ردّت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، اليوم الخميس (5 حزيران 2025)، على بيان أصدرته وزارة النفط الاتحادية، واتهمت فيه الإقليم بالتسبب في تعطيل تصدير النفط، مشددة على أن الحكومة الاتحادية "تتنصل من التزاماتها الدستورية"، وتصر على إدارة الملف النفطي بمنطق مركزي "بعثي" يبتعد عن مبادئ الشراكة.
وذكرت الوزارة في بيان أن "وزارة النفط الاتحادية تصدر مرة أخرى بياناً سياسياً لا علاقة له بالحقائق، وتحاول تحميل الإقليم مسؤولية إخفاقات ناجمة عن سياسات مركزية متراكمة، في حين أن الواقع يُظهر أن بغداد هي من تعطل قانون النفط والغاز الاتحادي منذ سنوات، وتتمسك بقوانين النظام السابق، في تجاوز صريح للدستور".
وأضافت، أن "اتهام الإقليم بتهريب النفط محاولة لصرف الأنظار عن تهريب منظم وواسع للنفط من الجنوب، تمارسه جهات محمية سياسياً، ويجري على مرأى ومسمع الجميع، وبشهادات دولية"، مؤكدة أن "الإقليم سلّم ما يزيد عن 11 مليون برميل من النفط لصالح وزارة النفط دون أن يتلقى أي مقابل مالي، ما أدى إلى توقف الشركات عن التسليم".
ولفت البيان إلى أن "الإقليم التزم باتفاق استئناف التصدير عبر سومو ووافق على وضع الإيرادات في حساب مصرفي مضمون، وتحديد شركة استشارية لمتابعة الملف، لكن غياب الجدية من طرف الحكومة الاتحادية وعدم دفع المستحقات أدّى إلى تعقيد الأمور أكثر".
وأشار إلى أن "توقف التصدير جاء نتيجة دعوى أقامتها وزارة النفط الاتحادية ضد تركيا، وليس بسبب موقف من الإقليم"، مذكّراً بأن "التقاعس عن إنجاز قانون النفط والغاز والانتقائية في تطبيق الدستور هما جوهر الأزمة، وليس تصرفات الإقليم".
وأكدت وزارة الثروات الطبيعية أنها "ماضية في التعاون واستئناف التصدير وفق الأسس الدستورية والاتفاقات الموقعة، شرط احترام الحقوق القانونية والمالية للإقليم والشركات العاملة فيه".
وفي وقت سابق من اليوم، أصدرت وزارة النفط العراقية بيانًا شديد اللهجة حمّلت فيه حكومة إقليم كردستان المسؤولية القانونية الكاملة عن استمرار تهريب النفط من الإقليم إلى خارج البلاد، معتبرة أن ذلك يسبب خسائر مالية كبيرة للعراق ويضر بسمعته الدولية والتزاماته النفطية.
وأكدت الوزارة ضرورة التزام حكومة الإقليم بالدستور وقرارات المحكمة الاتحادية والقوانين النافذة، بما في ذلك قانون الموازنة العامة الذي ألزم الإقليم بتسليم النفط المنتج من حقوله إلى وزارة النفط الاتحادية لغرض تصديره ورفد الخزينة العامة بإيراداته.
وأشارت الوزارة إلى أنها أرسلت مخاطبات رسمية ووفودًا بشكل حثيث ومستمر إلى حكومة الإقليم لتحقيق ذلك، دون جدوى، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية في هذا الصدد.
كما لفتت الوزارة إلى أن عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم النفط أدى إلى خسارتين: الأولى بعدم استلام وتصدير النفط المنتج في الإقليم والاستفادة من إيراداته، والثانية اضطرار وزارة النفط الاتحادية لتخفيض الإنتاج من باقي الحقول النفطية خارج الإقليم التزامًا بحصة العراق في منظمة أوبك، التي تحتسب إنتاج الحقول الواقعة في الإقليم ضمن حصة العراق.
أزمة النفط بين بغداد وأربيل.. جذور قانونية وتعقيدات مالية
تعود جذور الخلاف النفطي بين بغداد وأربيل إلى ما بعد 2005، حين أقرّ الدستور العراقي نظامًا اتحاديًا يمنح الأقاليم صلاحيات واسعة في إدارة الموارد، بما فيها الثروات الطبيعية. غير أن عدم تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي منذ ذلك الحين تسبب في تراكُم الثغرات والتأويلات المختلفة حول "من يملك حق التصدير والتعاقد".
واعتمد إقليم كردستان على قانون خاص به للنفط والغاز عام 2007، وأبرم بموجبه عشرات العقود مع شركات دولية، ما أثار اعتراض الحكومة الاتحادية التي اعتبرت هذه العقود غير شرعية، فيما تمسّك الإقليم بأحقيته الدستورية في التعاقد المباشر.
وتفاقم الخلاف مطلع 2023، حين رفعت وزارة النفط دعوى على تركيا بسبب سماحها للإقليم بتصدير النفط دون الرجوع لبغداد، ما أدى إلى توقف تصدير نحو 400 ألف برميل يوميًا عبر ميناء جيهان التركي. وعلى الرغم من اتفاق مؤقت لاستئناف التصدير، لم تنجح المحادثات بين الطرفين في التوصل إلى حلول دائمة، بسبب الخلافات حول آلية الدفع وتحديد كلف الإنتاج.
ويعد ملف النفط أحد أبرز الملفات العالقة بين المركز والإقليم، إلى جانب ملفات الرواتب، الحدود، والموازنة، ما يجعله اختبارًا دائمًا لقدرة النظام الاتحادي العراقي على تجاوز الانقسامات السياسية والإدارية.
https://telegram.me/buratha
