الصفحة الإسلامية

كتاب الحج للشيخ السبحاني والقرآن الكريم (ح 6)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الحج في الشريعة الإسلامية الغراء للشيخ جعفر السبحاني: قوله سبحانه: "فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ" (النساء 12)، فإنّ المتبادر منها انّ تملك الوارث أو جواز التصرّف بعد إخراج سهم الوصية أو الدين. صحيح عبّاد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل فرّط في إخراج زكاته في حياته، فلمّا حضرته الوفاة حسب جميع ما فرّط فيه ممّا لزمه من الزكاة ثمّ أوصى أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له، قال: فقال: (جائز يخرج ذلك من‌ جميع المال، إنّما هو بمنزلة الدين لو كان عليه ليس للورثة شي‌ء حتّى يؤدّى ما أوصى به من الزكاة)، قيل له: فإن كان أوصى بحجّة الإسلام؟ قال: (جائز يحج عنه من جميع المال).

 

وعن الاجارة يقول الشيخ السبحاني في كتابه: في (المستمسك) و غيره: بأنّ تجدّد القدرة يكشف عن عدم القدرة من أوّل الأمر، فيكشف عن بطلان الإجارة. و يمكن أن يقال: إنّه كون المورد جامعا للشرائط حدوثا، موضوع لوجوب الوفاء به دائما أي حدوثا و بقاء فإذا شمله قوله سبحانه: "أَوْفُوا بِالْعُقُود" (المائدة 1)، لأجل كونه جامعا للشرائط حدوثا يبقى حجة إلى أن يدلّ دليل على الخلاف، و توهم انّ الشمول مشروط ببقاء عجزه، مردود بأنّ لازمه عدم صحّة العقد على سبيل الجزم إلّا بعد إحراز عجزه بقاء و هو كما ترى، فإنّه يستأجر و إن لم يعلم مصير الأجير من حيث بقاء العجز و عدمه.

 

وعن النذر يقول الشيخ جعفر السبحاني: النذر لغة و اصطلاحا النذر لغة: هو الوعد كما في (مجمع البحرين). و في (القاموس): النذر هو النحب و فسر النحب بالوعد. و في المقاييس: (النذر بمعنى الخوف)، و يشهد له موارد في الكتاب العزيز، كقوله سبحانه: "وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ" (التوبة 122) و أمّا اصطلاحا فهو التزام المكلّف بفعل أو ترك متقرّبا إلى اللّه كأن يقول: إن عافاني اللّه فللّه عليّ صدقة، أو صوم ممّا يعدّ طاعة، و لأجل ذلك اشترط في متعلّق‌ النذر، الرجحان، ليصحّ التقرّب به، كما إذا كان واجبا أو مستحبّا و لا يكفي كونه مباحا بالمعنى الخاصّ. و عرّفه في (الدروس) بأنّه التزام الكامل، المسلم، المختار، القاصد، غير المحجور عليه، بفعل أو ترك بقوله: للّه ناويا القربة. و على ضوء ما ذكرنا من التعريف فحقيقة النذر عبارة عن تعليق فعل الأمر الراجح على تحقّق أمر، فلا يكون النذر إلّا معلّقا، و يؤيّده قوله سبحانه: "إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مٰا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً" (ال عمران 35)، أي أوجبت لك إن كان ما في بطني ذكرا أن أجعله محررا خادما للبيعة، و لمّا وضعتها أنثى و هي لا تصلح للخدمة لما يلحقها من الحيض و النفاس قالت كما جاء في الآية: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهٰا أُنْثىٰ" (ال عمران 36) فالنذر كان معلّقا لا مطلقا. و أمّا قوله سبحانه مخاطبا مريم "فَإِمّٰا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا" (مريم 26)، فالمراد من الصوم هو الصمت، أي أوجبت على نفسي للّه أن لا أتكلم، و هو محمول على النذري اللغو، أي العهد، و يحتمل أن يكون الشرط مقدّرا، أي نذرت إن كلّمني أحد في أمر ولدي أن أقول له: إنّي نذرت للرحمن صوما. و لذلك ذهب المرتضى إلى بطلان النذر المطلق، طاعة كان أو معصية، و قال: إنّ العرب لا تعرف من النذر إلّا ما كان معلّقا، كما قاله (تغلب) و الكتاب‌ و السنّة وردا بلسانهم، و النقل خلاف الأصل، و كأنّه لأجل ذلك يقول صاحب القاموس: النذر ما كان وعدا على شرط: (فعليّ إن شفى اللّه مريضي كذا)، و أمّا (عليّ أن أتصدّق بدينار)، فليس بنذر. اليمين لغة و اصطلاحا اليمين لغة: هي الجارحة، و المراد به في المقام هو الحلف، و وجه استعمالها فيه هو أنّ القوم إذا تحالفوا ضرب كلّ واحد منهم يمينه على يمين صاحبه. و قيل: هو مأخوذ من اليمين بمعنى القوّة كما في قوله سبحانه: "وَ السَّمٰاوٰاتُ مَطْوِيّٰاتٌ بِيَمِينِهِ" (الزمر 67)، لأنّ الشخص به يتقوّى على فعل ما يحلف على فعله، و ترك ما يحلف على تركه. و أمّا اصطلاحا فهو الحلف باللّه أو أسمائه الخاصّة على فعل شي‌ء في المستقبل أو تركه كذلك، كما تقول: و اللّه لأفعلنّ أو و اللّه لا أفعله، و لا يشترط في متعلّقه الرجحان، بل يكفي كونه مباحا في مقابل كونه مكروها أو حراما.

 

وعن يمين الكافر يقول الشيخ السبحاني في كتابه: أنّ المشهور عند جمع من الأصحاب هو صحّة يمين الكافر وفاقا للشافعي و عدم صحّة نذره، و ليس في المسألة إجماع لا في جانب اليمين جوازا و لا في جانب النذر منعا، فلندرس حكم يمين الكافر و نذره واحدا بعد الآخر. صحّة يمين الكافر الأقوى صحّة يمين الكافر إذا قلنا بأنّ الكافر مكلّف بالفروع كما هو مكلّف بالأصول، و يكفي في ذلك. 1. إطلاقات الكتاب و السنّة، مثل قوله سبحانه: "لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ وَ لٰكِنْ يُؤٰاخِذُكُمْ بِمٰا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمٰانَ فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا حَلَفْتُمْ وَ احْفَظُوا أَيْمٰانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (المائدة 89) و كون الخطاب للمؤمنين، لا يمنع من التمسّك به بعد كون الكفّار محكومين بمفاد الآية. 2. و صحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أهل الملل يستحلفون؟ فقال: (لا تحلّفوهم إلّا باللّه عزّ و جلّ).

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك