رأي في الأحداث

انتخابات عام 2013 تباين في الأجندات والبرامج الإنتخابية ما بين من يوقّر المواطن وما بين من يحتقره ويتكبر عليه

10148 22:37:00 2013-04-11

مما لاشك فيه أن البرامج الانتخابية التي تتبناها الإئتلافات القوية في ساحتنا باتت مكشوفة للعيان، فعلى مدى الفترة المنصرمة كشف ائتلاف المواطن ودولة القانون والتيار الصدري عن سمات برامجهم الانتخابية، وطرحوا على الناس مرشحيهم وهم إذ فعلوا إنما ترجموا طبيعة نظرتهم إلى بلدهم وكيف يقاد وإلى مواطنهم وكيف يتم التعامل معه؟ ومن خلال ما تم طرحه تبين لنا من نزل إلى واقع المواطن وحاكاه في محروميته وما يعاني منه من بعد سنوات تعد كالجبال لطبيعة البون الشاسع بين ما كان المواطن يحلم به يوم أن سقط الصنم وبين ما اكتشفه على أرض الواقع من خيبة أمل أقل ما يقال عنها أنه ما عاد يرى في الأفق الرحيب مجالاً لكي يتنسم فيه هواء طموحه وآماله الوردية في عراق خال من الخداع وصاف من الدجل السياسي.

وفيما بات ملحوظاً ان ائتلاف المواطن هو الأكثر تواجداً بين الجمهور من خلال حضور قياداته الرئيسية ومرشحيه الميداني في وسط كافة المحافظات والأرياف والأقضية والقصبات وبين الناس مباشرة، بات من الملاحظ أن التيار الصدري اكتفى بالحضور الميداني لمرشحيه في مناطقه، مع ما يبدو جلياً ان ائتلاف دولة القانون اكتفى في غالبية الأحيان بحضوره الحكومي باعتبار انه يمسك بالحكومة المركزية والمحلية في غالبية المحافظات، وهذه الصورة التي تسجل لهذه الكيانات تعرب في نفس الوقت عن ثقافة وفهم تتمايز به هذه الأطراف عن غيرها في طبيعة التعامل مع المواطن، ومن الواضح أن الفارق بين ائتلاف المواطن وبين دولة القانون شاسع للغاية، فالمواطن راح يتكلم مع المواطن ويخطب عقله، فيما راحت دولة القانون تعمل منطق الحاكم في تعامله مع المواطن ومخاطبته من وراء جدر الدوائر الحكومية والوزارات وعبر وسائل الاعلام وهي في مجموعها في العادة تلقي على المواطن ولا تتلقى منه، وتملي عليه ولا تسمع منه، وتأمره ولا تنظر إليه.

ومن المميزات اللافتة بين ثقافات الكتل الانتخابية أن دولة القانون تحدثت مع المواطن بلسان الشعارات الحكومية وليس ببرامجها الانتخابية، فهي تتحدث بمنطق اختزال الآخرين وإلغاءهم بشكل تام حينما تقول بأنه لولاها لانهار العراق، ومن يسمع لا يجد برنامجاً للنهوض بهذه المحافظات ولا حديثاً عن المخرج من أزمة المحافظات وتخلفها المريع، ولا وعداً بفك الخناق عن المحافظات، ولا بشرى بإمكانية العمل بقانون المحافظات الذي اقره البرلمان منذ عام 2008 والذي بقي معطلاً في أروقة مكتب رئيس الوزراء، وإنما يجد نفس خطاب الواقع، فإن كان الواقع واعداً ومملوءاً بالرياحين فسيغدو خطاب ائتلاف دولة القانون واعداً ايضاً، والعكس صحيح تماماً فلو كان واقعنا مأساوياً فإن البشرى التي تقدمها دولة القانون التي تستخدم منطق بعد ما ننطيها هو استنساخ واقع اليوم وتسويقه للمرحلة القادمة. وأبشر بطول سلامة أيها المواطن.

بينما يلحظ في التيار الصدري أنه تحدث بمنطق ما انجزه مسؤولوه الحكوميون، وطبيعة العراقيل التي اعترضتهم من جراء إمساك دولة القانون برقبة الوزارات والحكومات المحلية وإن ادعت أن أزمة هذه الوزارات من فوقها عبر مكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء وعبر القوانين التي كانت ولا زال أغلبها موروثاً من أيام النظام السابق، وبين الجهاز الإداري الذي ورثه الوزراء وهو في الغالب نفس الكادر القديم الذي كان في ايام هدام، ولم تتوان إعلاميات التيار من إبراز صور مسؤوليهم وهم برداء العمال ووسط الناس، وهو امر وإن حاول محافظا بغداد والبصرة وكلاهما من حزب الدعوة أن يقوما به، ولربما غطت صورة صلاح عبد الرزاق وخلف عبد الصمد لكثرتها على ما حاول التيار الصدري إبراز محافظ العمارة ووزير الإسكان ووزير البلديات وهم بلباس العمل، وإن كان ما يلحظه المواطن ببساطة أن محافظ العمارة الأسبق ووزير البلديات حقق إنجازاً سابقاً ومحافظ العمارة الحالي نال وسام المحافظ الأول من حيث الإنجاز، بينما لم يحقق محافظا البصرة وبغداد بالرغم من موازنتهما الكبيرة جداً أي شيء يذكر ويكفي أن يراقب الإنسان بوابة بغداد ومشروعها الهزلي الذي استدر الملايين العجيبة ولا زال كما كان فلا هو موجود ولا هو ميت، فيما كان الحي الوحيد في الموضوع هو الموازنة العجيبة التي تسجل لشيء اسمه بوابة بغداد، ولو كان الأمر مزرياً في بوابة بغداد وهي ليست أكثر من بنايات صغيرة وقليلة مع قوس ليس إلا، فإن ما خفي اعظم.

غير ان من يلاحظ خطاب ائتلاف المواطن سيجد أمراً مختلفاً تماماً، فلقد كان هذا الخطاب هو الوحيد الذي خاطب المحافظات بخطابات خاصة بها، فلكل محافظة كان هناك برنامج إعمار خاص بها ورؤية إعمار تتعلق بنفس هذه المحافظة، وهو أمر كنا نتمنى أن يكون سبيلاً للآخرين أن يحذو في لغة مخاطبة عقل المواطن حذوه، ولكن شعار نبنيها سوه الذي رفعه هذا الائتلاف بما يمثل من لغة احتواء واستيعاب للجميع، وبما يعرب عن أن الجميع يجب أن ينهض بمسؤوليته وبما ينبئ عن طبيعة إكرام للمواطن في التعامل مع عقله ووعيه، فلقد نزل المرشحون وقياداتهم وهم يتحدثون بطبيعة آلام المحافظة ويشخّصون عللها بشكل دقيق، ولكنهم لم يبكوا وينوحوا هذه المرة، بل حملوا معهم صورة متكاملة عما يجب العمل عليه، ولئن كانت احاديث قيادات التيار الحكيمي تعرب عن موجزات لهذه االبرامج فإن كل مرشح كان يحمل معه برنامجاً متكاملاً وتفصيلياً بما تحتاجه المحافظة وبما ينبغي العمل عليه، وحتى يفوّتوا الفرصة على العابثين بمشاريع الإعمار كان طرح هذا التيار لمشروع البصرة العاصمة الاقتصادية ومشروع تأهيل محافظة ميسان مبكراً من عمر الانتخابات، وقد لاحظ المراقبون أن هذا المشروع لم يك مجرد خطاب إعلامي وإنما سرعان ما حاولت كتلة المواطن البرلمانية تحويله إلى قانون ونفس الأمر ما سعت إليه هذه الكتلة في مجلسي المحافظتين، وبالرغم من صداهما الطيب في المحافظتين وبين الكتل السياسية ولكنه ما أن وصل إلى أدراج رئاسة الوزراء لغرض الموافقة عليه، علاه التراب ولم يسمح له برؤية النور مجدداً، وهو فرصة مهمة لكي يراقب الناخب طبيعة الخلل في بنية الإعمار وطبيعة السر في الواقع المزري للمحافظات.

أتذكر جيداً قولاً لأحد قيادات ائتلاف المواطن الرئيسية والفاعلة وسط المحافظات يوم ان فازت دولة القانون في مجالس المحافظات في الدورة السابقة حينما قال: آمل ان يكون فوزهم بالمناصب التنفيذية في المحافظات عاملاً لفك خناق المحافظات من قبل رئيس الوزراء، وما دامت الحكومة الإتحادية والحكومة المحلية توحدت في الخط السياسي في غالبية المحافظات فلعلنا نجد أن هذا التوحد عنصر تطوير لمحافظاتنا.. ولكن بعد مضي أربع سنوات فإني احسبه يقول مر السنوات الأربع ثقيلة جداً ولكن الإعمار كان هو الأثقل وكرامة المواطن هي الأخف، والمال المنهوب هو الأكثر.

ما بين هذه الخطوط الثلاثة يمكننا ان نكتشف الخطوط التي تعاملت مع المواطن باعتبار أنه موجوداً ومعنياً بما يجري، أو تلك التي تعاملت مع المواطن وكأنه مجرد حشرة تقتات على موائد الحكام والمتنفذين فإن تأوّه قيل هذه المؤامرة، وإن صرخ قيل له اسكت ولا تدع المؤامرة تمر، وإن صاح قيل له احذر فهذا يغضب فلاناً وإن تملق فيعطى استمارة للإنتماء إلى مجال الإسناد او مجاميع المصالحة الوطنية او.. أو ...

بعد عشرة أيام لنا موعد فاصل مع أربعة سنوات جديدة، فهل نخلع عن أنفسنا أردية الخنوع للخداع والتخريب المسمى باسماء المقدسات، أم نظل مرتهنين لعبودية الإغراء والإغواء التي كانت ولا زالت سبيلاً بأيدي الحاكم وفقاً للمبدئين القديمين: جوع كلبك يتبعك... وأشبع كلبك يتبعك، فالحاكم يبقى ينظر إلى المواطن بانه مجرد كلب، والكلب إما ان ترمي له عظما فيهز ذيله او تاخذ منه طعامه فيتبعك مجبراً...

المؤلم أن هذه الأمور كانت تمارس من قبل باسماء متعددة، ولكنها في يومنا هذا تنفذ باسماء مقدسة

محسن علي الجابري

النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو محمد باقر
2013-05-03
باعتقادي ان المالكي وبعد النجاح الذي حققه ااتلاف المواطن سيحاول بكل طريقة تسقيطهم من خلال الدعايات المغرضة كما فعل مع الدكتور عادل عبدالمهدي وكما فعل مع الشيخ الخضري او سيحاول ابعادهم عن امساك زمام المبادرة في المحافظات الجنوبية واعطاء التنازلات للاخرين عن طريق ااتلافات يكون ااتلاف المواطن خارجها لان المهم عنده ليس المحافظات بل الانتخابات البرلمانية ولكن الله فوق الجميع
ابو هاني الشمري
2013-04-21
الاخ العزيز محسن الجابري: تركت التعليق لحين ظهور النتائج .. وها هو يوم الحصاد قد اثمر ولعمري ان بعض المحافظات ستكون من حصة قيادة كتلة المواطن وسوف لن احكم من هذه اللحظة ولكن سأنتظر الايام والشهور القادمة ان ابقاني الله كي اري الفرق الذي سيحدث في تصرف القيادة الجديدة ومقدار الخدمة التي سيقدمها الفائزون في الانتخابات من هذه الكتلة لكي نحكم .. وكلي املٌ ان يغيروا النظرة المأساوية والفوضوية التي خلفها اسلافهم ووضعوا بصماتها على اغلب محافظات العراق.
hابو حيدر
2013-04-20
يبدوا مما مر من الكلام الأنف الذكر ان الغيوم السوداء التي تجمعت في سماء العراق منذوا سقوط الصنم وأن السنين العجاف التي ألتفت حول أبناء العراق الذين هم مهد الحضارات العريقة لا أمل أن تنتهي الا بقدرة قادر وكان الله في عونك ياعراق الخير
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك