الصفحة الإسلامية

اشارات السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن القرآن الكريم من سورة الأنعام (ح 86)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وجوب النظر في أدلة الدين على كل من بلغته دعوته: ومن جميع ذلك يظهر وجوب الفحص عن الدين الحق والنظر في الأدلة، لمعرفته والوصول إليه، تحفظاً من ضرر مخالفته على تقدير قيام الحجة الكافية عليه، وعدم اكتفاء الإنسان بما عنده. إلا أن يقطع معه بالسلامة، لاستفراغه الوسع في الفحص عن الحقيقة، والنظر في أدلتها وتنقيحه، بحيث يكون على بصيرة من أمره وعذر عند ربه. ولا فرق في ذلك بين من آمن بالله تعالى وبرسله وبالبعث والجزاء ومن لم يؤمن بهذه الأمور. فإن من لا يؤمن بها كيف يتسنى له اليقين بعدمها بوجه يعذر فيه عقلاً من دون فحص ونظر، مع وجود من يدعي ثبوته، وقيام الدليل عليه، وإلزام الحجة بها؟. وبعبارة أخرى: إذا بقي الإنسان غافلاً من دون تنبيه فقد يعتقد بدواً بأنه لا وجود إلا للمحسوس، وليس وراء هذه الحياة شيء. أما إذا خرج عن غفلته وبلغته الدعوة، وعلم أن هناك أمة كبيرة من الناس تدعي تحقق بعض الأمور غير المحسوسة ذات الأهمية الكبرى، وتحاول إثباتها والاستدلال عليه، فلا طريق له إلى اليقين بعدمها من دون نظر في أدلتها وحججه، لأن اليقين بالعدم كاليقين بالوجود لابد له من دليل. ولاسيما أن بعض من يدعي ذلك قد بلغ مراتب عالية في العقل والرشد والمعرفة، كالأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكثير من أتباعهم رضي الله عنهم. ومدعي القطع بالعدم مع ذلك من دون نظر في الأدلة مكابر مغالط، لا تنفعه دعواه مهما أصرّ عليها وتشبث به، ولا يكون معذوراً عقل، فلا يأمن من الضرر المدعى، الذي سبق وجوب دفعه. وأما دعوى: أنه يكفي في المعذرية الشك الحاصل له، ولا ملزم معه بالنظر في الدعوة والفحص عن أدلتها من أجل أن يعلم بالحقيقة ويتحمل مسؤوليته، لما هو المعلوم من قبح العقاب بلا بيان. فيدفعها أن الشك لا يكون عذراً عقلاً إلا بعد استفراغ الوسع في الفحص عن الأمر المشكوك. ويكفي في البيان الرافع للعذر البيان بالوجه المتعارف الذي من شأنه أن يطلع عليه الناس بالفحص والنظر. ولا أقل من احتمال ذلك، بسبب ما تظافرت الأدلة به من وجوب الفحص والنظر. وفي حديث مسعدة بن زياد: (سمعت جعفر بن محمد عليهم السلام وقد سئل عن قوله تعالى: "فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ" (الانعام 149) فقال: إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد: أكنت عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهل، قال له: أفلا تعلمت؟ فيخصمه. فتلك الحجة البالغة لله عزّ وجلّ على خلقه). وحينئذٍ يجب الفحص دفعاً للضرر المحتمل. وإن تجاهل الإنسان ذلك كله، وأقام على جهله، غير مبال بعاقبته تسامحاً أو عناد، فشأنه وما اختار لنفسه، وعما قريب يصل إلى النهاية المحتومة، ويكشف الغطاء، وتتجلى الحقيقة، ويخسر المبطلون. و "لاَ يَنفَعُ نَفساً إيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أو كَسَبَت فِي إيمَانِهَا خَيراً قُل انتَظِرُوا إنَّا مُنتَظِرُونَ" (الانعام 158). وفي حديث العيص بن القاسم: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله، وانظروا لأنفسكم، فإن أحق من نظر لها أنتم. لو كان لأحدكم نفسان فقدَّم إحداهما وجرَّب بها استقبل التوبة بالأخرى كان، ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد ذهبت والله التوبة).

عن كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: موقف قريش من تأثر الناس بالقرآن: ولذلك كان تأثيره سريعاً ظاهراً في سامعيه، حتى خشيت قريش أن يغلبوا به على أمرهم، فحاولت منع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مخالطة الناس، خوفاً من أن يقرأ القرآن الشريف عليهم ويحدثهم فيأخذ بقلوبهم ويؤمنوا به. ومن الطريف في ذلك ما روي في لقاء الأنصار معه. فقد ذكروا أن أسعد بن زرارة وذكوان من الخزرج ذهبا إلى مكة معتمرين يسألان قريش الحلف على الأوس. وكان أسعد صديقاً لعتبة بن ربيعة، فذكر له ذلك، فردّ عليه عتبة بأنهم مشغولون عن ذلك بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه قد سفّه أحلامن، وسبّ آلهتن، وأفسد شبابن، وفرّق جماعتن. وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج قد سمعوا من اليهود الذين عندهم أن هذا أوان نبي يخرج بمكة، يكون مهاجره بالمدينة، لنقتلنكم به يا معشر العرب. فلما سمع أسعد كلام عتبة وقع في قلبه أنه هو الذي سمعه من اليهود. قال: فأين هو؟ فقال: هو جالس في الحجر. ثم قال له: فلا تسمع منه ولا تكلمه، فإنه ساحر يسحرك بكلامه. فقال له أسعد: فكيف أصنع وأنا معتمر لابد لي أن أطوف بالبيت؟ قال: ضع في أذنيك القطن، فدخل أسعد المسجد وقد حشا أذنيه قطن، فطاف بالبيت فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجازه. فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أجد أجهل مني، أيكون مثل هذا الحديث بمكة، ولا نعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم؟. ثم رمى بالقطن وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنعم صباح. فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه إليه، وقال: قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا تحية أهل الجنّة: السلام عليكم. فقال له أسعد: إن عهدك بهذا قريب. إلى ما تدعو يا محمد؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأدعوكم: "ألاَّ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوَالِدَينِ إحسَاناً وَلاَ تَقتُلُوا أولاَدَكُم مِن إملاَقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإيَّاهُم وَلاَ تَقرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقِّ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ* وَلاَ تَقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أحسَنُ حَتَّى يَبلُغَ أشُدَّهُ وَأوفُوا الكَيلَ وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ لنُكَلِّفُ نَفساً إلاَّ وُسعَهَا وَإذَا قُلتُم فَاعدِلُوا وَلَو كَانَ ذَا قُربَى وَبِعَهدِ اللهِ أوفُوا ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ" (الانعام 151-152). فلما سمع أسعد هذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأنك رسول الله.

جاء في كتاب مصباح المنهاج / التجارة للسيد محمد سعيد الحكيم: وأما اعتبار المصلحة فقد يستدل عليه بقوله تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" (الانعام 152) فإن التفضيل يقتضي اعتبار المصلحة في التصرف عند الدوران بين بينه وبين عدمه، واعتبار الأشدّ أو الأكثر صلاحاً عند الدوران بين تصرفين أو أكثر. وهو وإن ورد في اليتيم، إلا أن إطلاقه يشمل الجدّ عند فقد الأب، فيلحق به الجدّ مع وجود الأب بعدم الفصل، والأب بذلك أيضاً، أو بالأولوية، لأن ذلك مقتضى ما تقدم من أولوية الجدّ في الولاية. فتأمل. لكن لم يتضح من الآية الشريفة إرادة التفضيل في التصرفات الخاصة التي يقوم بها الولي في مال اليتيم، ليكون مما نحن فيه، بل لعل المراد التفضيل في وجه الاستيلاء على مال اليتيم ووضع اليد عليه، وأن وضع اليد عليه لابد أن يكون على وجه الأمانة بما يناسب الحفظ والرعاية وصلاح المال، في مقابل الاستيلاء عليه من أجل الانتفاع به واستغلاله وأكله وإفساده، كما قد يناسبه جعل موضوع الترخيص هو القرب من المال بالوجه الأحسن في مقابل البعد عنه وتجنبه، لا التصرف الأحسن في مقابل التصرف غير الأحسن بعد فرض استيلاء الشخص على المال وجعله في حوزته. وإلى ما ذكرنا يرجع ما في مجمع البيان قال: (إلا بالتي هي أحسن) أي بالخصلة والطريقة الحسنى ولذلك أنث. وقد قيل في معناه أقوال: أحدها: أن معناه إلا بتثميره بالتجارة. وثانيها: بأن يأخذ القيم عليه بالأكل بالمعروف، دون الكسوة. وثالثها: بأن يحفظ عليه حتى يكبر.

جاء في كتاب اصول العقيدة للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: وجوب النظر في أدلة الدين على كل من بلغته دعوته: ومن جميع ذلك يظهر وجوب الفحص عن الدين الحق والنظر في الأدلة، لمعرفته والوصول إليه، تحفظاً من ضرر مخالفته على تقدير قيام الحجة الكافية عليه، وعدم اكتفاء الإنسان بما عنده. إلا أن يقطع معه بالسلامة، لاستفراغه الوسع في الفحص عن الحقيقة، والنظر في أدلتها وتنقيحه، بحيث يكون على بصيرة من أمره وعذر عند ربه. ولا فرق في ذلك بين من آمن بالله تعالى وبرسله وبالبعث والجزاء ومن لم يؤمن بهذه الأمور. فإن من لا يؤمن بها كيف يتسنى له اليقين بعدمها بوجه يعذر فيه عقلاً من دون فحص ونظر، مع وجود من يدعي ثبوته، وقيام الدليل عليه، وإلزام الحجة بها؟. وبعبارة أخرى: إذا بقي الإنسان غافلاً من دون تنبيه فقد يعتقد بدواً بأنه لا وجود إلا للمحسوس، وليس وراء هذه الحياة شيء. أما إذا خرج عن غفلته وبلغته الدعوة، وعلم أن هناك أمة كبيرة من الناس تدعي تحقق بعض الأمور غير المحسوسة ذات الأهمية الكبرى، وتحاول إثباتها والاستدلال عليه، فلا طريق له إلى اليقين بعدمها من دون نظر في أدلتها وحججه، لأن اليقين بالعدم كاليقين بالوجود لابد له من دليل. ولاسيما أن بعض من يدعي ذلك قد بلغ مراتب عالية في العقل والرشد والمعرفة، كالأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكثير من أتباعهم رضي الله عنهم. ومدعي القطع بالعدم مع ذلك من دون نظر في الأدلة مكابر مغالط، لا تنفعه دعواه مهما أصرّ عليها وتشبث به، ولا يكون معذوراً عقل، فلا يأمن من الضرر المدعى، الذي سبق وجوب دفعه. وأما دعوى: أنه يكفي في المعذرية الشك الحاصل له، ولا ملزم معه بالنظر في الدعوة والفحص عن أدلتها من أجل أن يعلم بالحقيقة ويتحمل مسؤوليته، لما هو المعلوم من قبح العقاب بلا بيان. فيدفعها أن الشك لا يكون عذراً عقلاً إلا بعد استفراغ الوسع في الفحص عن الأمر المشكوك. ويكفي في البيان الرافع للعذر البيان بالوجه المتعارف الذي من شأنه أن يطلع عليه الناس بالفحص والنظر. ولا أقل من احتمال ذلك، بسبب ما تظافرت الأدلة به من وجوب الفحص والنظر. وفي حديث مسعدة بن زياد: (سمعت جعفر بن محمد عليهم السلام وقد سئل عن قوله تعالى: "فَللّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ" (الانعام 149) فقال: إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد: أكنت عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهل، قال له: أفلا تعلمت؟ فيخصمه. فتلك الحجة البالغة لله عزّ وجلّ على خلقه). وحينئذٍ يجب الفحص دفعاً للضرر المحتمل. وإن تجاهل الإنسان ذلك كله، وأقام على جهله، غير مبال بعاقبته تسامحاً أو عناد، فشأنه وما اختار لنفسه، وعما قريب يصل إلى النهاية المحتومة، ويكشف الغطاء، وتتجلى الحقيقة، ويخسر المبطلون. و "لاَ يَنفَعُ نَفساً إيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أو كَسَبَت فِي إيمَانِهَا خَيراً قُل انتَظِرُوا إنَّا مُنتَظِرُونَ" (الانعام 158). وفي حديث العيص بن القاسم: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله، وانظروا لأنفسكم، فإن أحق من نظر لها أنتم. لو كان لأحدكم نفسان فقدَّم إحداهما وجرَّب بها استقبل التوبة بالأخرى كان، ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد ذهبت والله التوبة).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك