و"واشنطن بوست" تبين ان العلاقات الخاصة التي اقامتها الوكالة مع الشركات التكنولوجية الاميركية، قد سمحت بتكوين احدى الطرق الاثمن والفريدة والاكثر انتاجية لجمع المعلومات التجسسية.الى اي درجة تتعاون شركات الانترنت الاميركية العملاقة في اطار هذه العلاقات الخاصة هو سؤال مركزي مهم، لا يزال ينتظر الجواب.ولكن على اية حال فإن كمية المعلومات التي تملكها اميركا هي ضخمة للغاية. فإن شركة ميكروسوفت تستحوز على ما بين ربع ونصف مستخدمي الانترنت. وشركة غوغل تخدم ثلثي حركة البحث العالمية على الانترنت. وشركة فايسبوك لديها 900 مليون مستخدم اي حوالى ثلث الـ 2.7 مليار مستخدم للانترنت في العالم.ان التجسس الالكتروني ليس مطمح الولايات المتحدة الاميركية وحدها. ولكن ما يجعل اميركا استثنائية، هو انها مركز الجاذبية لغالبية وسائل الاعلام العامة، والاتصالات والتخزين الالكتروني. ويتابع رييت قائلا "ان مركز الاميركيين في الشبكة، ومروحة الخدمات التي يقترحونها في كل ارجاء العالم، والنطاق الواسع للبنية التحتية الاميركية، وكمية وسرعة تحويل المعلومات، كل ذلك يجعل الولايات المتحدة الاميركية في موضع مميز لاجل التجسس على كل شيء على النطاق العالمي"."وهذا امر حقيقي بشكل خاص، حينما نتكلم عن خدمات من طراز غيمة الانترنت، مثل جي ـ مايل"، التي كان يوجد لها 425 مليون مستخدم ناشط في السنة الماضية.ان العديد من البلدان تحاول ان تتغلب على السيادة التكنولوجية الاميركية، عن طريق الطلب الى الشركات الاميركية ان تفتح فروعا محلية في تلك البلدان، والا تمنعها.
وتتسابق الحكومات لالتقاط حركة مرور المعلومات، في حين ان هذه الحركة تمر باتجاهين من والى كاليفورنيا، ناقلة ادوات الرصد لكميات كبرى من المعلومات، ومضعفة قوانين التجسس ومكيفة المراكز الرئيسية للرصد.ان حكومات بلدان الشرق الادنى تقوم بتمديد تكنولوجيا للرصد من الانتاج الغربي، وبهذه التكنولوجيا يتم رصد شامل للاتصالات الداخلية. واحيانا يتم هذا التمديد بمساعدة المنفذين الثانويين، الذين يعملون في الوقت نفسه في خدمة الوكالة الاميركية للامن القومي.وقد بدأت الحكومة الهندية بإنشاء منظومة مركزية، من شأنها توجيه حركة الانترنت الوطنية بأكملها من خلال نقطة وحيدة للمراقبة. وهكذا تحولت الى احد البلدان التي انشأت ما يشبه السوبرماركت للامساك بالمعلومات لاجل اجهزة تطبيق القانون.ومنذ فترة وجيزة اصدرت الهيئات التشريعية البرازيلية قرارا ضد غسل الاموال يسمح للسلطات بالاطلاع على الانترنت والمعلومات المتحصلة من الاتصالات بدون قرار قضائي. ويتم تطبيق مثل هذا الاتجاه في امكنة عديدة في العالم.ولكن حتى في فن التجسس الالكتروني فإن الولايات المتحدة الاميركية هي سيدة الميدان.وفي مقابلة له مع "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" قال سنوودون ان الاميركيين قد تغلغلوا في الانظمة الكومبيوترية لجامعة البحث العلمي الصينية، ولشركة كابلات الالياف البصرية، ولمزود الخدمات الاتصالية الصيني. وقال "اننا نقوم بالقرصنة في كل مكان".اما المدير السابق لوكالة الامن القومي مايكل هايدن فيعلن "نحن وصلنا الى المكان الذي يتم فيه حفظ المعلومات، ونقوم بسحبها من شبكات الاعداء"، "اننا الافضل على هذا الصعيد، ونقطة على السطر".
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha

