الصفحة الإسلامية

رمضان..والكنز في الجزيرة

151 2025-03-13

طاهر باقر

من اكثر الافلام التي نحبها في الصغر هي افلام مغامرات الكنز في الجزيرة، فهي تداعب مخيلة الانسان بصور ومواقف جميلة عن مسعى الانسان للوصول الى اهدافه من خلال خوض غمار البحار واهوال المحيطات والتصدي للامواج العظام ومواجهة الحيتان واسماك القرش ومن ثم الوصول الى الشواطئ، افلام تتضمن احداثا مشوقة، وعمليات بحث في الادغال عن الكنوز المخبأة في الكهوف والمغارات، وعادة ما تتضمن تلك الافلام مشاهد عنيفة لاشتباكات بالايدي ونزاعات بالسيوف من اجل الحصول على تلك الكنوز.

هناك كنوز اعظم من تلك التي نشاهدها على شاشات التلفزة، كنوز الله التي ادخرها سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين هي عظيمة الى درجة انه عزوجل يصفها كما في الحديث القدسي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهي كنوز بامكان اي انسان الحصول عليها من دون الحاجة لان يغامر ويسافر عبر المحيطات او يتعرض للاهوال والاخطار او يتقاتل من اجلها.

ومثلما اخفيت كنوز الذهب والمجوهرات في عمق الجزيرة بالكهوف والمغارات فقد اخفى الله سبحانه وتعالى مجوهراته في شهر رمضان وخبأ عز وجل كنوزا ثمينة في هذا الشهر المبارك باعتباره افضل الشهور واكثرها خيرا وبركة، وهنا لابد من ان نشمر السواعد في سبيل الحصول على تلك الجواهر الثمينة.

صحيح؛ نحن تحدثنا عن كنوز مخفية لرب العزة، لكن الامر لايستوجب المغامرة والعبور من الاهوال، وغاية مافي الامر هو ان تتوجه الى كتب الادعية والزيارات لتجد هناك امام مرآك ابسط الاعمال تكافئ على ادائها باعظم الثوابات وفي كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، هناك اعمال وصلوات يقوم بها المؤمنون ولكل واحدة من تلك الاعمال والدعوات والصلوات ثواب عظيم مما لايخطر على بال بشر، وقد اوردت كتب الادعية والزيارات معظم تلك الاعمال.

لقد ادخر الله سبحانه وتعالى معظم جواهره ولآلئه وكنوزه في شهر رمضان المبارك والعمل فيه يساوي اضعافا مضاعفة للعمل الذي تقوم به في بقية الشهور من الادعية والصلوات وتلاوة القرآن الكريم ومن هنا ذكر عزوجل في سورة القدر " ليلة القدر خير من الف شهر".

فلياليها اعظم من ليالي شهر رمضان المبارك وليالي السنة ولذا ثواب الاعمال فيها تكون بالف ضعف، ولما بحثت في روايات اهل بيت النبوة صلوات الله عليهم عن افضل الاعمال في ليالي القدر وجدت انه "تدارس العلم" ومع كل هذا الحث على العلم في ثقافتنا الاسلامية لكن وللاسف تعد بلداننا العربية هي من البلدان المتأخرة قي مجال العلم والمعرفة.

ولو سألنا الناس هل ترغبون بان يكون شهر رمضان على مدار السنة؟ ماذا سيكون جوابهم؟

قليل منهم من يرغب بذلك لانهم لايعرفون ماذا خبأ لهم الله سبحانه من الخير والبركة في هذا الشهر الفضيل، ولو كانوا يعرفون ذلك لتمنوا ان يكون شهر رمضان على مدار السنة وفي هذا الصدد هناك حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول " لو يعلم العبد ما في رمضان لود أن يكون رمضان السنة، فقال رجل من خزاعة: يا رسول الله! وما فيه؟ فقال صلى الله عليه وآله: إن الجنة لتزين لرمضان من الحول إلى الحول، فإذا كان أول ليلة من رمضان هبت الريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة، فتنظر حور العين إلى ذلك، فيقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقربهم أعيننا وتقر أعينهم بنا، فما من عبد صام رمضان إلا زوجه الله تعالى من حور العين في خيمة من درة مجوفة، كما نعت الله سبحانه في كتابه " حور مقصورات في الخيام " على كل واحدة منهن سبعون ألف حلة ليست واحدة منها على لون الأخرى و يعطى سبعين ألفا من الطيب ليس منها طيب لون آخر، وكل امرأة منهن على سرير من ياقوتة حمراء، متوشحة من در عليها سبعون فراشا بطائنها من إستبرق وفوق سبعين سبعون أريكة لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة بيد كل وصيفة منهن صفحة من ذهب فيها لون من طعام، هذا لكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من حسنات" (1)

وتخيلوا ان الامام الصادق عليه السلام حاضرا معنا في هذا الشهر الشريف ماذا كان سيوصينا ان نعمل فيه، وهذه وصيته لابنائه " فاجهدوا أنفسكم فإن فيه تقسم الأرزاق، وتكتب الآجال، وفيه يكتب وفد الله الذين يفدون إليه، وفيه ليلة العمل فيها خير من العمل في ألف شهر" (2).

ونحن المذنبون المقصرون نمتلك فرصة استثنائية في شهر رمضان لأن نرفع عن كاهلنا كل اثقال الذنوب ونولد من جديد مع صفحة ناصعة البياض على امل ان تشملنا رحمة الله في الآخرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " شهر رمضان شهر فرض الله عليكم صيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (3) والامام الصادق يبين كيف ان شهر رمضان المبارك فرصة استثنائية ويقول : من لم يغفر له في شهر رمضان ما يغفر له إلى قابل إلا أن يشهد عرفة (4)

ومن لم يغتسل في شهر رمضان من ذنوبه وآثامه من اين سيحصل على فرصة مماثلة ليفعل ذلك؟ فشهر رمضان ليس كبقية الشهور تغمر فرحته قلوب الناس كافة، وبرغم المعاناة والجوع والعطش ففي قلوب المؤمنين شوق للقاء شهر رمضان، واعرف من المرضى من يحزن اذا جاز له الطبيب عدم الصيام، والمؤمن اكثر حزنا عندما تنصرم ايام الشهر الكريم وكان بوده ان يجمع المزيد من جواهره ولآلئه الكثيرة.

بقلم : طاهر باقر

الهوامش:

(1) : بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٣ - الصفحة ٣٤٧- http://shiaonlinelibrary.com

(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٣ - الصفحة ٣٧٥ - http://shiaonlinelibrary.com

(3) نفسه

(4) نفسه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك