سوريا - لبنان - فلسطين

لبنان / عبرة واعتبار من الاقتصاد المنهار


 

د. علي حكمت شعيب* ||

 

لقد عزز نظام الطائف في بداية التسعينات الذي تمحور حول الطائفية السياسية المفهوم الخاطئ لدى اللبنانيين عن الدولة الذي كرسته من قبل صيغة ال ٤٨ .

وهكذا شبّ وترعرع معظمهم على الاعتقاد أن الدولة موجودة لخدمة الطائفة وليس العكس.

الأمر الذي أغرى أمراء الطوائف، الذين كانوا أنفسهم قبل الطائف زعماء الحرب الأهلية في السبعينات، أن ينهبوا من الدولة لتعزيز الانتماء الطائفي.

فأغلب القواعد الشعبية في لبنان للتيارات والأحزاب السياسية يجمعها الانتماء الطائفي بالدرجة الأولى لتأتي الانتماءات الحزبية والوطنية في الدرجات الثانية والثالثة.

وعليه فمن يرد استمرارية لحضوره في البيئة السياسية اللبنانية عليه أن يسخر موقعه في الدولة لخدمة أبناء طائفته.

وهذا كان دأبُ الكثيرين من أصحاب المواقع في الدولة إلا القليل من أصحاب النزاهة والاستقامة.

فتعطلت بذلك السلطات وأصبحت منحازة فاقدة لمصداقيتها بتضييعها ركني العدالة والإنصاف.

بدءاً من القضاء الذي به تستقيم الدولة وانتهاء بأصغر سلطة وظيفية في هيكل الدولة التنظيمي.

وكانت التسويات سيدة الأساليب المعتمدة لحل النزاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية... التي كثرت وتنوعت بتعدد المصالح والعلاقات الطائفية الداخلية والخارجية. 

وانعكس ذلك إرباكاً وتخبطاً وفساداً في الإدارة العامة للدولة على صعيد الرؤى والخطط والأهداف والسياسيات والبرامج... وآليات تنفيذها والرقابة عليها وعطل القصاص على المرتكبين جراء العباءة الطائفية التي التحفوا بها.

ومهد كل ذلك لأزمة اقتصادية حتمية كنتيجة طبيعية لنهب منظم من قبل البعض من أصحاب السلطة في المستويات الإدارية العليا في الدولة ممن فقدوا الرادع القيمي الأخلاقي واستسلموا لأنانياتهم وأهوائهم، وكعاقبة سلبية أكيدة متوقعة لسياسات فاشلة مصلحية طائفية سارت عليها الإدارة العامة للبلد.

أما الآن وقد أُسقط في أيدينا فما يستفاد من الأزمة هو صدمتها في كيّ الوعي لدى اللبناني من أن هؤلاء الأمراء ومنظومتهم قد تهاوت.

فليُعد النظر بهذا الواقع كله وبشكل سريع لأخذ العبر والتغيير من أجل الترميم وإعادة البناء فعند تضايق حلقات البلاء يأتي الفرج.

وهذا الفرج لا يصنعه إلا اللبناني في حال قرر تغيير ما في نفسه من مفاهيم وأفكار أثبت الواقع سوء عاقبتها.

 

   *أستاذ جامعي ـ الجامعة اللبنانية ـ بيروت

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك