الصفحة الإسلامية

الفرق بين الكتاب والفرقان الواردة في أحد آيات القرآن الكريم (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قال الله تعالى "وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ﴿البقرة 53﴾ الْكِتَابَ: الْ اداة تعريف، كِتَابَ اسم. وَالْفُرْقَانَ: وَ حرف عطف، الْ اداة تعريف، فُرْقَانَ اسم. الكِتابَ: هو التوراة. والفُرقَانَ: ما يفرق بين الحق والباطل. واذكروا نعمتنا عليكم حين أعطينا موسى الكتاب الفارق بين الحق والباطل -وهو التوراة-؛ لكي تهتدوا من الضلالة.

 

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قال الله تعالى "وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ﴿البقرة 53﴾ (و) اذكروا "إذ آتينا" أي أعطينا "موسى الكتاب" وهو التوراة (و الفرقان) اختلفوا فيه على وجوه (أحدها) و هو قول ابن عباس إن المراد به التوراة أيضا و إنما عطفه عليه لاختلاف اللفظين كقول عنترة: أقوى و أقفر بعد أم الهيثم) و قال عدي بن زيد: و قددت الأديم لراهشيه * و ألفى قولها كذبا و مينا. والمين الكذب (وثانيها) أن الكتاب عبارة عن التوراة و الفرقان انفراق البحر الذي أتاه موسى عليه السلام (وثالثها) أن المراد بالفرقان بين الحلال و الحرام و الفرق بين موسى و أصحابه المؤمنين و بين فرعون و أصحابه الكافرين بأشياء كثيرة منها أنه نجى هؤلاء وأغرق هؤلاء (ورابعها) أن المراد بالفرقان القرآن و يكون تقديره و آتينا موسى التوراة و آتينا محمدا الفرقان فحذف ما حذف لدلالة ما أبقاه عليه كما حذف الشاعر في قوله: تراه كان الله يجدع أنفه * و عينيه إن مولاه كان له وفر. يريد و يفقأ عينيه لأن الجدع لا يكون للعينين و اكتفي بيجدع عن يفقأ و قال آخر: يا ليت بعلك قد غدا * متقلدا سيفا و رمحا. أراد و حاملا رمحا و هو قول الفراء و قطرب و ثعلب و ضعف قوم هذا الوجه لأن فيه حمل القرآن على المجاز من غير ضرورة مع أنه تعالى أخبر أنه آتى موسى الفرقان في قوله "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ" (الأنبياء 48) و قوله "لعلكم تهتدون" أي لكي تهتدوا بما في التوراة من البشارة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلّم و بيان صفته.

 

ورد آتينا موسى الكتاب "آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ" (البقرة 53)، و (البقرة 87)، و (الأنعام 154)، و (الاسراء 2)، و (المؤمنون 49)، و (الفرقان 35)، و (القصص 43)، و (السجدة 23)، و (فصلت 45). عن الدكتور عبد الرزاق منصور كما جاء في موقع لنكد: واختتمت قصة بني إسرائيل بالآية "وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" (البقرة 53) مما يعني أن موسى أرسل لهم بالكتاب والفرقان الذي يتضمن العلم والمعرفة المتعمقة.

 

جاء في موقع آل الراشد عن الفرق بين القرآن والفرقان والكتاب والذكر: القرآن له صياغة كلامية سلسة قابلة للذكر والوعي (الحفظ): “ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (ص 1) والناس يأتيهم الذكر ليذكرهم بما أنزل إليهم فيكفرون بلا حجة إلا اتباع الآباء: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (فصلت 41) والكتاب كله غرضه التذكير: “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (القصص 43) فإذا نحن انتقلنا إلى الفرقان وجدناه يأتي بمعنى التفرقة والفصل وهو أعطي للرسول الكريم ولغيره فهو ليس مختصا بالرسول محمد فقط: َوإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة 53) فالله يؤتي سيدنا موسى الفرقان مع الكتاب وليس هو فقط من يؤتى الفرقان بل كذلك أخاه هارون: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ" (الأنبياء 48) ِنَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ من قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ" (آل عمران 3-4) بل ومن يتق الله يجعل له فرقانا: "ِيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (الأنفال 29) "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ “ ويوم بدر كان يوم فرقان لأن الله تعالى قد وعد النبي الكريم في خارج القرآن بإحدى الطائفتين (وهذا ينسف دعاوي القائلين بعدم وجود أي وحي بخلاف القرآن “وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" (الأنفال 7) وتحقق الوعد وجاء ذكر هذا الوعد في الكتاب في الآية المذكورة. لذلك كان هذا يوم تفريق بين الحق والباطل بجند الله من الصحابة والملائكة. ِإن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأنفال 41) والفرقان كما قلنا الجزء العلمي الطبيعي التاريخي وبهذا الجزء يكون الإنذار: “تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً" (الفرقان 1) أما افعل ولا تفعل فليس فيها أي إنذار.

 

ويستطرد موقع آل الراشد مبينا: إذا نحن انتقلنا إلى “الكتاب” وجدنا أنه متعدد الاستعمالات فهو يأتي مثلا بمعنى اسم الجنس لمطلق الكتب التي أنزلت على الرسل: َلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ" (البقره 177) هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ" (آل عمران 119) ونود أن نشير إلى ملاحظة قد يكون غفل عنها الكثيرون وهي أن الله تعالى لم يقل في كتابه أبدا أنه أتى موسى التوراة وإنما يقول أنه آتاه الكتاب. وكذلك لم يؤت فرد الكتاب في القرآن إلا إثنانسيدنا الرسول صل الله عليه وسلم وسيدنا موسى. لذا فيمكننا القول باطمئنان تام أن ما كل ما سبق سيدنا موسى وكل ما جاء بعده كان عبارة عن صحف أو زبر أو كتب وليست الكتاب أما الكتاب الشامل الكامل الجامع المشتمل على العقائد والأحكام والتاريخ والطبيعة والنبؤات فكان لإثنين فقط وهما الرسول وسيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام: ” ُثمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ" (الأنعام 154) وذكر فيه نبؤات: "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً" (الإسراء 4) وقيل للرسول الكريم صل الله عليه وسلم: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل 89) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا" (الكهف 1) والكتاب لأنه كتاب شامل جامع كفاية وهداية: ” أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (العنكبوت 51) وهو لتمامه رافع للخلاف في الكتاب السابق: "وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (النحل 64) إذا فالكتاب أعطي مباشرة لإثنين هما موسى ومحمد عيهما الصلاة والسلام أما ما عداهما فكان بواسطة أو مكررا فسيدنا عيسى مثلا لم يُعط كتابا جديدا وإنما أعطى كتاب موسى: "َولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (البقرة 87) "َوآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (المائدة 46) "وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (الزخرف 63) "َوإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ" (المائده 110) "وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ" (آل عمران 48) فسيدنا عيسى أوتي الإنجيل وهو ليس كتابا شاملا جامعا يستحق وصف الكتاب لأنه خلا من الأحكام إلا الأمر باتباع ما ورد في الكتاب الذتي أوتي لموسى والذي علمه الله تعالى لسيدنا عيسى وسيدنا عيسى ويحيي أوتيا الكتاب الذي أوتاه سيدنا موسى ليذكرا به: "َ”يا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً” (مريم 12) “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً”مريم 30 فالله آتاه كتاب موسى ليذكر قومه بما فيه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك