كان مجلس القضاء الأعلى حاضرًا كلحظة اطمئنان وسط فوضى الخشية والتهديدات الوجودية في المنطقة والعراق ايضًا، فالظهور في اللحظة المناسبة والتدخل المصوّب سلوك طالما اتبعه مجلس القضاء، وهذا ما يكشفه الموقف الأخير والاجتماع شديد الأهمية الذي قاده رئيس مجلس القضاء الأعلى بحضور وزير الداخلية ورؤساء الأجهزة الأمنية والإعلامية في العراق، بالتزامن مع محاولات مشخّصة لاستغلال ظروف المنطقة لزعزعة استقرار العراق الداخلي وضرب النظام السياسي.
رئيس مجلس القضاء الأعلى قال خلال الاجتماع في رسالة علنية مبكرة لإحباط التطلعات لاستغلال الأوضاع، إن "المساس بأمن العراق وسيادته سيكون فيصلا لمحاسبة كل من يحاول النيل من تلك الاستحقاقات الوطنية"، مشيرا الى ان "ما يروج له البعض من الذين يعتقدون أن الجبهة الداخلية تتعرض للزعزعة وعدم الاستقرار فأنهم سيتعرضون للعقوبات القانونية الرادعة، خصوصا وأن الوضع الإقليمي بعد العدوان الصـهيوني الاخير يحتاج إلى وقفة عراقية موحدة لكي ينأى العراق بنفسه عن اية مخاطر تستهدف سيادته ومستقبل شعبه".
القاضي زيدان شدد على ان "القضاء العراقي لن يتساهل او يتهاون مع أي من الذين يحاولون المس بأمن العراق وسيادته مهما كانت مسؤولياتهم"، في إشارة واضحة ودرع استباقي ضد تصريحات سياسية ومحاولات إعلامية للتحشيد ضد النظام السياسي على ما يبدو.
وبينما أشاد رئيس مجلس القضاء الأعلى بدور الاعلام الوطني لوقوفه إلى جانب أمن البلد وسيادة القانون من اجل تعزيز روح التضامن والتلاحم بين الشعب العراقي بجميع مكوناته وطوائفه، عبرت مراكز إعلامية مختصة عن دعمها لمجلس القضاء، والدعوة للمؤسسات الإعلامية بان يكونوا على قدر المسؤولية للحفاظ على التماسك الداخلي.
وقال مركز النخيل للحريات الصحفية في بيان، انه "تابعنا باهتمام بالغ الاجتماع الذي استضافه مجلس القضاء الأعلى للقضاة والاجهزة الامنية وهيئة الاعلام والاتصالات ونقابة الصحفيين لمناقشة الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، وما جاء فيه تصريحات ومواقف مهمة لرئيس مجلس القضاء القاضي الدكتور فائق زيدان والتي تعبر عن حرص كبير على أمن البلد واستقراره وسيادته".
وأكد المركز "دعمه الكامل لمجلس القضاء واجراءاته وقراراته من اجل مصلحة العراق في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، فانه يقدر عاليا الاهتمام الذي يوليه مجلس القضاء بالاعلام العراقي ودفاعه عن الحريات الصحفية والعامة في البلاد".
وأضاف المركز: "ننتهز هذه المناسبة لتجديد الدعوة الى المؤسسات الإعلامية وجميع الزملاء الصحفيين بأن يكونوا على قدر المسؤولية في اشاعة الخطاب الوطني والابتعاد عن اثارة النزاعات والخلافات في وقت تحتاج جبهتنا الداخلية لمزيد من التماسك والوحدة".
ويؤكد مراقبون أن الموقف الحازم والواضح من مجلس القضاء الأعلى جاء بمثابة "احباط مبكر" للمحاولات المشخصة لهز الجبهة الداخلية العراقية على المستوى الأمني والشعبي والسياسي، في محاولة لزعزعة النظام السياسي والتي بدأت منذ احداث طوفان الأقصى ومن ثم سقوط النظام في سوريا وأخيرا العدوان الإسرائيلي على ايران، حيث تربط بعض الشخصيات السياسية مصير النظام السياسي في العراق بمدى "قوة وضعف ايران"، في تشخيص يتجاوز حقيقة الرغبة الشعبية العامة التي تنعكس في الانتخابات العراقية، وهو اشبه ما يكون بـ"الرهان الخاسر".
https://telegram.me/buratha
