سوريا - لبنان - فلسطين

مات البطل عاش البطل..جيل يخلف جيل


محمد صادق الحسيني ||

 

·        باجس أبو عطوان ..الشيخ خضر عدنان

 

لم يكن يريد من الثورة أكثر من بندقية، بندقية ليست مجانية، بل سيدفع ثمنها من عمله الشاق في المقهى، من مشيه مسافة 5 كم يوميا من خربته "الطبقة" إلى بلدة دورا، جنوب    الخليل. (٧٨ عملية ضد الاحتلال ) ، نفذت في الجبل والشارع والقرية والخربة، في ضوء الشمس وعتمة الليل، لم يقدم فلاح واحد شهادة واحدة ضد باجس أبو عطوان، فهو لم يقتل بقرة، ولم تمتد يده إلى تينة، ولا إلى عنقود عنب من دالية.

كان يقول دائما لرفاق المجموعة:

"لم نأتِ كجراد، والثورة تدفع مخصصاتنا، وما أكثر ما تتأخر، ولكننا لسنا موظفين في بنك، ولم يستأجرنا أحد لحمل البندقية".

يتصل باجس في الحاكم العسكري:

 آلو، إنني أبو شنار أو باجس أبو عطوان، أريد أن أقول لك إن "أبو علي" راعي الغنم قد ولد له طفل هذا اليوم، وان فلاحا من دورا قدم لنا ثلاثة ديوك وسلة تين وصحارة عنب، وبدأنا نزرع القمح والتين والعنب في الجبل، ولدينا طاحونة، ونحن نأكل خبزا ساخنا، ولدينا بقرة، نحن نشرب الحليب. ثم يلقي باجس بالسماعة ويصرخ الحاكم العسكري آلو آلو.. ثم يُنسَف بيت أبو باجس‫.

 ولد باجس محمود أبو عطوان في بلدة دورا- الخليل عام 1950، بعد أن فقد أهله أراضيهم التي احتلت عام 1948 اضطروا إلى الانتقال إلى أراضيهم الوعرة في خربة الطبقة التي كانت معقلا لمقاومة الانتداب البريطاني.

تلقى باجس تعليمه الإعدادي في مدرسة دورا الثانوية.

بعد حرب حزيران/ يونيو 1967 واحتلال الضفة الغربية عمل باجس أبو عطوان هو ووالده مع المقاومة الوطنية وانضم إلى حركة فتح، وكان بيتهم في "خربة الطبقة" المشرفة على المنطقة التي تحيط بها الأودية والجبال الوعرة ملتقى لرجال المقاومة للتخطيط والتزود بالمؤن والسلاح، كما كان المقهى في دورا مركزا للرصد وتبادل الرسائل والمعلومات. وقد لاحظت المخابرات الإسرائيلية ذلك فجعلت البيت والمقهى تحت المراقبة.

سجن أبو باجس وهدم بيته وطلبت السلطات الإسرائيلية باجس إلا انه رفض تسليم نفسه والتجأ، مع مجموعته إلى الجبل. وهناك شارك باجس في عدة عمليات عسكرية وحاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقاله أو اغتياله عدة مرات، إلى أن تمكنت المخابرات الإسرائيلية أن توصل له، عبر أحد العملاء، صندوق ذخيرة مفخخ، فانفجر بينما كان باجس يحاول فتحه يوم 1861974 مما أدى لاستشهاده.

أخذت القوات الإسرائيلية جثة الشهيد للتشريح، وبعد 24 ساعة تمت إعادتها، وفي صباح يوم الخميس 19/6/1974 نقل الجثمان إلى دورا، ولفّ بالعلم الفلسطيني وسجي في مسجد دورا الكبير، وسارت الجموع بالجنازة إلى مقبرة النبي نوح عليه السلام حيث دفن الشهيد بجوار مدرسته التي تعلم فيها.

رحل باجس عطوان الى جنان الخلد شهيداً كالطود ، وهو بابهى حلته الشعبية المتواضعة ، والتي تحدت قوات الاحتلال في كل بيت وحارة وشارع فلسطيني بكل عنفوان دون ان يعطي العدو اي من اسرار النضال الشعبي الفلسطيني  الخالدة شيئا، بل زادته غموضا.

بعد سنوات من تلك التجربة الفدائية العظيمة.

ظهر جيل جديد  من شعب الجبارين، يحفظ ارث القديم بكل تحنان واصرار ، ويضيف عليه عزا وعنفوانا وصموداً اكثر وغنىً مضاعف.

يذكر كثير منّا الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ليونيل جوسبان في شباط عام 2000 إلى فلسطين، حيث حلّ أولاً ضيفاً على الحكومة (الإسرائيلية)، وهاجم من منابرها المقاومة اللبنانية واصفاً إياها بالإرهاب وما إلى ذلك من عبارات منافقة، ثم حلّ في الجزء الثاني من زيارته على السلطة الفلسطينية التي استقبلته بحفاوة ظاهرة، ومن رام الله قام يرافقه وزير التخطيط والتعاون الدولي (الخارجية) الدكتور نبيل شعث بزيارة إلى جامعة بيرزيت التي ساهمت حكومته بتقديم دعم لها، ومن هناك حاول في خطابه تكرار تطاوله على المقاومة اللبنانية واصفاً إياها بالإرهاب وقتل الأطفال، فتصدّى له بداية شاب في مقتبل العمر (21 عاماً) يدرس الرياضيات صارخاً:

«شعب واحد لا يموت… من بيرزيت إلى بيروت».

كانت هذه الجملة وكأنها كلمة السرّ فانقضّت جموع الطلاب على رئيس الوزراء ممطرينه بالحجارة والزجاجات الفارغة وربما الأحذية، ففرّ من المكان بشكل مهين، حيث طاردت جموع الطلبة سيارته وحطمتها وأصيب إصابة طفيفة في رأسه، وفق ما ذكر مرافقوه (وانْ تمّ نفي ذلك لاحقاً).

كان اسم ذلك الطالب المبادر خضر عدنان *شهيد الصبر والأمعاء الخاوية

 

بعدنا طيببن قولوا الله

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك