طاهر باقر
نحن نمثل مدرسة فكرية عقائدية لها جذور في التاريخ والحضارة، وقد تبرز هنا وهناك نماذج لهذا النضج الحضاري مثل زيارة الاربعين العظيمة فهي رمز لمانملكه من رقي حضاري يصل الى انجاز هذا المشروع الذي تعجز عن القيام به دول عظمى، ومن هنا لابد ان يرتفع شعب الامام الحسين عليه السلام في هذه المسيرة الى مستوى تمثيل الحضارة الاسلامية والقضية الحسينية بأروع صورة.
هناك من يقدم صورة دموية وبشعة للاسلام، يقتل ويذبح ويسبي ويهين المقدسات؛ لكنكم انتم المتوجهون الى كربلاء المقدسة تقدمون صورة مختلفة للاسلام انها الصورة التي رسمها الامام الحسين عليه السلام، ويجب ان تظهر عبر ملامحكم ومن خلال سلوكياتكم واخلاقكم السامية الرفيعة ويجب ان يشاهد من يجلس خلف التلفاز الفرق بين الاسلام الحسيني والاسلام اليزيدي الاموي.
في البداية يجب ان يدرك كل زائر للحسين بانه يحمل قضية، فهو لم يأت من اجل السير على الاقدام فحسب او من اجل ملئ بطنه من الطعام والشراب، الزائر للحسين يحمل في ذهنه قضية بوسعة الكرة الارضية وهي قضية اصلاح الحياة، لان الامام الحسين عليه السلام لم يخرج اشرا ولا بطرا بل خرج لطلب الاصلاح في امة جده.
وفي المرحلة الاولى يجب ان يشعر الزائر بالمسؤولية تجاه دينه وشعبه ووطنه، ومثلما تحمل الامام الحسين عليه السلام مسؤولية عطاء الدم وقام بالتضحية بما يملك من اجل دينه وامته، يتعين على كل زائر ان يشعر بالمسؤولية حتى يستطيع القول بانه على نهج الامام الحسين وانه يسير على خطاه.
ولو تعمقنا في فكر الامام ونهجه سنجد انه يدعو الى كلمة واحدة هي الاصلاح وفي كل عام جديد نقدم فيه الزيارة يجب ان نسال انفسنا ماهو الاصلاح الذي يجب ان نقدم عليه من اجل تطوير بلدنا وتنمية شعبنا؟ ماهو الفساد الذي يجب ان نشتثه لتحقيق هدف الاصلاح الذي اراده الامام الحسين عليه السلام ؟ مالذي يتوجب علينا القيام به من اجل تحقيق العلو والسمو لبلدنا والازدهار والتنمية لشعبنا؟.
نسال انفسنا ماهو الخلل الموجود في بلدنا وماهي المعايب الموجودة في شعبنا ويحثنا الامام الحسين على اصلاحها؟ لابد من وجود الكثير من الامور التي بحاجة الى الاصلاح حتى نحول بلدنا الى واحة ينعم فيه الامن والسلام والازدهار، وبالطبع هناك نواقص في بلدنا وفي شعبنا وازمات نعيشها ولابد من ايجاد الحلول لها.
نحن نعيش في سفينة واحدة ولايجوز ان يتصرف افراد هذه السفينة كما يحلو لهم ويحاولون ان يغيروا دفة السفينة الى وجهة مخالفة للمسار السليم وانما نتجه في مسار واضح هدفه بناء الوطن والقضاء نهائيا على ظواهر مثل الفقر والفساد والجريمة والادمان على المخدرات وغيرها من المثالب المدمرة للمجتمع الاسلامي.
انت اليوم امام شاشات العالم تمثل فردا من افراد شعب الامام الحسين عليه السلام، ولذا يجب ان تظهر باجمل مظهر يمكن ان يشاهدك فيه العالم، ومن اهم الخصال التي يجب ان تظهر عليك هي مبادئ الاسلام الشريف، فالامام الحسين عليه السلام استشهد في سبيل هذا الدين الشريف الذي فيه انبل القيم والمبادئ وهنا يجب ان تتجسد هذه المبادئ والقيم بشكل عملي في هذه المسيرة العظيمة.
الاحظ بعض الاخوة من الصحفيين وهم يركزون على المحتوى المعنوي والفكري للزيارة كذاك الصحفي الذي يغطي جهود الاخوة المؤمنين الذين نصبوا خيمة لتعليم الشباب الحسيني تلاوة القرآن الكريم واهمها سورتي الفاتحة والتوحيد وعلى كل مسلم ان يجيد قراءة هاتين السورتين لان الخطأ في تلاوتهما مبطل للصلاة.
يجب ان نقدم اروع الامثلة في الالتزام بالاخلاق الاسلامية حينما نسير الى الامام الحسين عليه السلام، والمطلوب هو ارقى درجة من الالتزام بهذه الاخلاق لاننا كما قلنا نمثل في هذه الزيارة شعب الامام الحسين عليه السلام ولابد لكل واحد منا ان يسجل اسمه ضمن افراد هذا الشعب وذلك بعد ان يرتقي باخلاقه الى المستويات العليا واشك بان الامام سيقبل بين افراد شعبه من هو سيئ الخلق ويتفوه بالكلام القبيح او السباب البذيئ او يقلل من قدسية الذات الالهية فلكي تسجل اسمك من ضمن افراد شعب الامام الحسين عليه يتعين عليك ان تنزه لسانك عن الكلام القبيح ليس مع الغرباء فحسب بل حتى مع ابنائك واقربائك.
بامكانك ان تسجل اسمك في ديوان انصار الحسين عليه السلام من خلال التزامك بالمبادئ والقيم الدينية وبامكانك ان تشطب اسمك من هذا الديوان من خلال افعال شائنة تقوم بها وهي لاتمثل بلا شك اخلاق انصار الحسين كالاختلاف على الامور التافهة مع بقية الافراد السائرين للحسين او مع بقية المواكب.
كل مايريده الاسلام منك يجب ان تطبقه بحذافيره في هذه المسيرة المباركة، فنحن نقول بان اتباع اهل البيت صلوات الله عليهم يمثلون حقيقة الايمان وهذه الحقيقة يجب ان تكون واضحة للعيان من خلال تقيدك والتزامك بكل المبادئ الاسلامية وتطبيقها على ارض الواقع.
نحن في هذه الاجواء نعيش في مملكة الحسين عليه السلام ونحن نعتقد بان الامام يرى اعمالنا ومن هنا ليس امامنا سوى ان نثبت انتمائنا الى هذه المدرسة من خلال افعالنا وليس اقوالنا فهذا المكان الوحيد الذي لاينفع فيه النفاق، وهنا تسأل هل بامكاني ان اعصم نفسي عن الذنب في هذه المسيرة؟
هذه المسيرة هي مدرسة نتعلم فيها وندرب انفسنا بعدم ارتكاب الذنوب والاخطاء، ويمكن من خلال هذه المسيرة ان نرفع انفسنا الى مصاف الاشخاص الذين اجتباهم للقيام بادوار رسالية عظيمة فانت الآن في الموقف نفسه وبامكانك ان تحمل هذه الرسالة بشكل فعلي وليس بالكلام فقط.
الذي يشجعنا على هذا الحديث هو المستوى الراقي الذي نلاحظه في هذه المسيرة من كل فئات المجتمع الحسيني صغارا وكبارا ولكن مانصبوا اليه هو اعظم مما يحدث تمهيدا لقيادم دولة صاحب الزمان عندما يكون الامام بحاجة الى افراد تتمثل بهم هذه الخصال الطيبة وعلى اساسها تبنى الدولة الفاضلة التي حلم بها الفلاسفة وتغنى بها الشعراء والادباء.
دولة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ستكون الدولة النموذجية في العالم والشعب الذي يقيم هذه الدولة لديه خصال غير موجودة في بقية الشعوب، فالكرم العراقي قد شهده القاصي والداني، ولامثيل له في كافة بلاد العالم، وتواضع خدام الامام الحسين عليه السلام لم نجد له مثيلا له في القارات السبع والتضحية في سبيل المبادئ هو ظاهر في هذه الشعيرة العظيمة، والاخوة في هذه المسيرة لانجد لها مثيلا في كافة ارجاء المعمورة، التكاتف الذي يحصل في زيارة الاربعين لانجاح هذا الحدث العظيم قل نظيره في كافة بلاد العالم.
لقد ضربت زيارة الاربعين الرقم القياسي على كافة الاصعدة الانسانية ونريد المزيد لاننا لانملك غير خيار واحد هو ان نظهر الصورة الارقى والاسمى للاسلام في هذه المسيرة العظيمة وان نعمل على القضاء على الظواهر السلبية ومن بينها انتشار النفايات والقاذورات في طريق الزائرين.
يجب ان يفهم الزائر الى الحسين صغيرا او كبيرا ان هذه الشعيرة مقدسة وشارع له قدسيته ويجب احترامه ومن غير السائغ لهذا الشخص الذي يسير على هذه الارض المقدسة ان يرمي الازبال في هذا الشارع وفي هذه المسيرة مما يقدم صورة بشعة عن اتباع اهل البيت صلوات الله عليه بانهم لايراعون اصول النظافة الاسلامية ولذا ادعو المشايخ الموجودين في هذه المسيرة المباركة ان يوضحوا قدسية الشعيرة وقدسية المكان للزائر وان يوجهوه الى اهمية نظافة المكان وان لايرمي مافي يده في هذا الطريق المقدس.
"مسيرة الاربعين هي مسيرة الحضارة وشعب الحسين هو الشعب الذي سيقود البشرية الى ارفع واسمى حضارة تشهدها البشرية فهل انت مستعد لان تكون احد افراد هذه الامة؟".
https://telegram.me/buratha
